«بـ 100 وش»: كيف تضحكنا الكوميديا البسيطة! - أحمد عبدربه - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«بـ 100 وش»: كيف تضحكنا الكوميديا البسيطة!

نشر فى : السبت 16 مايو 2020 - 7:50 م | آخر تحديث : السبت 16 مايو 2020 - 7:50 م

شاب من الزمالك، فتاة من بولاق، يلتقيان مصادفة بعد أن قام الأول بالنصب على الثانية، تقرر الأخيرة الانتقام وتحصل على حقها منه، يقرران التعاون، يكونان عصابة وينفذان عددا من عمليات النصب! هذه هى القصة! قصة بسيطة، غير مبتكرة، مكررة، قد لا تعطى أى إيحاء بالتميز، لكن بمجرد أن بدأ عرض المسلسل بفريق عمل ليس فيه سوى نجمى شباك، فرض نفسه وأصبح مسلسل «بـ 100 وش» هو الأشهر والأكثر سيطرة على سوق رمضان الدرامى شديد التنافس، فكيف ولماذا حدث هذا؟!
منذ مسلسل «نيللى وشيريهان» والذى عرض فى رمضان 2016، لم يضحكنى أى مسلسل كوميدى مثلما أضحكنى «بـ 100 وش» ومعه مسلسل اللعبة والذى رغم تميزه الشديد لكن يبدو أن عرضه وتسويقه الإلكترونى قبل عدة شهور قد أفسح الطريق تماما لتسود كوميديا «بـ 100 وش» وتضحك ملايين المصريين من القلب! لم أبدأ فى مشاهدة المسلسل سوى بعد 10 أيام من عرضه بعد أن لفت نظرى إليه عدة أصدقاء وكنت قبلها قد أصبت بالإحباط الشديد من مشاهدة كوميديا متميزة هذا العام وخصوصا بعد أن خيبت أعمال كوميدية كثيرة، لنجوم شباك الكوميديا فى مصر، ظنى. وكنت على وشك الاستسلام أن موسم رمضان الحالى «بلا كوميديا»، لكن بمجرد مشاهدتى للحلقة الأولى عرفت أننى أمام عمل متميز ولم يخِب ظنى وهكذا أتصور الحال مع كثيرين!
***
فلماذا نجح المسلسل بهذا الشكل؟ لست ناقدا فنيا ولا متخصصا، ولكن تعبر السطور التالية عن وجهة نظرى كمشاهد استمتع بهذا العمل المميز:
أولا: ميزة أى كوميديا هى فى بساطتها، لا يحمل المسلسل أى عمق وليس فيه أى قيم ولا يحمل أى مواعظ أخلاقية، لكنها كوميديا بسيطة تُحكى بشكل أبسط ولكنه مميز فى الوقت نفسه، ليس هناك افتعال فى الأحداث رغم «فانتازيا» القصة، ومع ذلك أنت فى كل المشاهد تقريبا لا تكف عن الضحك، لأنه ورغم أهمية القصة إلا أن الأهم هو كيف تحكيها للمشاهد بشكل يمتعه ولا يشعره بالوقت، ويشعر بالحزن فور نهاية الحلقة التى يتمنى لو أنها كانت أطول، فيقرر أن يعيدها مرة أخرى ومعها تتكرر الضحكات كما لو كان يشاهدها للمرة الأولى، هذا هو معنى العمل الناجح، فتحية للمؤلفين وصناع السيناريو والحوار أحمد وائل وعمرو الدالى على هذا الإبداع!
ثانيا: جودة العمل فى تفاصيله، وأنت أمام مخرجة تعرف اسمها جيدا – كاملة أبو ذكرى ــ موهبتها الرئيسية هى اهتمامها بالتفاصيل، تفاصيل المشهد، والخلفية والإضاءة وطريقة الكلام وتنفيذ فكرة المؤلفين على الوجه الأمثل، الحفاظ على التوازن بين خطوط الضحك والإثارة والعواطف والغموض، كلها تمت بحرفية، لا مجال للاستهتار أو الاستسهال، أنت أمام عمل كوميدى، تقدمه مخرجة جادة فلهذا نجح!
ثالثا: لا احتكار، أنت أمام اثنين من نجوم الشباك، نيللى كريم وآسر ياسين، المتوقع أن يحتكرا السيناريو والحوار والمشاهد ويحولا من حولهم لـ«مخدماتية» أو «سنيدة»، هذا ما فعله آخرون هذا الموسم فوقعوا فى فخ التكرار والاستظراف والاصطناع بدلا من الكوميديا، هنا نحن أمام عمل جماعى، فى حلقات كثيرة، كانت البطولة بالفعل مشتركة بين كل فريق العمل، عم سامح، سباعى، حمادة، ماجى، نجلاء، رضوى، باسم، سمير (قريب عم غزال)، ثم فى حلقات أخرى لم يكن أصلا لنجمى الشباك سوى أدوار هامشية، ورغم ذلك ولأنهما بطلان واثقان من أنفسهما فلم يلتفتا إلى هذا ولم يؤثر عليهم، فهما يعرفان كيف حينما يحين دورهما أن يخطفا المشاهد ويحصلا معا على حبه وإعجابه!
رابعا: فرقة مواهب، هذا هو الوصف الأدق لهذا العمل الجماعى الناجح، فارتباطا بالنقطة السابقة، كل فريق العمل من ممثلين معظمهم ليس مشهورا مبدعين وليس فقط مميزين، كل موهبة تمثل بإتقان، وتضيف للعمل ملمحا خاصا، وهنا يمكن مراجعة ما كتبه الزميل العزيز سيد محمود على هذه الصفحات يوم الثلاثاء 5 مايو بعنوان «سبعبع والذين معه» لقراءة قصة كفاح بعض هؤلاء الموهوبين، أنت تحب شعبوية وغيبوبة سباعى، وجشع سامح، وقدرات حمادة فى النصب، ونكد نجلاء الأزلى، وبساطة رضوى، وبلطجة سامح، وثقل دم باسم، ولهجة سمير، وتهور ماجى...إلخ. كل شخصية بمفردها يمكن أن تكون لاحقا محورا لقصة منفردة، وكما قالت إحدى الصديقات: «أجمل لحظات المسلسل التى أنتظرها هى المشاهد التى تجتمع فيها العصابة!»، هذا حقيقى جدا، لأنه من الطبيعى حينما تجتمع فرقة مواهب بهذا الشكل فأنت تنتظر من كل واحد وواحدة فيهم ضحكة وراء الأخرى وهكذا ضحك بلا توقف ومن هنا كان التميز!
خامسا: تمثيل بلا ضغوط، أتصور أنه ولطبيعة التنافس الشديد فى الموسم الرمضانى، فعدد كبير من النجوم يمثلون تحت ضغوط، ضغوط الوقت، وضغوط التنافس، وضغوط النجاح.. إلخ. لكن ربما لأسباب إنتاجية أو إنسانية أو أسباب أخرى مهنية لا أعلمها، يبدو لى كل فريق العمل يمثل بلا ضغوط، قد أكون مخطئا، لست جزء من الكواليس، لكن هذا ما يبدو لى من عرض المسلسل، الكل يمثل بثقة، بلا توتر، وباستمتاع وفى تقديرى هذا من أهم أسباب نجاح العمل.
وأخيرا، هناك مسلسلات كثيرة تحاول تجنب تتر المقدمة وغالبا لا تلتفت أصلا لتتر الخاتمة، لكن هنا الوضع مختلف، أغنية المقدمة والخاتمة «مليونير»، لا تقل بهجة عن المسلسل وأعرف أصدقاء (وأنا منهم)، يحرصون على مشاهدة المقدمة والخاتمة حتى لو توافرت لهم المشاهدة الإلكترونية التى تمكنهم من تجاوزها لو أرادوا، لكن الأغنية التى تمت على إيقاع موسيقى المهرجانات وغناها فريق «المدفعجية» مع اللحن والكلمات والتوزيع أضافت بهجة وأكملت روعة وخفة ظل العمل!
***
كنا نحتاج بشدة لهذا النوع من الكوميديا والفانتازيا الصافية البسيطة المبدعة وخصوصا فى هذه الأيام الصعبة، فشكرا كثيرا لكل من ساهم فى هذا العمل، وما زلنا نتطلع لما تبقى من حلقات لا نتمناها أن تنتهى!

أحمد عبدربه أستاذ مشارك العلاقات الدولية، والمدير المشارك لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة دنفر