أبعد من تغيير الوجوه - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أبريل 2025 5:50 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

أبعد من تغيير الوجوه

نشر فى : الإثنين 8 يوليه 2024 - 6:10 م | آخر تحديث : الإثنين 8 يوليه 2024 - 6:10 م

مشكلات المواطن المصرى يعرفها القاصى والدانى، فهى لم تعد عصية على رجل الشارع وحتى أكبر مسئول، فالجميع يدركون كم المعاناة التى يواجهها المصريون يوميا مع مفردات معيشتهم، فغلاء الأسعار يكوى الجيوب، لم تعد هناك سلعة لم يطالها ارتفاع الأسعار، وعلى الرغم من الجهود والمبادرات التى تضعها الدولة لوقف قفزات الأسعار فى العديد من السلع، فإن الثابت أن دخول الغالبية العظمى من المواطنين تظل أضعف من القدرة على مسايرة الأسواق.
وفى عالم الخدمات التى لا يستغنى عنها أى مواطن نحن أمام تدنى مستوى ما يقدم فى مجالى الصحة والتعليم، وجميعنا يلمس واقع المستشفيات العامة، وحتى الخاصة التى ترتفع فاتورة خدماتها بشكل غير مسبوق، وتجارب المواطنين فى البحث عن العلاج كفيلة بإطلاعنا على كم المعاناة، فى ظل نقص حاد فى العديد من الأدوية وخاصة التى تعالج الأمراض المزمنة.
وفى التعليم أصبح لدينا موزاييك من المدارس والجامعات العامة والخاصة والأجنبية، وارتفاع المصروفات القاسم المشترك بينها، لكن المخرجات لا ترقى، للأسف، لحجم الإنفاق الذى تتحمله الأسر المصرية لتعليم الأبناء، والشكوى الدائمة فى سوق العمل من تدنى مستوى الخريجين وعدم تلبيتهم للاحتياجات الحقيقية للوظائف التى تتطلب مهارات وقدرات تفتقر إليها نسبة كبيرة من المتخرجين.
وفى الاقتصاد والسياسة كانت المشكلات والتحديات التى تواجه المجتمع المصرى محل مناقشات مستفيضة على طاولة «الحوار الوطنى» الذى خرجت عنه توصيات ونصائح للحكومة، وجميعها تستهدف الخروج من دائرة الديون، ومنع التوسع فى الاقتراض، والتخفيضات المتوالية لقيمة الجنيه مقابل الدولار، فى ظل انكماش دور الأحزاب والقوى السياسية فى المشهد العام، تآكل واضح فى حرية الرأى والتعبير، وتراجع دور الصحافة فى التفاعل مع الرأى العام، والاكتفاء بصحافة البيانات والمصادر المجهلة.
اليوم نحن أمام حكومة جديدة، شهد توسعا فى تغيير الوجوه، وزراء ومحافظين، وفى أول لقاء مع الصحفيين، غداة حلف اليمين الدستورية، تحدث الدكتور مصطفى مدبولى مطولا عن التحديات التى تواجه حكومته، وعن الأهداف التى وضعتها، والخطوط العريضة والتفصيلية للتغلب على المشكلات التى يعانيها المواطن المصرى وخاصة قضية الأسعار وضرورة ضبط الأسواق.
لم يغفل الدكتور مدبولى الحديث عن انقطاع الكهرباء باعتبارها الشغل الشاغل حاليا مع تأكيده على الوعد الذى قطعه فى حكومته السابق بإنهاء هذه المشكلة فى الأسبوع الثالث من شهر يوليو الجارى.
وعن صلب الأهداف التى ستركز الحكومة على تحقيقها، قال إن بناء الإنسان المصرى فى مقدمة الأولويات، و«هو يعنى الصحة والتعليم على الأخص بجانب الثقافة»، مشيرا لهدف آخر يتمثل فى تطوير البنية السياسية، من خلال العمل على زيادة تطوير منظومة الحوار الوطنى، وتفاعل أكثر فى الاتجاهين بين الحوار الوطنى والحكومة، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطنى التى تم وضعها خلال الفترة المقبلة.
تحدث رئيس الوزراء عن عقد مؤتمر صحفى ثابت أسبوعيا، عقب اجتماع مجلس الوزراء، بصحبة عدد من الوزراء، لفتح ومناقشة مختلف قضايا وشواغل الدولة والرأى العام على مدار الأسبوع، ووعد بالاستماع إلى مختلف الأسئلة والاستفسارات للرد عليها، بكل شفافية ووضوح، وهو لقاء نتمنى أن يصبح تقليدا دائما، وأن تعطى الفرصة لمختلف الآراء والتوجهات عند طرح التساولات، وألا تكون قاصرة على وجوه بعينها.
لا نريد التوسع فيما قاله الدكتور مدبولى عن أهداف حكومته وأمنياتها فى الفترة المقبلة، وسنتجاوز عن بعض الملاحظات بشأن كفاءة عدد من الوزراء والمحافظين الجدد، لكننا سنراقب ونرصد تحركاتهم، وسنعطيهم الفرصة التى طالب بها رئيس الوزراء للحكم على الأداء، وحتى لا يكون التغيير فى الوجوه فقط مع بقاء السياسات والخطط المسئولة عما وصلنا إليه على حالها من دون أى تغيير!
ننتظر من حكومة مدبولى الثانية اختراقا حقيقيا فى وضع الحلول لمشكلات مزمنة، طفح بها الكيل وباتت تضيق بها صدور المواطنين، الذين تحملوا وصبروا بما فيه الكفاية من أجل الوصول إلى استراحة على الطريق، تمكنهم من مواصلة السير فى رحلة الحياة الشاقة.

التعليقات