نشرت مجلة بوليتيكو الأمريكية PoliticoMagazine بيان أطلقه مجموعة من كبار المستشارين فى مشروع الولايات المتحدة للشرق الأوسط عن عملية السلام، بدأوه بإشادة الجهود الاستثنائية لوزير الخارجية جون كيرى بشأن تجديد المحادثات والمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، من أجل وضع إطار لاتفاق السلام، والدعم القوى الذى تلقته مبادرته من الرئيس باراك أوباما.
ورأوا أن هذه الجهود لها ما يبررها تماما، وتستحق الأولوية التى أولاها كيرى لها. ومع ذلك، فإن السرية اللازمة التى فرضها كيرى على استئناف المفاوضات لا ينبغى أن تحول دون تعبير أكثر قوة وعلنية بكثير عن بعض المواقف الأمريكية الأساسية، والتى تبدأ بالمستوطنات؛ حيث إن رفض الولايات المتحدة استمرار توسيع المستوطنات فى الأراضى المحتلة من قبل الحكومة الإسرائيلية باعتبارها «غير شرعية» و«غير مفيدة» لم يوضح الأثر التدميرى لهذا النشاط. ولا شك أن وقف العملية الدبلوماسية فى تاريخ معين حتى تمتثل إسرائيل للقانون الدولى والاتفاقات السابقة، يساعد على وقف هذا النشاط ويحدد بشكل واضح المسئولين عنه.
•••
كما أشار المستشارون إلى التحريض الفلسطينى؛ حيث تنعكس سياسة الكيل بمكيالين فى ادعاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن المطالبات الفلسطينية بكامل فلسطين التاريخية، تشكل تحريضا يعوق قبول إسرائيل إقامة دولة فلسطينية؛ حيث يعلن الليكود، والعديد من الأحزاب السياسية الأخرى فى إسرائيل وقادتها، تعهدات مماثلة حول شرعية المطالبات الإسرائيلية بكامل فلسطين، وتسمية الضفة الغربية «المتنازع عليها» بدلا من الأراضى المحتلة. ومن المؤكد أن «التحريض» فى الخطاب الفلسطينى لا يكاد يقارن بالتحريض الذى يمثله مصادرة إسرائيل الفعلية للأراضى الفلسطينية. وإذا كانت الولايات المتحدة غير مستعدة لقول ذلك علانية فليس هناك أملا فى نجاح هذه المحادثات، التى تعتمد الآن أكثر على قوة النفوذ السياسى لأمريكا، واعتزامها استخدامه، بدلا من الاعتماد على النية الحسنة للطرفين.
•••
وأوضحوا أن إسرائيل دولة يهودية لأن الأغلبية الساحقة من سكانها يهود، والعطلات الدينية والتاريخية اليهودية، أعيادها الوطنية، والعبرية لغتها الوطنية. ولكن إسرائيل تطالب بأن يعترف الفلسطينيون أن إسرائيل كانت ولا تزال وطنا قوميا للشعب اليهودى، وتعتزم أن تطالب الفلسطينيين بتأكيد شرعية إحلال اليهود محل السكان العرب فى فلسطين. ويثير هذا أيضا مخاوف العرب من استمرار المعاملة التمييزية للمواطنين العرب فى إسرائيل. ولدى الإسرائيليين الحق فى المطالبة بأن يعترف الفلسطينيون بحقيقة دولة إسرائيل وشرعيتها، وهو ما فعله الفلسطينيون فى الواقع عام 1988 ومرة أخرى فى عام 1993. ولكن ليس لديهم الحق فى مطالبة الفلسطينيين بالتخلى عن تاريخهم الوطنى، وينبغى ألا تكون الولايات المتحدة طرفا فى مثل هذا الطلب. فلن ينفى اعتراف الفلسطينيين باسرائيل كدولة يهودية الرواية الوطنية الفلسطينية.
•••
وفيما يتعلق بالأمن الإسرائيلى ذكر المستشارون أن الولايات المتحدة تترك الانطباع بأنها تدعم صورة للأمن، تتيح لإسرائيل السيطرة الإسرائيلية على كل حدود فلسطين وجزء من أراضيها، ولا شك أن مصادرة إسرائيل لما اعتبره القانون الدولى بوضوح أراضى الآخرين، تقلل من أمنها. ولم يؤد الاستيلاء غير المشروع على الأراضى فى الضفة الغربية إلا إلى زيادة شعور الفلسطينيين والعرب بالظلم العربى، ولا شك أن الاحتلال الإسرائيلى الذى دام نصف قرن ولد بالفعل، ثأرا وغذاه وسوف يؤدى عاجلا أو آجلا إلى تجدد العنف. وليس هناك أى زعيم فلسطينى يمكن أن يوافق على اتفاق سلام ينطوى على تسليم وادى الأردن للسيطرة الإسرائيلية، إما بشكل دائم أو لفترة طويلة من الزمن، بما يحول دون التوصل إلى اتفاق سلام من شأنه إنهاءالاحتلال الإسرائيلى. ولا يمكن أن يكون التحسن الطفيف فى أمن إسرائيل، بفعل هذه المطالب الإسرائيلية التوسعية، مبررًا للقهر والحرمان الدائم لشعب ترفض إسرائيل منحه المواطنة فى الدولة اليهودية.
ومن المواقف الأساسية أيضا هناك شروط اتفاق السلام، التى تقدمت بها حكومة نتنياهو، سواء فيما يتعلق بالأراضى، أوالحدود، والأمن، والموارد، واللاجئين أو موقع عاصمة الدولة الفلسطينية، وتتطلب تنازلات عن الأراضى الفلسطينية والسيادة على الجانب الفلسطينى من حدود 6 يونيو 1967. وهى لا تعكس أى تنازلات إسرائيلية، ناهيك عن وعد نتنياهو بـ«تنازلات مؤلمة» فى خطابه مايو 2011 أمام اجتماع مشترك لمجلسى الكونجرس. وكان كل من المجلسين فى جانب الفلسطينين فى هذا الشأن. وعلى الرغم من أن الفلسطينيين قد قد تنازلوا عن نصف الأراضى المخصصة لهم فى خطة التقسيم للأمم المتحدة لعام 1947، وهى خطوة اعتبرها الرئيس الإسرائيلى، شيمون بيريز، غير مسبوقة، فهم لا يطالبون بشبر واحد من الأراضى الإسرائيلية ما بعد حدود 6 يونيو 1967.
•••
وفى النهاية أكد المستشارون على أن مساعى نتنياهو المتواصلة لإثبات التساوى بين المطالب الإسرائيلية والفلسطينية، مع إصراره على أن تحصل إسرائيل على الكثير من أهدافها الإقليمية التوسعية بما يتجاوز نسبة 78 فى المائة من مساحة فلسطين التى تمتلكها بالفعل، أمر غير مقبول سياسيا وأخلاقيا. ويجب على الولايات المتحدة ألا تكون طرفا فى هذه المساعى، ليس فى شبه جزيرة القرم ولا فى الأراضى الفلسطينية.
وأشاروا إلى أنه على الرغم من عدم معرفتهم لما حققه الطرفان من تقدم فى المحادثات الحالية قبل آخر توقف لها، وهذه المرة حول قضية الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، فهم مقتنعون أنه مهما كان التباعد القائم بين الطرفين، فإن الوضوح من جانب أمريكا فيما يتعلق بالقضايا الأخلاقية والسياسية الحرجة المتنازع عليها، سيقدم فرصة لتحقيق ختام ناجح لمحادثات السلام، أفضل كثيرا من مواصلة الغموض أو الصمت.
اقرأ المقال كاملاً من مصدره الأصلي عبر هذا الرابط: «Stand Firm, John Kerry»