صراع الجبابرة - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 8:55 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صراع الجبابرة

نشر فى : الجمعة 15 مارس 2024 - 7:25 م | آخر تحديث : الجمعة 15 مارس 2024 - 7:25 م
هذا الفيلم يجب أن يراه الناس هذه الأيام لأنه يكشف بقوة كيف أن العدو الصهيونى بالغ الشراسة فى خصومته ضد من يجابهونه بالعداء، إنه صراع الجبابرة إخراج وتأليف زهير بكير عام 1962 بطولة أحمد مظهر ويوسف فخر الدين، وفيه جسدت نادية لطفى دور الفتاة اليهودية لليان، واحدة من أبناء الشعب المصرى اللائى اضطررن للهجرة إلى دولة صهيون عقب العدوان الثلاثى، لليان هذه فتاة مصرية تعمل راقصة تقع فى حب شاب مصرى، لكنها مضطرة إلى أن تهاجر مع أبناء طائفتها إلى خارج مصر وأنا شخصيا أعرف أن أغلب يهود مصر قد ذهبوا إلى أوروبا خاصة فرنسا لكن اليهود فى هذا الفيلم توجهوا إلى إسرائيل للعيش هناك والتحول بشكل جذرى إلى الجانب الآخر، وكما يشير الفيلم فإن هناك حالة من العنصرية الشديدة داخل أبناء الطائفة اليهودية وهناك اليهود الصفاردين وأيضا اليهود الاشكيناز حيث يتم تقسيم الأفضلية فى هذه الدولة بناء على الثقافة التى أتى منها اليهود، هناك الاشكيناز المتيزين وأيضا السفردين الذين جاءوا من المغرب العربى، وكانت لليان واحدة من الذين عانوا عند هجرتهم من هذا الأمر، أما الأمر الأكثر أهمية فهو أن الفيلم يشير بقوة إلى أن الصهاينة يتحولوا من خصوم عاديين إلى أعداء بالغى الشراسة والعنف فى مواجهة أعدائهم فضابط الموساد الذى يطلب من لليان التجسس على حبيبها الهارب من مصر، بأى وسيلة تستطيعها، كما أن هذا الضابط يعطى أوامره أن يتم قتل هؤلاء القادمين من مصر والذين تم القبض عليهم قتلا بالرصاص الحى عند استنفاد المعلومات الأمنية منهم، هكذا كانت صورة الصهيونى فى الفيلم، لا يعرف الرحمة وشديد القسوة وليس لديه أى نوع من التعاطف رغم أن موضوع الفيلم يدور حول الشاب المصرى الذى وقع فى غرام لليان لكنها اضطرت إلى الرحيل مع أقرانها الذين طردهم جمال عبدالناصر من بلادهم ويقع هذا الشاب فى غرام راقصة أخرى فى الحانة نفسها، لكنها تموت أثناء إحدى المشاجرات ويتهم الشاب أنه قتلها وبواسطة زملائه يهرب عبر الحدود إلى غزة ومنها إلى داخل إسرائيل، حسب الفيلم فإن غزة هنا تقع تحت انتداب الجمهورية العربية المتحدة سياسيا وإدرايا ومن السهل على أى شخص العبور نحو هذه المنطقة المليئة بالخيانة واللاجئين ومن هناك يتم تهريبه إلى إسرائيل ويتعرف على مجموعة من الفدائيين الذين تم القبض عليهم واستجوابهم لمعرفة سبب حضورهم إلى هذا المكان وباعتبار أن الفيلم تم إنتاجه عام 1962 فإن الشاب يتوصل لمعرفة تاريخ هجوم الصهاينة على أرض مصر وبالتالى إن المقصود هنا هو حرب للعدوان الثلاثى عام 1956، ويحاول الفيلم من خلال قصة وطنية الكشف أن لليان ستظل مرتبطة عاطفيا بوطنها الأصلى مصر وحبيبها الذى أجبرت أن تهاجر بعيدا عنه، وعلى كل فإن هؤلاء الشباب الذين يتم قتل بعضهم بوحشية تمكن البعض الآخر من ركوب طائرة تجاه أرض سيناء.
نكتب هذا المقال لأهمية مشاهدة الفيلم فاللغة هى نفسها التى نسمعها اليوم عما يفعله جنود الاحتلال فى غزة الذى كان آمنا فى أحداث الفيلم لكنه صار ميدانا
للمجازر العنيفة جدا التى يرتكبها المحتلون ضد أبناء الشعب الفلسطينى لقد سمعنا دوما منها دير ياسين وعين الحلو، ولكن الفيلم حكى عما يحدث من إدارة الموساد، فالضباط هنا يحلمون بالترقية المهنية، ولذا فإنهم يرتكبون جرائمهم بدم بارد لا يعرف المراجعة، صحيح إن حالات القتل هنا قليلة وفريدة قياسا لما نشهده الآن لكن الفيلم يخبرنا أن الآلية واحدة يكفى أن تكون عدوا للصهاينة كى يفعلوا بك ما لا يتصوره عقل، ولعل هناك مشاهد شاهدناها فى أفلام أخرى شبيهة لما يحدث الآن مثل مشهد الافتتاح فى فيلم فتاة من إسرائيل 1999 حين تكون الجرافات فى حرب يونيه وقد أتت على جثث الشهداء من الجنود المصريين لتدفنهم إلى الأبد بلا رحمة، لقد قام اليهود بتصوير تفاصيل لما جرى لبعضهم فى معتقلات الهولكوست الألمانية وكم امتلأت المشاهد بوحشية الألمان لكن يحكى عنه صراع الجبابرة أنهم جميعا متشابهون، القسوة متعددة الأشكال والقتل بالرصاص الحى هو الوسيلة الأولى دون تفكير للتعاون مع العدو، الجدير بالذكر أن السينما المصرية فى تلك الفترة قد قدمت أفلاما أخرى حول الحرب بين مصر وإسرائيل، وأنها فيلم صراع الأبطال وأيضا فيلم عمالقة البحار الذى أخرجه السيد بدير وشارك فى بطولته أيضا بعض الأسماء التى رأيناها فى فيلم صراع الجبابرة أحمد مظهر ونادية لطفى ويوسف فخر الدين.
التعليقات