ارتفعت أسعار النفط الخام (برنت) إلى أكثر من 90 دولارًا للبرميل قبيل الهجوم الجوى الإيرانى على إسرائيل نهاية الأسبوع الماضى، لتصل الأسعار إلى أعلى مستوى لها، منذ أشهر.
لكن سعر نفط برنت انخفض بعد الضربة الجوية الإيرانية نحو 0.8 فى المائة، لتتراجع الأسعار إلى نحو 88 - 89 دولارًا.
هناك عدة أسباب محتملة لهذا التراجع فى الأسعار. فمن جهة، انتشرت أخبار واسعة قبيل الهجوم، أن طهران أخبرت الولايات المتحدة عن الهجوم قبل ساعات من وقوعه. وتبعتها أخبار أخرى أن الرئيس جو بايدن أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بأن واشنطن لن تشارك فى هجوم جوى إسرائيلى انتقامى على إيران، مما يعنى عدم إمكانية شن هجوم مضاد من إسرائيل، وذلك رغم التطمينات من أن الولايات المتحدة ملتزمة بثبات بأمن إسرائيل، ورغم إرسال واشنطن وبعض حلفائها، مثل بريطانيا وغيرها، قوات جوية لمساندة إسرائيل.
لقد انعكست تطمينات اللحظات الأخيرة، بأن الولايات المتحدة وإسرائيل على علم بالهجوم الإيرانى، على الأسعار، رغم أن الأخبار لم تفصح عن المعلومات الأخرى ضمن الذى تعمد تسريبه عن التطمينات الإيرانية لواشنطن.. فهل اقتصرت هذه المعلومات فقط عن موعد الهجوم أم شملت أيضًا نوعية الأسلحة المنوى استعمالها، ما دفع واشنطن للإعلان بعد ساعات قليلة من الهجوم أنه قد تم تدمير الأغلبية الساحقة من المسيرات؟ سياسيًا، كان من مصلحة واشنطن «ضبط» قواعد الهجوم. فهناك أولًا، مسئوليتها «التاريخية» لحماية الأمن الإسرائيلى.
وهناك كذلك فى قمة الأولويات خلال هذه الفترة، ردع تصاعد النزاع بين إيران وإسرائيل، لما له من تأثير على ارتفاع أسعار النفط، وهى فى المستوى العالى الذى هى عليه الآن.
السؤال: هل ستستقر الأسعار على نحو 90 دولارًا أم يعود الخوف والحذر من إمكانية ارتفاعها إلى 100 دولار، كما صرح كثير من المراقبين فى الأسواق قبيل الهجوم الإيرانى؟ من الواضح، حتى الآن، أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مصمم على تبنى سياسة تلبى مطامحه الشخصية وأهداف حلفائه من أقصى اليمين الصهيوني، فى تحقيق «أهداف المعركة». ورغم أن «الأهداف» حتى الآن كانت تدور حول «معركة غزة» الأرضية، فإنه قد ازداد عليها الآن، هدف آخر؛ وهو الانتقام من المحاولة الإيرانية لقصف إسرائيل جوًا. وبما عرف عن عناد نتنياهو، المدعوم بنفوذ الحركة الصهيونية فى الولايات المتحدة، وأقصى اليمين الصهيونى فى إسرائيل، وطموحاته الشخصية حتى لا يمثل أمام المحاكم بسبب اتهامات بالفساد، فمن الممكن جدا، فى ضوء هذه الاحتمالات، أن «يستمر» فى سياسته التى أعلنها فى بداية معركة غزة، ويضيف إليها الآن، معركة الانتقام من إيران، لكى لا يسجل عليه أنه تغاضى عن أعنف هجوم على إسرائيل منذ تأسيسها فى عام 1948 دون الرد عليه. من ثم، إلى أن تتضح هذه الصورة، وهنا تتوجب الإشارة إلى «العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية غير الدقيقة» خلال هذه الفترة وتوتر علاقات نتنياهو وبايدن، سيستمر الوضع الجيوستراتيجى فى الشرق الأوسط غامضًا سياسيًا ومتشددًا فى الأسواق.
وعليه، لا يمكن إسقاط إمكانية ارتفاع الأسعار إلى 100 دولار للبرميل. والإمكانيات هذه مفتوحة، وبخاصة إذا أخذنا فى الحسبان احتجاز الحرس الثورى الإيرانى ناقلة نفط فى مضيق هرمز، وإمكانية عرقلة التجارة النفطية فى مناطق أخرى.
وليد خدورى
صحيفة الشرق الأوسط - لندن