رسالة إلى وزارة التعليم - سامح فوزي - بوابة الشروق
الأربعاء 24 سبتمبر 2025 2:34 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

رسالة إلى وزارة التعليم

نشر فى : الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 - 7:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 - 7:20 م

لن أتحدث عما يشغل الناس من مناهج، ومقررات، ودروس، وامتحانات، لكننى أتحدث عن شأن آخر يهم  قطاعًا من المثقفين، والحقوقيين، والإعلاميين، والأكاديميين بل ويهم هيئات حكومية، وأتصور أن ما سوف أتحدث عنه يهم وزارة التعليم فى المقام الأول، لكن لا بأس من النقاش، والحوار، وإثارة الجدل الثقافى حول عدد من الأفكار.

هناك أربع قضايا أساسية أتطلع أن تكون جزءًا من البرنامج الدراسى فى المدارس المصرية، ليس بالضرورة أن تكون دروسا فى كتب، وإن كانت تستحق أن تكون كذلك، لكنى أقترح أن تكون جانبا من الأنشطة المدرسية، التعليمية، والثقافية، والفنية، والرياضية. وأذكر، أن تلك الأنشطة كانت يوما ساحة حرب بين الدولة والتيارات المتطرفة التى سعت إلى اختراق المجتمع من بوابة التعليم، ليس من اليوم، ولكن منذ عدة عقود، عندما جففت منابع الأنشطة المدرسية، خاصة الفنية والثقافية وألقت بُردة التطرف على المكتبات، وامتد تأثيرها فى بعض الحالات إلى منع تحية العلم. قد لا تستطيع الآن تلك التيارات أن تمارس تأثيراتها السابقة داخل المدارس، لكن من دواعى تحصين أبنائنا أن ننتقل من المواجهة السلبية إلى العمل الإيجابى من خلال تعزيز عدد من المجالات الأساسية فى الأنشطة المدرسية.

أولا: التربية المدنية، من خلال تعزيز مشاركة الطلاب والطالبات فى الشأن المدرسى، عبر آليات ديمقراطية داخلية، تمارس بشكل حقيقى، ودفعهم إلى المشاركة فى الأنشطة المجتمعية، بالتعاون مع المجتمع المدنى، ولاسيما فى تلك الفترة ينظر فيها إلى الجمعيات الأهلية باعتبارها شريكا أساسيا للحكومة فى مبادرات التنمية.

ثانيا: ثقافة حقوق الإنسان، من خلال نشر مفاهيم حقوق الإنسان، مما يجعل النشء والشباب لديه الوعى، والمعرفة بحقوق وواجبات المواطن منذ فترة مبكرة من حياته، ولا ننتظر أن نتحدث معه عن المواطنة بعد أن يتخطى مرحلة التكوين الأساسية، خاصة فى ضوء الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى أوشكت على انتهاء مدتها عام 2026، ونتطلع إلى استراتيجية جديدة، تعزز ثقافة حقوق الإنسان، فكرا وممارسة.

ثالثا: التربية الإعلامية، حيث يواجه النشء والشباب فى تلك المرحلة العمرية تحديات جمة نتيجة التفاعل مع العالم الرقمى، خاصة وسائل التواصل الاجتماعى؛ حيث يتلقون الكثير من الأفكار السلبية من عنف وإباحية وشائعات ومحاولات تشكيك، مما يجعل من الضرورى تقديم برامج وأنشطة تساعد الجيل الصغير على التعامل مع الفضاء الإلكترونى، بما يفيدهم، ولا يسبب لهم ضررًا نفسيًا وإنسانيًا وأخلاقيًا ودينيًا، ولاسيما مع تزايد استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى.

رابعًا: التطوع فى العمل الأهلى؛ حيث يعد ذلك بوابة يتعلم النشء والشباب من خلالها قيم العطاء، والتعاون، والارتباط بالاحتياجات الإنسانية والتنموية فى المجتمعات، وهو ما يساعد على مواجهة أفكار سلبية مثل العنف والتنمر والكراهية ورفض الآخر، وينتج صيغًا للتعاون بين الجيل الصغير، رغم الاختلاف بينهم فى اللون أو المعتقد أو النوع أو الخلفية الاجتماعية، ويعد ذلك إحدى وظائف المؤسسة التعليمية فى تحقيق التماسك الاجتماعى، ونشر قيم التسامح والتنوع وقبول الاختلاف.

هذه مجالات أربع، لكنها ليست الوحيدة المطلوبة، إذ إن هناك مجالات أخرى أكثر اتساعًا لتنشئة الجيل الصغير على التفكير النقدى، والنظرة الإنسانية، ومواجهة التطرف، وتعزيز الهوية الوطنية، وجميعها تحتاج إلى اهتمام من وزارة التعليم من خلال لقاءات موسعة مع المثقفين والخبراء، دون أن تحصر دورها فى قضايا التعليم، التى يثار حولها الجدل لكثرة التعديلات التى تطرأ عليها، فإن دور الوزارة يرتبط بتكوين النشء، والأجيال التى سوف تصبح هى الطاقة الفاعلة فى المجتمع خلال بضع سنوات.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات