السياسة الأمريكية ومستقبل الالتزام بالتعهدات البيئية - أحمد عبدربه - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:03 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السياسة الأمريكية ومستقبل الالتزام بالتعهدات البيئية

نشر فى : السبت 12 نوفمبر 2022 - 8:45 م | آخر تحديث : السبت 12 نوفمبر 2022 - 8:45 م

خلال زيارته إلى شرم الشيخ لحضور قمة المناخ يوم الجمعة، تعهد الرئيس الأمريكى باستمرار دعم إدارته لالتزامات الولايات المتحدة البيئية وحرصها على تقديم نموذج فى قيادة العالم من أجل إنقاذ الحياة على كوكب الأرض!
كانت تلك هى الزيارة الثالثة عشرة لرئيس أمريكى فى السلطة إلى مصر، لكن أهميتها بالنسبة للعلاقات المصرية ــ الأمريكية هى أنها الزيارة الأولى لرئيس أمريكى فى المنصب منذ زيارة أوباما وخطبته فى جامعة القاهرة منذ ثلاثة عشر عاما! وخلال تلك الفترة من الغياب عن مصر، توترت العلاقات بعض الشىء بين البلدين وخصوصا خلال الفترة الرئاسية الثانية لإدارة الرئيس أوباما وخصوصا بعد إزاحة الرئيس الأسبق محمد مرسى عن الحكم، ومحاولة الإدارة الديموقراطية وقتها فرض عقوبات على مصر، وذلك كله حينما كان بايدن نفسه نائبا للرئيس!
سبق وصول بايدن إلى مصر بقليل وصول وفد من الكونجرس الأمريكى من الديموقراطيين بقيادة نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب الأمريكى، كما وصل وفد آخر من النواب الجمهوريين وكلا الوفدين يضم عددا من رؤساء اللجان المعنية بقضايا البيئة!
تحدث الرئيس الأمريكى فى القمة لمدة ٢٠ دقيقة تقريبا بدا فيها متلعثما بشكل واضح فى نطق العديد من الجمل، ولكن ورغم هذا التلعثم فقد كانت الخطبة قوية اعتذر فيها الرئيس الأمريكى عن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ ــ وهو الانسحاب الذى تم خلال فترة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب فى ٢٠٢٠ــ كما أكد على دعم الولايات المتحدة لأفريقيا ومصر وغيرها من دول العالم النامى بخصوص مشاريع التكيف البيئى والتحول إلى الطاقة النظيفة، مذكرا بالتزامه الشخصى بقضايا البيئة والمناخ منذ كان عضوا فى مجلس الشيوخ حينما تقدم بمقترح بقانون بخصوص التغيرات المناخية عام ١٩٨٦. كما أكد أن قضايا المناخ هى بمثابة مسألة أمن إنسانى واقتصادى وقومى، كما أنها مسألة أمن عالمى، وهو الحديث الذى أثلج صدور المهتمين بالقضايا البيئية وخصوصا بعد بعض التعثر المتوقع فى الحوار خلال جلسات المؤتمر حول تخفيض استخدام الوقود الأحفورى بسبب أزمة الطاقة فى أوروبا والحرب الروسية الأوكرانية!
• • •
سبق زيارة بايدن إلى مصر إعلان الإدارة الأمريكية عن عزمها فرض قواعد جديدة بخصوص تقييم المخاطر البيئية لكل المتعاقدين مع الحكومة الفيدرالية لنقل السلع والخدمات والإفصاح عن انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحرارى. بحيث يلزم أى تعاقد بقيمة ٥٠ مليون دولار أو أكبر الشركة المتعاقدة بالإفصاح ليس فقط عن انبعاثاتها، ولكن عن الانبعاثات والسياسات البيئية لكل المتعاقدين مع هذه الشركات لتنفيذ عمليات إيصال السلع والخدمات إلى الولايات المتحدة، بينما تكتفى الشركات المتعاقدة بعقود تتجاوز ٧ ملايين دولار، ولكن تقل عن ٥٠ مليونا بتقديم بيانات عن انبعاثاتها الحرارية فقط. مع التزام كلا المتعاقدين بتقديم تقارير دورية عن تحقيق الأهداف السنوية من خفض الانبعاثات إلى الحكومة الفيدرالية على أن يؤخذ تحقيق الأهداف البيئية أو عدم تحقيقها فى الاعتبار عند تجديد العقود الفيدرالية مع هذه الشركات!
وعلى الرغم من التزام الإدارة الديموقراطية الواضح بقضايا المناخ فإن مستقبل هذا الالتزام ما زال غامضا! فمن ناحية تعانى السياسة الأمريكية بشدة بسبب غياب القيادات القادرة على القيادة الموحدة سواء للحزب الديموقراطى أو الجمهورى، فبايدن الذى كثرت أخطاؤه وهفواته الفترة الأخيرة أثناء ظهوره العام فى العديد من المناسبات، وآخرها تكرر تلعثمه يوم الجمعة فى شرم الشيخ فى مؤشر على حالته الصحية والذهنية، ما زال أمر تمكنه من هزيمة المنافس الجمهورى القادم أيا كان اسم هذا المرشح محل جدل وسط تساؤلات عما إذا كان سيخوض هذه المنافسة من الأصل!
يعتقد البعض من المتخصصين فى الشأن الأمريكى أن فرص ترامب إذا ما قرر الترشح ــ وهو أمر غير مؤكد حتى اللحظة وسيتم الإعلان عنه يوم الثلاثاء ــ كبيرة فى مقابل الفرص المتاحة لبايدن، وأن الأول سيتمكن من إعادة تجميع أنصاره مجددا فى قيادة الحزب الجمهورى لحملة ترشحه الثالثة لرئاسة الولايات المتحدة! فيما يظن البعض الآخر – ومن ضمنهم تحليل تم نشره مؤخرا على الموقع الإلكترونى لقناة سى إن إن ــ أن ترامب فى حالة إحباط بسبب خسارة العديد من المرشحين الجمهوريين الذى يدعمهم بشدة فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، وإنه ما زال يقوم بتقييم الأمر فى انتظار النتائج النهائية لتلك الانتخابات، كما أن الشبكة نقلت عن مصدر مطلع أنه ربما يعانى من بعض الضغوط الأسرية التى تطالبه بعدم الترشح أو تريد أن تبقى بعيدة عن الأضواء حال قرر الترشح!
• • •
من ناحية أخرى، فعلى الرغم من أن نتائج مجلسى الشيوخ والنواب ما زالت تؤشر على أن الجمهوريين قد يتمكنون من السيطرة على الأغلبية فيهما، فإن الديموقراطيين قاموا بأداء غير متوقع فى العديد من الولايات الأمريكية، وحتى وقت كتابة هذه السطور (عصر الجمعة ١١/١١ بتوقيت الغرب الأمريكى) فإن مجلس الشيوخ حصل فيه الجمهوريون على ٤٩ مقعدا، بينما حصل الديموقراطيون على ٤٨ مقعدا وكلاهما يريد الوصول إلى ٥١ مقعدا للحصول على الأغلبية، وسط اشتعال السباق بين المرشحين الديموقراطيين والجمهوريين فى ولايات أريزونا ونيفادا وجورجيا!
أما فى مجلس النواب، فالجمهوريون حصلوا على ٢١١ مقعدا، فى مقابل حصول الديموقراطيون على ١٩٤ مقعدا وسط تقدم مريح فى ٥ مقاعد أخرى، فيما يريد كلاهما الوصول إلى ٢١٨ مقعدا للحصول على الأغلبية فى ظل معركة حامية متبقية على ٢٥ مقعدا سيتم حسمها فى الساعات القليلة القادمة!
فما علاقة هذا بقضايا المناخ؟
المشكلة أن التوجه العام للحزب الجمهورى لا يدعم كثيرا سياسات حماية البيئة وخصوصا على المستوى العالمى، ومن ثم فإن تمكنهم من السيطرة على هذه الانتخابات التشريعية سيعرقل وبشدة من أى قرارات سيحاول بايدن تمريرها بخصوص قضية التغيرات المناخية، أما فى حالة وصول ترامب نفسه إلى الرئاسة مجددا فى ٢٠٢٤، فإنه من غير المستبعد أن تقوم الولايات المتحدة مرة أخرى بالانسحاب من اتفاقية باريس ومن ثم يعود العالم بأجمعه إلى نقطة الصفر مرة أخرى!
أستاذ مساعد للعلاقات الدولية ــ جامعة دنفر

أحمد عبدربه أستاذ مشارك العلاقات الدولية، والمدير المشارك لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة دنفر