ماذا يفعل جيش أوغندا فى جنوب السودان؟ - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:58 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا يفعل جيش أوغندا فى جنوب السودان؟

نشر فى : السبت 8 فبراير 2014 - 5:30 ص | آخر تحديث : السبت 8 فبراير 2014 - 5:30 ص

كتب كين أوبالو مقالا نشر على الموقع الإلكترونى لمجلة ذا كريستيان ساينس مونيتور حول سعى أوغندا لتكون قوة إقليمية، عسكرية مغامرة. حيث اعتراف الرئيس يورى موسيفينى فى يناير 2014 أن قوات جيش الدفاع الشعبية الأوغندية تشارك فى عمليات قتالية فى جنوب السودان، بعد التداعيات السياسية فى جوبا وتصاعد القتال بين القوات الموالية للرئيس السابق كير التى هددت السيد مشار بالقيام بعمل عسكرى اذا لم يقبل التفاوض مع السيد كير.

غير أن تدخل الجيش الاوغندى فى الصراع قد يعرض للخطر اتفاق وقف إطلاق النار الذى تم توقيعه فى 23 يناير 2014 بأديس أبابا. ومن المفترض أن تكون لمنظمة «إيجاد» (الهيئة الحكومية للتنمية) حكما محايدا ومراقبا فى الصراع. كشف الرئيس السودانى البشير بالفعل تدخله فى دعم جوبا ضد مشار، لأن الخرطوم تحتاج مساعدة جوبا فى إضعاف تمرد رديف جيش التحرير الشعبى السودانى ( فى الشمال). ونتيجة لسرعة تدهور الأوضاع الاقتصادية فى السودان يحتاج البشير إلى الحفاظ على تدفق النفط من أجل درء الاضطرابات الداخلية.

و كان استعداد كير للتخلى عن جيش التحرير الشعبى السودانى (الشمالى) متوقعاً لأنه قسم من «أبناء جارانج» الذين احتلوا مكانة خاصة فى الجيش الشعبى بقيادة جارانج. ويسعى كل من مالك عقار زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان (الشمالى) وجارانج نحو سودان موحد.

وتتخوف الخرطوم، لأسباب تاريخية، من تدخل كمبالا عسكريًا فى جنوب السودان. ولا ترغب الخرطوم فى دولة جنوب السودان قوية خالية من المتمردين، لأن ذلك من شأنه حرمانها من وكلاء للحفاظ على جوبا تحت المراقبة. ويمكن أن يؤدى تورط أوغندا إلى ترجيح كفة الميزان لصالح جوبا فى مواجهة حلفاء البشير.

<<<

كما يعرض الكاتب القلق المتزايد فى نيروبى وأديس أبابا إزاء مطالبة أوغندا بضرورة أن تسدد «إيجاد» فاتورة مغامرات قوات الدفاع الشعبية الأوغندية بجنوب السودان. فى حين تفضل كل من إثيوبيا وكينيا تسوية النزاعات على طاولة المفاوضات، وذلك لأن قوات كل منهما تدعمها الجماعات المسلحة المحلية.

ويتناقض حذر نيروبى وأديس أبابا إزاء إرسال قوات أو أموال من أجل قضية عسكرية فى جنوب السودان، مع اختيار كمبالا العمل العسكرى من لحظة بدء الاضطراب الحالى فى جوبا، على الرغم من أن لأوغندا أيضا جنودًا يخدمون فى الصومال.

ثم أثار الكاتب سؤالاً: ما الذى يفسر مغامرة أوغندا العسكرية الدولية تحت حكم موسيفيني؟ واوضح ان الجواب يكمن فى التقاء التاريخ، والجغرافيا السياسية الدولية، مع السياسة الداخلية فى أوغندا. حيث تعتبر أوغندا من أكثر الدول عسكرة فى أفريقيا، يتمتع الجيش بتمثيل مباشر فى البرلمان. كما أن لديه تاريخا من الاشتباكات القتالية فى بعض الدول المجاورة.

ثم روى عن دعوة البلد فى الآونة الأخيرة للمزيد من التكامل داخل جماعة شرق أفريقيا (إياك). كما أن أوغندا أيضا لاعبا رئيسيا فى القوة الأفريقية للاستجابة الفورية للأزمات (أسيراك)، وقادرة على النشر السريع للقوات فى بؤر التوتر فى أفريقيا.

وبدأ موسيفينى جيش المقاومة الوطنية، باسم جيش المقاومة الشعبية فى تنزانيا، ثم أقام علاقات إقليمية، تجمع رواندا، السودان وقادة جبهة تحرير موزمبيق. استمرت حتى بعد أن صعد إلى السلطة فى عام 1986.

وبمجرد وصول موسيفينى إلى السلطة، نصب نفسه ضامنًا للسلام والاستقرار فى أوغندا، ونجم عن ذلك استقرار نسبى فى الاقتصاد الكلى، مع معدل نمو بلغ حوالى 6 فى المائة خلال معظم عام 1990. الأمر الذى اثار إعجاب الجهات المانحة الغربية والمؤسسات المالية الدولية.

ومع ذلك، ظل سجل موسيفينى فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان مشكوكا فيه. وهو ما يضعه فى موقف حرج امام الغرب. ولكنه عمل بجدية لجعل أوغندا لاعبًا استراتيجيًا فى الجغرافيا السياسية فى المنطقة، حفاظاً على مكانته الدولية والمحلية.

وذكر اوبالو انه فى أوائل التسعينيات شاركت أوغندا عسكريا فى عدد من الدول المجاورة. وأثار دعمها لجيش التحرير الشعبى السودانى غضب الخرطوم، التى دعمت بدورها جيش الرب للمقاومة فى شمال أوغندا.

وبعدها، شن الجيش الأوغندى الغارات ضد قواعد جيش الرب للمقاومة فى السودان فى حين قدم أيضا المساعدة القتالية لجيش التحرير الشعبى. حيث، شهدت معركة 1997 فى «ياي» اصطفاف جنود أوغندا إلى جانب جيش التحرير الشعبى ضد القوات المسلحة السودانية.

وعقب إعلان الرئيس الامريكى بيل كلينتون السودان كدولة راعية للإرهاب، نصَّبَت أوغندا نفسها حليفًا قى جبهة «الحرب العالمية على الإرهاب». وعملت كمبالا كوسيط لتوصيل مساعدات الولايات المتحدة إلى جيش التحرير الشعبي؛ مما عزز العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وأوغندا. وليس أدل على ذلك من دعم أوغندا فى عام 2003 للحرب على العراق بقيادة الولايات المتحدة.

وكان دافع أوغندا لغزو الكونغو الديمقراطية، مزيجًا من الرغبة فى كسب الموقع الجغرافى السياسى الاستراتيجى جنبا إلى جنب مع الحاجة إلى تأمين أسواق السلع الأوغندية، والسياسة الداخلية.

وذكر عن حرب الكونغو الأولى (1996-1997) انها كانت خاطفة، تهدف لمساعدة لوران كابيلا (ساعدته أيضا رواندا وأنجولا). وبعد فترة وجيزة، اختلفت أوغندا، ورواندا مع كابيلا، مما تسبب فى حرب الكونغو الثانية (1998 ــ 2003)، التى ضمت أربع دول أفريقية أخرى. ومن ثم، انهارت واجهة التدخل من أجل الاستقرار الإقليمى تمامًا. واستغل قادة أوغندا ورواندا شبكات التهريب والتجارة شبه شرعية عبر الحدود، لتنظيم النهب واسع النطاق للموارد الطبيعية فى شرق الكونغو.

وجعلت التحالفات التاريخية مع الحركة الشعبية ضد جيش الرب للمقاومة والقوات المسلحة السودانية، من كمبالا وجوبا حليفين طبيعيين. والتدخل كان لتأمين أسواق السلع الأوغندية، فوفقا لبنك أوغندا المركزى، فى عام 2012 بلغت صادرات البلاد إلى جنوب السودان ما يقدر بنحو 1.3 مليار دولار.

<<<

أضاف الكاتب ان قبضة موسيفينى على السلطة وعلى القوات المسلحة فى أوغندا ظلت قوية، مثلما كانت دائما. ثم انحصرت المغامرات الدولية فى أوغندا فى زوايا ضيقة. فهى دولة غير ساحلية، وقليلا ما توفر الدول الواقعة على حدودها قواعد خلفية للجماعات المسلحة الأوغندية. وعلاوة على ذلك، فإن اكتشاف النفط على طول الحدود المعرضة للصراع فى الكونغو، والحاجة إلى خطوط أنابيب تصل إلى البحر لتصدير النفط الأوغندى، يستلزم مشاركة إقليمية أكبر.

واختتم الكاتب مقاله برؤية ان مغامرات أوغندا خارج حدودها ترجع إلى التاريخ الشخصى الغريب لموسيفينى، ولكن حتى بعد موسيفينى ستواصل البلاد النظر فيما وراء حدودها، بحثا عن الفرص الاقتصادية، والأمن، والمكانة الإقليمية.

التعليقات