الهند.. عملاق صاعد في عالم الذكاء الاصطناعي - قضايا تكنولوجية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 سبتمبر 2025 3:40 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

الهند.. عملاق صاعد في عالم الذكاء الاصطناعي

نشر فى : الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 - 7:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 - 7:30 م

بفضل عدد سكانها الهائل وشغفها بالتكنولوجيا، برزت الهند كقوة عظمى فى مجال الذكاء الاصطناعى، لتصبح ثانى أكبر سوق لعمالقة التكنولوجيا مثل OpenAI وAnthropic. وعلى الرغم من التحديات المتعلقة بالبطالة والمخاوف من السيطرة الأجنبية، تتبنى الهند الذكاء الاصطناعى كأداة لتحقيق النمو والابتكار. نشرت جريدة «The Economist» مقالا يتناول كيف تستفيد الهند من هذه الطفرة التكنولوجية لتطوير حلول محلية قابلة للتوسع عالميا، خاصة أنها تملك من الكفاءات البشرية ما يؤهلها لدخول سباق الذكاء الصطناعى، وكيف يمكن أن يصبح نموذج الهند الفريد مصدر إلهام للدول النامية الأخرى.

نعرض من المقال ما يلى:

تشهد دولة الهند انطلاقة للذكاء الاصطناعى. فالهند تعد -الآن- ثانى أكبر سوق لشركة أوبن إيه آى OpenAI، التى تمتلك خدمة ChatGPT الخاصة بها 700 مليون مستخدم نشط فى جميع أنحاء العالم. كما تعتبر شركة أنثروبيك Anthropic، وهى شركة ذكاء اصطناعى ناشئة أمريكية، الهند ثانى أكبر سوق لها من حيث الاستخدام. وهذا لا يعكس فقط عدد سكان الهند الضخم، بل يشير أيضًا إلى شهيتها للتكنولوجيا الجديدة. وفقًا لشركة BCG (مجموعة بوسطن الاستشارية)، فإن 92% من موظفى المكاتب الهنود يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعى بانتظام، مقارنة بـ 64% فى أمريكا. وعلى النقيض من الدول الغنية، يعتقد أغلبية كبيرة من الهنود أن فوائد الذكاء الاصطناعى تفوق مخاطره.

يوضح المقال أن هذا الحماس تعزز من خلال تكتيكات «النمو السريع» لشركات وادى السيليكون. فمثلا، تبيع أوبن إيه آى روبوت الدردشة الخاص بها فى الهند بسعر أقل بخمس مرات من أرخص عرض أمريكى. أما شركة Grok، وهى شركة ناشئة تابعة لإيلون ماسك، فيبلغ سعر برنامج الدردشة الخاص بها ربع سعره الأمريكى. إضافة إلى Perplexity، وهى شركة ناشئة فى مجال الذكاء الاصطناعى التوليدى، فقد جعلت خدمتها مجانية لمدة عام لجميع مستخدمى بهارتى إيرتيل Airtel البالغ عددهم 360 مليونًا، وهى شركة اتصالات متنقلة هندية كبيرة.

ومع ذلك، حتى فى الهند، يسبب ازدهار الذكاء الاصطناعى القلق. يبلغ معدل بطالة الشباب فى البلاد 16%.  كما بلغ معدل نمو الوظائف فى قطاع الصناعة أقل بكثير مما كان مأمولًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى زيادة الأتمتة- وهو اتجاه يهدد الذكاء الاصطناعى بتسريعه أى الاعتماد أكثر على التكنولوجيا دون التدخل البشرى. وصلت تهديدات الذكاء الاصطناعى إلى العمل المكتبى أيضا -على ما يبدو- إذ صرحت شركة تاتا للخدمات الاستشارية Tata Consultancy Services، وهى أكبر شركة لخدمات تكنولوجيا المعلومات فى الهند، مؤخرًا أنها ستخفض عدد موظفيها لتصبح «جاهزة للمستقبل». وتتوقع جيفريز فايننشال جروب إنك Jefferies، وهى شركة خدمات مالية عالمية متنوعة، أن تحذو حذوها المزيد من شركات تكنولوجيا المعلومات.

لم تتوقف المخاوف الهندية عند تهديدات الذكاء الاصطناعى، فهناك تخوف من السيطرة الأجنبية. يخشى بعض صانعى السياسات والمستثمرين الهنود من أن تصبح بلادهم تعتمد على منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعى التى تسيطر عليها شركات من الخارج. لذا حرصًا من الحكومة الهندية على عدم البقاء خارج السباق التكنولوجى العالمى، استعانت بشركة Sarvam AI، وهى شركة ناشئة محلية، لبناء أول نموذج أساسى محلى الصنع فى الهند.

هذه المخاوف مفهومة. ومع ذلك، فإن الهند ستكسب من تبنى الذكاء الاصطناعى أكثر بكثير مما ستخسره. فالعديد من فوائد الانفتاح على شركات التكنولوجيا العالمية واضحة بالفعل. أولا، ستستفيد شبكة المدفوعات فى البلاد، التى تتعامل مع حوالى 700 مليون معاملة يوميًا، من استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى اكتشاف الاحتيال فى الوقت الفعلى. ثانيا، ستساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى التخفيف من النقص المزمن فى أعداد المعلمين والأطباء فى الهند.

كما أن التبعية الأجنبية أقل مشكلة مما قد تبدو. صحيح أن الهند لا تصنع أحدث النماذج أو أسرع رقائق الذكاء الاصطناعى. ولكن شركاتها يمكنها أن تبتكر بطريقة مميزة، من خلال تحويل الذكاء الاصطناعى إلى منتجات وخدمات عالمية المستوى، فالهند لديها من المقومات ما يؤهلها لذلك. تمتلك الهند ثانى أكبر تجمع للمطورين فى العالم على جيت هاب GitHub، وهى منصة للبرمجة، وسوقًا محلية ضخمة تتنافس فيها عمالقة التكنولوجيا العالمية والشركات المحلية جنبًا إلى جنب. وهذا يمنح شركاتها الموهبة وساحة الاختبار لإنشاء خدمات قابلة للاستخدام وبأسعار معقولة تفعل الأشياء التى يريدها الناس العاديون من الذكاء الاصطناعى.

بالفعل، يؤثر المستخدمون الهنود بشكل كبير على تطور نماذج الذكاء الاصطناعى الأكثر رواجًا. فقد أصبح الاستخدام الصوتى الطريقة السائدة للتفاعل مع أدوات الذكاء الاصطناعى فى الهند، ويعود السبب فى ذلك إلى تحديات القراءة التى يواجهها بعض المستخدمين. وبفضل قدرتها على تلبية احتياجات جمهور متنوع، أظهرت الشركات الهندية براعة فى تصميم خدمات الذكاء الاصطناعى.

أصبحت «India Stack» -المنصة الرقمية الهندية لتحديد الهوية والمدفوعات البيومترية- بالفعل نموذجًا يحتذى به فى بلدان أخرى. بعد نجاح منصة «India Stack»، قد تكون منتجات الذكاء الاصطناعى هى التصدير الهندى التالى؛ حيث تتميز بالبساطة والقدرة على التكيف مع احتياجات الدول النامية. خلاصة القول، إن مسار الهند التكنولوجى لن يكون مرآة لمسار أمريكا أو الصين، لكنه لا يقل أهمية عنهما. إن ما يحدث فى الهند قد يحدد مستقبل الذكاء الاصطناعى لمليارات الأشخاص فى البلدان النامية.

مراجعة وتحرير: وفاء هانى عمر

النص الأصلي

قضايا تكنولوجية قضايا تكنولوجية
التعليقات