ينبغى توجيه التحية إلى قادة وأعضاء حركة «مصرنا» على فكرة السلاسل البشرية التى تشرح مطالب الثورة وأهدافها التى لم تتحقق حتى الآن.
شباب ملتزم يقفون على جانب الشارع يحملون لافتات بمطالب محددة، لا يعطلون مرورا، ويتحدثون بأدب مع المارة وأحيانا يكتفون باللافتات التى تنقل للناس الرسالة المطلوبة دون ضجيج.
وفى المقابل ينبغى لفت نظر كل انصار الثورة الحقيقيين من أولئك الذين يعتقدون أن استكمال أهداف الثورة لن يكون إلا بالمولوتوف وقطع الطرق.
مرة أخرى الثورة النبيلة والسلمية أسقطت مبارك بوحدة الصف والإرادة واللافتات المهذبة، وزئير الصوت، ولم تسقطه بالعنف أو الاستجابة لاستفزازات بعض الأجهزة الخبيثة.
غالبية المتشنجين الذين يعتقدون بجدوى المولوتوف لا يدركون ــ للأسف ــ أنهم ينجرون إلى الحفرة التى حفرها لهم أعداء الثورة، حتى يسهل تشويه صورتهم وإظهارهم وكأنهم بلطجية وليسوا أصحاب مطالب عادلة.
لو أن الاحتكام سيكون للقوة، فسوف ينهزم الشباب لأن الطرف الآخر يملك كل أسباب القوة المادية.. كما ان الفلول يكرهون كلمة «سلمية».. ويحاولون جر الشباب إلى ملعبهم حتى يبدو الأمر وكأنه صراع بين طرفين متكافئين.
يفترض أن سر قوة الشباب هو عدالة مطالبهم وتضحياتهم، وهى الأسلحة التى يفترض ألا يتخلوا عنها لأنها تعطيهم التفوق الأخلاقى على اعداء الثورة.
تذكروا أيضا أنه عندما كانت الثورة سلمية تماما كان المجلس الأعلى يسارع بالاعتذار عند كل خطأ يقع فيه على غرار مقولة «رصيدنا لديكم يسمح»، لكن عندما «انحشر» البعض مستخدما الصوت العالى و«التهديد بالزحف والاقتحام» وإلقاء بعض كرات اللهب الصبيانية، وجدنا أجهزة الأمن تصرخ بصورة كوميدية وتطالب المواطنين بحمايتها من «أولئك الذين يحاولون اقتحام الوزارات والمؤسسات وهدم أسس الدولة» والكل يعلم أن منظمات الصوت العالى لا تستطيع إسقاط شجرة، ناهيك عن إسقاط دولة.
لا يدرك المثاليون أنه ما كان يمكن اختراع حكاية الطرف الثالث من دون حشد بعض المندسين داخل صفوف الثوار كى يلقوا بحجر هنا أو زجاجة مولوتوف هناك وبعدها يخرج شاب متوتر أو متحمس أو قريب شهيد أو «مذقوق» ليطالب المعتصمين «بإشعالها وليس إطفائها»، وهكذا يتم توزيع الفيديو على اليوتيوب والمحطات المشبوهة، لتصل رسالة مضللة للبسطاء خلاصتها أن الثوار هم سبب كل المشكلات.
ليس عيبا ولا ضعفا أن يقيم الثوار ما وقعوا فيه من أخطاء أو يلتفتوا الى المصائد التى يتم جرهم إليها كثيرا فى الفترة الأخيرة.
نعم الثوار تعرضوا ويتعرضون لحرب شرسة وممنهجة، والمؤكد أنها ستستمر، طالما ظل الثوار قابضين على جمر ثورتهم.
عندما نطالب الثوار بقراءة الواقع بموضوعية فلا يعنى ذلك أن يتخلوا عن حلمهم أو حتى يبيعوا قضيتهم بل أن يبتكروا وسائل إبداعية تصل إلى الشعب حتى يقف بجانبهم.
هل يظن عاقل أن الثورة ستنتصر بمظاهرة واحدة أو اعتصام طويل من دون ظهير شعبى يحمى ظهرها ويجعلها تتواصل؟!.
الذى سيجعل الثورة تستكمل أهدافها هو القدرة على ابتكار وسائل سلمية تحشد غالبية الناس خلف الثوار.
التواضع أيضا أحد الأسلحة الفتاكة التى كان الثوار يتحلون بها، ثم فوجئنا ببعض المدعين الذين يستخدمون لغة متعالية، أحد نتائجها أن بعض البسطاء صاروا ينفرون منها.
الوقت لم يمر بعد، والطريقة التى تعمل بها حركة «مصرنا» تستحق الإشادة، وينبغى أن يسعى كل المخلصين لتعميمها وتوسيعها.
الشتائم والتعالى وزجاجات المولوتوف والتهديدات الجوفاء لا تسقط الأنظمة حتى لو كانت الأخيرة ظالمة ومستبدة، قوة الأفكار وعدالة ونبل المطالب مع تحشد يؤمن بها هو الذى يفعل ذلك.