كورونا وتحديات «الموت الاجتماعى» - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:34 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كورونا وتحديات «الموت الاجتماعى»

نشر فى : الإثنين 16 مارس 2020 - 10:00 م | آخر تحديث : الإثنين 16 مارس 2020 - 10:00 م

العالم الذى نصفه بالقرية الصغيرة دخل، للأسف، مرحلة الجزر المنعزلة مع تفشى فيروس كورونا الذى وصل إلى أركان الأرض الأربعة، وأصاب أكثر من 150 ألف إنسان فى 137 دولة، فراح كل مجتمع يبحث عن سبيل للنجاة، بوضع الحواجز على الحدود، وحظر التنقل برا وبحرا وجوا فى بعض الأماكن، بل وصل الأمر إلى فرض الإقامة الجبرية على سكان بعض المناطق خشية الغزو الفيروسى اللعين.
أجبر كورونا الأمم والشعوب على خوض غمار مباراة عنيفة، تهاوت فيها خطوط دفاع بعض الدول أمام الهجوم الضارى للفيروس، الذى أخذها على حين غرة قبل أن يتحول إلى جائحة عالمية، فيما تكافح دفاعات دول أخرى لصد الهجمات القاتلة التى تسببت فى وفاة نحو 6 آلاف شخص فى العالم حتى الآن.
فى المباراة المقامة حاليا على الاستاد العالمى، استعادت بعض الدول قدرتها على تنظيم صفوفها، وعاودت الكرة على الخصم العنيد، واستطاعت هز شباكه وتقليص الفارق فى الأهداف، ونجحت الصين موطن الوباء فى السيطرة عليه تقريبا بانخفاض هائل فى عدد الاصابات، وتعافى غالبية المصابين، فمن بين أكثر من 80 ألف حالة اصابة لديها لم تتجاوز الوفيات حاجز 3200 حالة، حتى الآن.
ومثل الصين تمكنت كوريا الجنوبية من إحداث نقلة فى التعامل مع الوباء، وخفضت معدلات الإصابة وقلصت عدد الوفيات، بعد أن هاجمها الفيروس بقوة، قبل أن ينقل ضرباته العنيفة إلى مناطق أخرى من العالم وخاصة أوروبا التى تعد حاليا بؤرة لانتشار «كوفيد ــ19» المعروف بكورونا المستجد، حيث تتقدم إيطاليا الصفوف، تليها إسبانيا التى تنهار دفاعاتها حاليا، فيما يراقب العالم كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع الوباء؟
لا مجال هنا لإجراء مقارنات تفصيلية بين الدول التى يتفشى فيها المرض بعنف وتلك التى استطاعت الحد من انتشاره، على أسس اقتصادية وعلمية، ومدى امتلاكها لأجهزة صحية قادرة على العمل بكفاءة وسط التحديات، غير أن ما ترصده وسائل الإعلام عبر العالم، يقول إن الخطط الوطنية التى تضعها كل دولة، متسلحة بقدراتها الذاتية، تلعب دورا مهما فى صد الهجوم الضارى لعدو يتنقل عبر الهواء.
والملاحظ أن نجاح الخطط الوطنية فى مكافحة الفيروس المستجد يتوقف على عدد من العوامل فى مقدمتها يقظة الأجهزة التنفيذية، واتخاذها القرار المناسب فى الوقت المناسب، كحظر التجمعات وتقليل عمليات التنقل الجماعى الواسع، والاعتماد على جهاز صحى تتوفر له كل الإمكانيات البشرية والمادية، ومؤسسات إعلامية تدرك الخطر وتقوم بواجبها فى توعية الناس، فضلا عن ضرورة التعاون مع منظمة الصحة العالمية والإطلاع على كل جديد أولا بأول بشأن مسارات الوباء.
ومع هذا وذاك يتحتم على الشعوب المهددة بتفشى الفيروس اتباع التعليمات التى تصدر من الجهات التنفيذية والالتزام الحرفى بها، فتعليق العملية التعليمية بالمدارس والجامعات، لا يعنى أننا فى إجازة مصيف، ولا يعقل أن نعطل الدراسة لمنع التجمعات، ضمن خطة شاملة لمكافحة وباء عالمى، فتسارع بعض الأسر بأطفالها إلى المولات التجارية والمنشآت الترفيهية عقب القرار بساعات، وبما يفرغه من مضمونه!!
تهديدات الوباء تفرض علينا سلوكيات جديدة، فالتكالب على شراء السلع وتخزينها بلا داعٍ يحتاج إلى وقفة، واستغلال التجار للظروف ورفع الأسعار مع زيادة الطلب بفعل مخاوف إنسانية طبيعية، أمر غير مقبول، خاصة أن تصريحات رئيس الوزراء ووزير التموين تؤكد وجود احتياطى من جميع السلع الأساسية الضرورية يكفى أربعة أشهر فى المتوسط على أقل تقدير.
حتى الآن نتعامل بشكل جيد مع الأزمة، والمطلوب منا جميعا القيام بواجباتنا بدءا من الحرص على النظافة الشخصية، وعدم تدخين الشيشة على المقاهى، مرورا باتباع القواعد الصحية السليمة، والبحث عن المعلومة الصادقة، وعدم الالتفات للشائعات التى يروجها البعض فى إطار الحروب النفسية.
علينا أن ندرك أن تحديات «الموت الاجتماعى» الذى قد يفرضه الوباء على البشر، بتقليص تواصلهم، وتقييد حركتهم وجلوسهم فى البيوت، إن لزم الأمر، تحتاج إلى تضافر كل الجهود التنفيذية والشعبية للوصول سريعا إلى مرحلة «البعث الاجتماعى» وعودة الحياة إلى طبيعتها من جديد.

التعليقات