غزة في الأهلي والزمالك - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:32 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

غزة في الأهلي والزمالك

نشر فى : الإثنين 3 يونيو 2024 - 6:35 م | آخر تحديث : الإثنين 3 يونيو 2024 - 6:38 م

هى الساحرة المستديرة، إحدى أقوى اللعبات شعبية فى العالم، والأكثر إمتاعًا لجماهير متعطشة لتحقيق الانتصارات فوق المستطيل الأخضر، فلم تعد كرة القدم مجرد لعبة رياضية، بعد أن تحولت إلى صناعة لإدخال البهجة والترفيه على مليارات البشر الذين يتابعونها فى جميع البلدان، ومن المستويات الاجتماعية كافة، لا فرق فى تشجيع الفرق الكروية بين غنى وفقير، بين طفل وكهل، ولا رجل وامرأة، فالجميع فى حبها سواء.

هذه اللعبة الشعبية الأولى، التى تسقط الحواجز، وتقيمها أحيانًا، بين الأمم والشعوب، قد يرى فيها البعض أداة إلهاء للجماهير عن قضاياها الرئيسية، وربما يعتبرها البعض الآخر وسيلة لتمرير سياسات ما كان لها أن تمر لولا انشغال الناس بالصراع بين الفرق والمنتخبات على الكئوس والدروع (!!) لكن على الرغم من ذلك تمضى اللعبة فى طريقها غير عابئة بالمنتقدين بعد أن أضحت صناعة عملاقة تدر مليارات الدولارات والدنانير.

هذه المقدمة كانت ضرورية كمدخل لنقاش دار بينى وبين صديق عرفته من العالم الافتراضى فإذا بصداقته تتحول إلى أرض الواقع هو الأستاذ حسين الريدى الذى اكتشفت أنه تخرج فى كلية الإعلام جامعة القاهرة التى أنتمى إليها، وإن سبقنى بعدة سنوات، وهو القارئ المثابر على متابعة ما نكتب، والناقد المجتهد لكل ما يمر أمامه من مقالات وآراء، وعادة ما يلتحم، بحماس، لإبداء تعليقات تعكس خبرة الأيام والسنين.

الريدى، الموظف السابق بالوحدة المحلية لمدينة الفشن بمحافظة بنى سويف، هاله الإفراط فى التعبير عن الفرحة بتتويج النادى الأهلى بلقب دورى أبطال إفريقيا لكرة القدم للمرة الـ12 فى تاريخه عقب فوزه على نادى الترجى التونسى، وأعرب عن عتاب «غاضب» ومطول لتهنئة كتبتها على صفحتى على «فيسبوك» لجماهير نادى القرن، متسائلًا: هل يجوز لنا أن نقيم الأفراح والليالى الملاح، ونحن على وضع وخط الأزمة مع ما يجرى فى غزة؟

ويتساءل أيضًا: كيف يذهب عشرات الألوف لمتابعة مباريات الأهلى والزمالك فى وقت ينتفض الطلبة الأمريكيون، وينامون تحت أجواء الصقيع فى الخيام نصرة لأهل غزة، ألا نشعر نحن بالخجل إذا ما قارنا مواقفنا بمواقفهم؟

وجدتنى مطالبًا بالرد على تساؤلات الريدى وانتقاداته التى تحمل اتهامًا للقائمين على كرة القدم بإلهاء للناس، وشغلًا لهم عما يحيط بهم من أخطار، وأقول للصديق المعاتب، إن كرة القدم لم تعد مجرد لعبة على مستطيل أخضر، بل هى عمل قائم على الجهد والعرق والتدريب المتواصل، وتعبير عن مقدار ما وصلت إليه الشعوب فى إتقان فن الإدارة والتنظيم.

كما أن مباريات كرة القدم أصبحت وسيلة مهمة فى رفع الروح الوطنية وتوحيد القلوب والمشاعر بين الجماهير، والأهم أن تلك الجماهير لم يعد هناك أحد قادر على إلهائها، والدليل أن القضية الفلسطينية كانت حاضرة بقوة فى مدرجات مبارة الأهلى والترجى فى القاهرة ومباراة الزمالك ونهضة بركان فى المغرب، وسمعنا الهتافات المناصرة لفلسطين ورأينا اللافتات الداعمة لغزة.

أضف أن المعركة مع العدو الصهيونى ممتدة منذ عشرات السنوات، وستستمر ربما عشرات السنوات الأخرى قبل أن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم فى إقامة دولتهم واستعادة كامل ترابهم الوطنى، وأعتقد أن حياة الشعوب لن تتوقف، فكما واصلت مصر حياتها عقب هزيمة 5 يونيو 1967، قبل تحقيق النصر فى 6 أكتوبر 1973، سوف تستمر حياة الفلسطينيين وباقى الشعوب العربية، المهم ألا تحيد البوصلة عن التمسك بالحق.

كرة القدم لم تعد رجسًا من عمل الشيطان، وتجاوزت مرحلة أن تكون أداة للإلهاء، وعلى الرغم من سعى الساسة إلى استغلالها فى بعض الأحيان لكسب جماهيرية أو التغطية على بعض النواقص والسلبيات، ستظل كرة القدم تدخل علينا البهجة والسرور، وتسهم فى تخفيف النفوس من أثقال راكمتها الضغوط.

التعليقات