مساعدات إنسانية تتحوّل إلى فخ للموت - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 6 يونيو 2025 9:03 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

مساعدات إنسانية تتحوّل إلى فخ للموت

نشر فى : الخميس 5 يونيو 2025 - 7:00 ص | آخر تحديث : الخميس 5 يونيو 2025 - 7:02 م

مجزرة العلم غرب مدينة رفح بحق الفلسطينيين النازحين فى طريقهم لاستلام المساعدات من مركز (جمعية غزة الإنسانية) GHF والمحمية من شركة أمريكية أمنية لتوزيع المساعدات.

المعلومات تشير لسقوط 31 شهيدا وأكثر من 90 مصابا بينهم حالات خطرة جدا فى مجزرة نفذها جيش الاحتلال بحق النازحين. هذه المجزرة الثانية خلال يومين.

باختصار، إسرائيل تفتح مراكز تحت مسمى «إغاثة» (مع أنها تنكر افتتاحها)، وتطلب من الناس التوجه لاستلام المساعدات، والوقوف والانتظار لساعات طويلة وفى طرق وعرة ومنطقة مدمرة وغير آمنة وفى مراكز شبيهة بمراكز الاحتجاز، ثم تطلق النار عليهم لـ«تحركهم بطريقة مشبوهة».

وكالعادة سيحقق الجيش الإسرائيلى مع نفسه ويصدر الجيش رواية كاذبة ومضللة ويقول: «أثناء تحرك الحشود على الطرق المخصصة للوصول إلى مركز التوزيع، على بُعد حوالى نصف كيلومتر من المركز، رصدت قوات الجيش الإسرائيلى عددا من المشتبه بهم يتجهون نحوهم.

وفى رواية الصليب الأحمر بأنه فى الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء الماضى، أُعلن عن وقوع حادثة مأساوية فى مستشفى المنظمة الميدانى فى رفح. وصل إجمالى عدد المصابين إلى 184 مصابًا، أُعلن عن وفاة 19 منهم فور وصولهم، وتم تحديد وفاة ثمانية آخرين لاحقًا. كما وصل صباح الإثنين الماضى 50 مصابًا إلى المستشفى، توفى منهم اثنان. وكان الأمر نفسه قبل يوم الإثنين الماضى - 179 مصابًا، توفى منهم 27.

فى اليوم الأول، أفاد الصليب الأحمر أن جميع الجرحى أفادوا بأنهم فى طريقهم إلى مركز توزيع الغذاء التابع لجمعية غزة الإنسانية GHF، وهى منظمة أمريكية غير ربحية، لا يُعرف مصدر تمويلها، وترفض الكشف عن أعضاء مجلس إدارتها. يوم الإثنين الماضى، كررت الجمعية نفس الخطاب لم يكن هناك إطلاق نار فى منطقة التوزيع أو محيطها المباشر. واليوم، أعلنت الجمعية أنها على علم بذلك.

الجيش الإسرائيلى يُجرى تحقيقًا «فيما إذا كان أى مدنيين قد أصيبوا بعد تجاوزهم الممر الآمن المُخصص لهم ودخولهم المنطقة العسكرية المغلقة». أقر الجيش الإسرائيلى فى اليوم الأول من إطلاق النار بوجود «إطلاق نار من مسافة بعيدة» على بُعد كيلومتر واحد تقريبًا من مقر الفرقة، لكنه نفى وجود صلة بينه وبين الشهداء. وقد سبق أن تحدثوا يوم الإثنين الماضى عن أن الحادثة قيد التحقيق، وصرحوا بذلك يوم الثلاثاء الماضى.

أطلق الجنود، صباح الثلاثاء الماضى، النار لإبعاد المشتبه بهم، وحيث أنهم لم يبتعدوا، أطلقوا النار «بقربهم». هذا فى الواقع اعتراف كامل بالقتل. للعلم جميع البيانات التى تنشر ليست من وزارة الصحة التابعة لحماس. وزعت جمعية غزة الإنسانية GHF ، الأحد الماضى، «فيديو» كدليل على عدم وقوع إطلاق نار فى المركز.

فى الواقع، لا يوجد إطلاق نار هنا، هناك حشود من الناس يعانون الجوع ويندفعون نحو الحصول على صناديق المواد الغذائية الأساسية، قبل شروق الشمس، لحملها فى طرق وعرة وعبر الرمال الواصلة إلى مخيمات النازحين. شهود العيان قالوا لم يكن أى من المسلحين. طريقة التوزيع والمركز يقع فى منطقة عسكرية لخدمة أهداف عسكرية، وليس إنسانيا بالمعنى الحرفى للكلمة. أو آمنا، أو محميا.

من واقع الخبرة وتجاربنا السابقة والحالية، يعد رد الجيش الإسرائيلى نموذجيا لردود فعل الجيش الإسرائيلى على جرائم الحرب التى ترتكب بهذه الطريقة، أكثر من الإنكار الشامل كالأول. كما أنه يتوافق مع ما نعيشه ونعرفه عن الوضع الفعلى على الأرض. ومع ذلك، فإنّ مجرد اختلاف ردود الفعل حول حدثين متشابهين من حيث التغطية الإعلامية فى غزة من حيث ظروف المكان والزمان أمر غير مألوف، على أقل تقدير، لكنه مألوف لدينا. وهو أن الجيش الإسرائيلى مستمر بارتكاب جرائم حرب فى غزة منذ بداية الإبادة. وهى تستحق كل العقوبات والجزاءات الممكنة التى من المفترض أن يتم محاسبته عليها، وتقديم المسئولين الإسرائيليين للعدالة.

المجتمع الدولى مطالب اليوم، وبصوت واضح، بالضغط لوقف هذه الجرائم، وإنهاء عمل المنظمات التى تساهم فى عسكرة العمل الإنسانى وتحويله إلى فخاخ قاتلة. وإنهاء حرب الإبادة وعمل الجمعية الأمريكية، التى تعتبر ضمن آلة الحرب، وأصبحت مصائد للموت والقتل.

كما يجب المطالبة بتحقيق دولى مستقل، ومحاسبة المسئولين الإسرائيليين عن هذه المجازر المتكررة، التى تُنفذ بدم بارد وتُبرر بكلمات جوفاء.

مصطفى إبراهيم

جريدة القدس الفلسطينية

التعليقات