هذه الأزمة ليست سوى الأولى فى سلسلة أزمات متتالية - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:40 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هذه الأزمة ليست سوى الأولى فى سلسلة أزمات متتالية

نشر فى : الأربعاء 8 أبريل 2020 - 10:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 8 أبريل 2020 - 11:29 م

نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للكاتب «فريد زكريا» يوضح فيها سلسلة الأزمات التى سيواجهها العالم، وأن أزمة فشل أنظمة الرعاية الصحية ما كانت إلا أول أزمة فى هذه السلسلة... نعرض منه ما يلى:
على الرغم من أننا قد بدأنا للتو فى مواجهة الصدمة الناتجة عن كوفيدــ 19، إلا أن الحقيقة المرة هى إننا فقط فى المراحل الأولى من سلسلة من الأزمات سيتردد صداها حول العالم، ولن يكون فى استطاعتنا العودة لما كانت عليه حياتنا الطبيعية ما لم تتمكن القوى الكبرى من إيجاد طريقة للتعاون وإدارة هذه المشاكل سويا.
المرحلة الأولى هى أزمة الرعاية الصحية فى اقتصاديات العالم الكبرى. المرحلة التالية هى الشلل الاقتصادى الذى بدأنا فى فهمه للتو. فقط فى الأسبوعين الماضيين، فقدت الولايات المتحدة ما يقرب من 10 ملايين وظيفة، متجاوزة 8,8 مليون وظيفة فقدت فى 106 أسابيع خلال الركود فى فترة 2008ــ 2010... هذه فقط البداية.
الأزمة التالية فى سلسلة الأزمات ستكون خطر تخلف الدول عن سداد ديونها. دخلت إيطاليا الأزمة بأعلى مستوى من الدين العام فى دول منطقة اليورو، وثالث أعلى دولة على مستوى العالم. سيتفاقم الدين بصورة كبيرة فى ظل تزايد الإنفاق من أجل مكافحة التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا. إيطاليا تمتلك ثالث أكبر اقتصاد فى أوروبا، وستكون واحدة من العديد من الدول التى ستواجه انهيارا ماليا. وسيحدث هذا فى الوقت الذى تغرق فيه أكثر الاقتصاديات ديناميكية فى أوروبا، التى لطالما وفرت الأموال والضمانات لعمليات الانقاذ والدعم.. فألمانيا تتوقع أن ينكمش اقتصادها بنسبة 5% هذا العام.
بعد ذلك تأتى الانفجارات فى العالم النامى... حتى الآن، أعداد المصابين منخفضة فى دول مثل الهند والبرازيل ونيجيريا وإندونيسيا، والسبب المحتمل فى ذلك هو أن ارتباطات التجارة والسفر فى هذه الدول أقل من العالم المتقدم. إلى جانب ذلك، فحصت هذه الدول عددا قليلا من الأشخاص، مما يجعل أعداد المصابين فيهم منخفضا. إذا لم نكن محظوظين، وتبين أن ارتفاع الحرارة يقاوم الفيروس، فإن هذه الدول ستتضرر بشدة... فجميعهم يعانون من ضائقة مالية، وبالتالى فقدان عائدات الضرائب مع الحاجة إلى إعانات جديدة من الممكن أن تدفعهم بسهولة إلى ظهور نسختهم من الكساد العظيم.
ثم هناك دول النفط... حتى لو حُل الخلاف بين المملكة العربية السعودية وروسيا، فإن الطلب على النفط انهار ولن يتعافى قريبا. فواحد ممن يعملون فى المجال أشار إلى أن شركته تتوقع انخفاض سعر النفط إلى 10 دولارات للبرميل مع البقاء على هذا المستوى... هذا سيمثل صدمة لدول مثل ليبيا ونيجيريا وإيران والعراق وفنزويلا، وهى دول تشكل فيها عوائد النفط النسبة الأكبر من إيرادات الحكومة وتتحقق الأرباح فى سعر 60 دولارا للبرميل أو أكثر... هذا يجعلنا نتوقع اضطرابات سياسية وأزمات لاجئين وحتى نشوب ثورات بدرجة لم نشهدها منذ عقود.. لم نشهدها حتى عندما وصل سعر البرميل إلى 10 دولارات مع انهيار الاتحاد السوفيتى.
يواجه العالم هذا الوباء فى ظل وجود تحديين. أولا الغرق فى الديون، العامة والخاصة. فى حين يبلغ الناتج المحلى الإجمالى العالمى 90 تريليون دولار، يبلغ الدين العام والخاص 260 تريليون دولار. الاقتصادان الرائدان فى العالم، الولايات المتحدة والصين، نسبة مديونيتهما إلى الناتج المحلى الإجمالى 210% و310% على التوالى. ربما كان من الممكن إدارة هذا التحدى لولا وجود التحدى الثانى. هذه الأزمة تحدث فى وقت انهار فيه التعاون الدولى وتخلى القائد والمُنظِم التقليدى، الولايات المتحدة، عند هذا الدور تماما.
فى الشهر الماضى، لم يتمكن اجتماع مجموعة السبع من إصدار بيان مشترك، لأن الولايات المتحدة فى معركة تشبه معارك مدارس الثانوية العامة رفضت التوقيع على أى وثيقة لا تصف الوباء بأنه «فيروس ووهان». المحور الرئيسى لأى جهد عالمى هو التعاون الوثيق بين الصين والولايات المتحدة.. ولكن، على الرغم من هذا، فإن العلاقة بينهما فى تراجع مستمر يقوم فيها كل جانب بتبرئة نفسه وإلقاء اللوم على الآخر. الاجتماع اللاحق لمجموعة العشرين لم يكن ذا أهمية تذكر. وتأخر الاتحاد الأوروبى فى إدراك حجم خطورة الوباء، وما ألقته رئيسة البنك المركزى الأوروبى من بيان متهور تسبب فى أسوأ انهيار للبورصة الإيطالية فى تاريخها.
ما الذى يمكن تحقيقه من التعاون العالمى؟ بما أن الكثير من استراتيجية الاحتواء تتضمن السفر، فستكون أكثر فاعلية إذا تم تنسيق حظر السفر. خلال فترة الركود 2008ــ 2009، عملت البنوك المركزية والحكومات مع بعضها البعض للمساعدة فى احتواء العدوى المالية وتخفيفها. بدون بعض المساعدة وتنسيق الجهود، ستنفجر دول مثل العراق ونيجيريا، وهو ما قد يعنى انتشار اللاجئين والمرض والإرهاب خارج حدودهم. إذا قامت الدول الغنية بتجميع الأموال وتبادل المعلومات، فسيسرع ذلك من الوصول للعلاج واللقاح. وعندما يحين الوقت لإعادة فتح الاقتصادات، فإن العمل المنسق ــ بشأن التجارة والسفر على سبيل المثال ــ سيكون له تأثير كبير.
المشكلة التى نواجهها واسعة وعالمية، ولكن مع الأسف، الاستجابات ضيقة ومحدودة.


اسم المعد: ابتهال عبدالغني

النص الأصلى: من هنا

التعليقات