فترة رئاسية جديدة.. مواد دستورية في انتظار التفعيل! - أحمد عبدربه - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:01 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فترة رئاسية جديدة.. مواد دستورية في انتظار التفعيل!

نشر فى : السبت 16 ديسمبر 2023 - 7:50 م | آخر تحديث : السبت 16 ديسمبر 2023 - 9:55 م
من المنتظر أن تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات، نتيجة الانتخابات الرئاسية المصرية بشكل رسمى يوم الإثنين ١٨ ديسمبر الجارى، وبحسب الخبر الذى نشره موقع «الشروق» يوم الخميس ١٤ ديسمبر بواسطة نهاد القادوم، فإن الهيئة الوطنية لم تتلقَ أية طعون على قرارات اللجان العامة فى المحافظات، وبحسب أحد المصادر القضائية لـ«الشروق»، فإن المؤشرات الأولية تشير إلى تقدم الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات، وأن المنافسة لم تحسم بعد على المركز الثانى بين فريد زهران وحازم عمر!.
ولأن الظروف التى أحاطت بالانتخابات الرئاسية هذه المرة قد شهدت بعض التغيرات عن نظيرتها فى ٢٠١٨، سواء من حيث إتاحة ظهور المرشحين المنافسين للرئيس فى الانتخابات فى وسائل الإعلام، أو من حيث إجراء الحوار الوطنى مع بعض الشخصيات المستقلة والمُعارضِة وأعضاء الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى قبل إجراء الانتخابات، فمن الطبيعى أن يرتفع سقف بعض التوقعات السياسية على أمل أن يستمر التحسن فى ظروف العمل السياسى وألا تحدث تراجعات أو ارتدادات عن الوعود السياسية بمزيد من الانفتاح فى الشأن العام خلال السنوات القادمة!.
• • •
فى دستور ٢٠١٤ المعدل فى ٢٠١٩ عدد من المواد المنتظر أو المتوقع أو التى يتم التساؤل عن تفعيلها خلال هذه الفترة الرئاسية الجديدة التى من المنتظر أن تبدأ فى شهر أبريل القادم، وتستمر حتى نهاية عام ٢٠٢٩ أو بداية عام ٢٠٣٠، (موعد الانتخابات الرئاسية القادمة).
أولا، حال إعلان إعادة انتخاب الرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى، فإنه من المنتظر أن تكون هذه هى الفترة الرئاسية الأخيرة له، بحسب نص المادتين ١٤٠ المعدلة فى عام ٢٠١٩، بالإضافة للمادة ٢٤١ مكررا المضافة فى التعديلات ذاتها، المادتان لا تجيزان لأى رئيس عموما أن يتولى منصب الرئاسة لأكثر من مدتين متتاليتين، مدة كل منهما ست سنوات ميلادية، وتجيزان للرئيس السيسى خصوصا أن يعاد انتخابه لمرة تالية بعد انتخابات ٢٠١٨.
من المهم الالتزام بنص هاتين المادتين وعدم تعديلهما مجددا، إن كان هناك حرص بالفعل على عملية الانفتاح والتعددية السياسية. أعلم أن الحديث فى هذا الموضوع دائما ما يحيط به بعض الحساسيات، ولكن علينا، بل ومن واجبنا أن نطرحه دائما على الرأى العام والسلطة السياسية القائمة، فالموضوع ليس شخصيا، ولكنه يرتبط بالتزام دستورى لم يعد من المستساغ الالتفاف عليه.
• • •
ثانيا: واحدة من الأحداث السياسية المتوقعة بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية هو تكليف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بتشكيل الحكومة، وعرض برنامجه على مجلس النواب للحصول على الثقة خلال ثلاثين يوما على الأكثر بنص المادة ١٤٦ من الدستور! لا يوجد إلزام للرئيس حال إعادة انتخابه أن يكلف رئيسا جديدا لمجلس الوزراء، لكن جرى العرف السياسى على أن تتشكل حكومة جديدة سواء بإعادة تكليف رئيس مجلس الوزراء القائم أو باختيار جديد بعد كل انتخابات رئاسية.
لا أعتقد هنا أن الرئيس سيلجأ إلى تغيرات واسعة وجذرية فى الحكومة القائمة، لكن تظل أعين الناس والأشخاص المتابعين دائما على وزراء المجموعة الاقتصادية والخدمية، كون أن أداءهم يمس المُواطِنة والمواطن العادى بشكل يومى! شخصيا، أرى أن الأهم من الحديث عن التغيرات الحكومية، هو حصول الأخيرة على مزيد من الصلاحيات التنفيذية التى تعبر عن رؤى الوزراء بشكل أكثر استقلالية.
كما أننى وعلى المستوى الشخصى أتمنى أن أرى تغيرات فى بعض الحقائب التى أعتقد أن وزراءها لا يؤدون بالشكل المطلوب.
ليس لدى أية حسابات سياسية أو شخصية فى هذا الطرح، ولكنها رؤية شخصية فى ضرورة إيجاد شخصيات أكثر دينامية وشبابا وحضورا فى الشأن العام والدولى، خصوصا فى ظل الظروف الإقليمية القائمة والتى تضع مصر دائما تحت الأنظار! فجزء من العمل المتعلق بالسياسة الخارجية يتعلق بطريقة عرض القضية أو المواقف السياسية المحددة لها، وفى ظنى أن أداء وزير الخارجية الحالى فى هذه النقطة فى حاجة إلى إعادة تقييم!.
كذلك أتمنى أن تشهد مصر تعيين أول سيدة لرئاسة الوزراء! أعلم أن المسألة قد تكون غير مستساغة عند بعض القطاعات السياسية أو الشعبية، كما أؤمن تماما أن التغيرات الشكلية ليست هى مربط الفرس لإحداث تحولات فى السياسات العامة للدولة، لكن ولأن تمكين المرأة هو أحد الأهداف المعلنة للسلطة السياسية القائمة وهو هدف مشترك مع عدد كبير من أعضاء التيار المدنى فى مصر، فأعتقد أن تغيير العرف السياسى المتمثل فى الاكتفاء بتعيين الرجال فى هذا المنصب بشكل حصرى، سيكون هاما ومفيدا للمساهمة فى تغيير الثقافة العامة المرتبطة بوضع المرأة المصرية فى المجال العام.
• • •
ثالثا: رغم أن المادة ١٥٠ مكررا المضافة فى تعديلات ٢٠١٩ لا تلزم الرئيس باختيار نائب له، لكن قد يكون من المهم أن نطرح التساؤل عما إذا كانت هذه المادة ستفعّل حال أراد الرئيس ذلك فى هذه الفترة الرئاسية القادمة!
منذ ٤٢ عاما، وتحديدا منذ العام ١٩٨١، لم يتعين فى هذا المنصب سوى ثلاثة أشخاص، وكلهم بلا استثناء فى ظروف استثنائية وملتبسة ولمدد قصيرة انتهت باستقالتهم من مناصبهم! فهل جاء الوقت لأن يتم استعادة هذا المنصب بشكل اعتيادى فى السياسة المصرية كما كان الحال قبل الثمانينيات؟
سبب هذا الطرح هو أنه بافتراض الالتزام بنصوص المادتين ١٤٠ و٢٤٦ مكررا، الخاصتين بمدد رئاسة الجمهورية على النحو المبين أعلاه، فإنه سيكون من المهم أن يكون هناك من هو جاهز وقريب من المطبخ الرئاسى للترشح فى الانتخابات القادمة! صحيح أنه بالطبع لا يوجد أى مانع دستورى من أن يأتى رئيس الجمهورية القادم من خارج ما اصطلح على تسميته بـ«دولاب الدولة»، لكن لاعتبارات عملية بحتة، وحال الالتزام بنصوص الدستور فإن الاحتمال الأقرب أن يكون الرئيس القادم من داخل هذا الدولاب، وهو أمر لن يتوفر فى ظنى إلا فى شخص سيعمل بالقرب من رئاسة الجمهورية خلال السنوات الست القادمة! كذلك فلا أظن أن إضافة هذه المادة فى تعديلات ٢٠١٩ جاءت من فراغ، فلابد من أن المشرع كانت له أسبابه فى إضافتها فى هذا التوقيت!.
• • •
رابعا وأخيرا، فإنه قد طال انتظار تفعيل المواد الدستورية الخاصة بالانتخابات المحلية، وعلى الأخص المادة ١٨٠ التى تقر بانتخاب كل وحدة محلية مجلسا بالاقتراع العام السرى المباشر، لمدة أربع سنوات على أن يُخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة، وعلى ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالى عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلا مناسبا للمسيحيين وذوى الإعاقة!.
وكذلك المادة ٢٤٢ والتى تنص على أن يستمر العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه فى الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه، ودون إخلال بأحكام المادة (180) من هذا الدستور! أعتقد أنه لم يعد من المقبول تأجيل الانتخابات المحلية أكثر من ذلك، فهذه الانتخابات هى جزء لا يتجزأ من التحولات السياسية المرجوة خلال الفترة القادمة، كما أنها السبيل الوحيد العملى لتمكين الشباب فى العملين التشريعى والتنفيذى!
• • •
تظل هناك بعض المواد الأخرى فى الدستور، والتى لا يُنتظر تفعيلها بقدر ما ينتظر أن تطبق فى بيئة أكثر تعددية ومرونة، وخصوصا المواد الدستورية المتعلقة بانتخابات مجلسى النواب والشيوخ والمنتظر أن تجرى عام ٢٠٢٥، إذ من المهم أن تشهد تمثيلا أكبر للأحزاب السياسية واستيعاب أكبر للمعارضة السياسية كى تعكس مختلف ألوان الطيف السياسى فى مصر، وتستوعب طلبات واحتياجات الشارع المختلفة خصوصا فى ظل ظروف سياسية واقتصادية ستفرض المزيد من التحديات خلال المرحلة القادمة!.
مدير برنامج التعاون الدبلوماسى الأمريكى اليابانى، وأستاذ مساعد العلاقات الدولية بجامعة دنفر.
أحمد عبدربه أستاذ مشارك العلاقات الدولية، والمدير المشارك لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة دنفر