«تحديات وحلول» شعار يبدو بسيطا، لكنه يحمل فى طياته العديد من التفاصيل والتفريعات خاصة عندما يطرحه منتدى دولى للاتصال الحكومى احتضنته إمارة الشارقة، بدولة الإمارات العربية المتحدة، على مدى يومى الأربعاء والخميس الماضيين لمناقشة التحديات التى تواجهها الحكومات فى الوقت الراهن، والطريقة الفعالة فى التعامل مع تلك التحديات على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية.
المنتدى الذى شرفت بحضوره ضمن نخبة كبيرة من الساسة وقادة الرأى والفكر وخبراء الإعلام الذين جاءوا من عشرات البلدان على مستوى العالم، تحولت جلساته الرئيسية، والفرعية، إلى ساحة لطرح الأفكار، وتبادل الخبرات فى العديد من المجالات التى ركزت بالأساس على أهمية التواصل بين الأمم والشعوب لتفادى الكثير من الأزمات والحروب.
ووسط دعوات لتحقيق التوازن والتنوع الثقافى واحترام خصوصيات الأمم والشعوب، هيمن مستقبل الإعلام بأشكاله المتنوعة على العديد من جلسات المنتدى الدولى للاتصال الحكومى الذى افتتحه الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمى، ولى العهد نائب حاكم الشارقة، ولم تكن المشكلات التى تواجه إعلامى الغد بعيدة عن ورش العمل التى وقفت على مشاكل الصحافة فى الوقت الراهن، وقضية مناهج الإعلام وكيفية تطويرها.
نقاش ساخن شهدته جلسة تناولت مستقبل كليات الإعلام فى الوطن العربى نظمته جامعة الإمارات، ضمن المنتدى، وشارك فيها الأمير الدكتور سعد بن سعود بن محمد آل سعود عميد كلية الإعلام والاتصال جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والدكتورة هبة الله السمرى، عميد كلية الإعلام جامعة النهضة حاليا والقاهرة سابقا، والدكتور تحسين منصور، عميد كلية الإعلام بجامعة اليرموك.
الجلسة شهدت أخذا وردا بين رؤيتين الأولى للأكاديميين على المنصة والثانية للصحفيين الممارسين المتواجدين وسط الحضور حول دور كل منهما فى إعداد الطلاب نظريا وتدريبهم عمليا لامتلاك أدوات العمل الصحفى، حيث تبادل كل طرف الاتهام بالتقصير، فالأمير سعد بن سعود الذى قال إن الطالب يتخرج وهو لا يمتلك مهارات التحرير والصياغة السليمة، طالب المؤسسات الصحفية «الشريكة» بمنح المتدربين اهتماما وجهدا أكبر.
وردا على ما طرحته خلال مداخلتى عن تراجع مستوى خريجى كليات الإعلام فى السنوات الأخيرة، دافعت الدكتورة هبة الله السمرى، بنبرة هادئة، عما تقدمه كليات الإعلام من جهد فى إعداد الطلاب نظريا وعمليا، وضربت المثل بتوقيع كليتها العديد من بروتوكولات التعاون مع المؤسسات الصحفية لتدريب طلابها، ولم تغفل عميد إعلام النهضة الحديث عن ضرورة تدريب أعضاء هيئات التدريس أنفسهم على التطورات العالمية فى مجال الإعلام.
وخلال نقاش دار بيننا على هامش تلك الجلسة قال الدكتور ياسر عبدالعزيز الإعلامى والكاتب الصحفى، أنه عمل فى الجامعة، كما عمل صحفيا ومدربا للصحفيين والإعلاميين، وخلاصة تجربته «أن مخرجات كليات الإعلام فى العالم العربى، ضعيفة وعلى عكس ما يعتقد الأساتذة والمسئولون عن تلك الكليات، فإن القضية ليست فى ضعف القدرات العملية، لكن الضعف الأكبر فى القدرات النظرية لدى الطلاب».
وغير بعيد عن هذا النقاش، لكن بشكل انصب على الجوانب العملية أكثر، شهد اليوم الثانى للمنتدى جلسة «حوار الأجيال: خبرات ومعارف إعلامية»، تحدثت فيها المذيعة الأشهر الدكتورة هالة سرحان، ورندة حبيب، المدير الإقليمى السابق لوكالة الأنباء الفرنسية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وراشد الحمر، رئيس تحرير صحيفة الأيام الإلكترونية.
هذه الجلسة غلب عليها الحديث عن هموم وآمال الصحفيين مع التأكيد على أن حرية الرأى والتعبير هى الطريق الأمثل لصنع الصحفى القادر على مواكبة التحديات الإعلامية فى عالم متسارع الخطوات، وفيما أكدت د. هالة سرحان على دور الجيل السابق من الصحفيين فى الأخذ بيد الجيل الجديد نحو خلق صحافة شفافة تعالج مشكلات المجتمع، شددت رندة حبيب على ضرورة استعداد الصحفى لكل المخاطر التى قد تواجهه.
منتدى الشارقة كان فرصة للوقوف على المستجدات فى عالم الاتصال الحكومى، ودور الإعلام فى خلق التفاهم بين الشعوب جنبا إلى جنب التواصل المباشر مع زملاء وأبناء مهنة البحث عن المتاعب فى العديد من البلدان، وهى خدمة إضافية قدمها لنا المنتدى الذى يتمتع بقدرة عالية على الابتكار والتنظيم.