كل شىء للبيع حتى الثقافة والحضارة والفن!!! - خولة مطر - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 4:04 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كل شىء للبيع حتى الثقافة والحضارة والفن!!!

نشر فى : الأحد 19 نوفمبر 2017 - 11:05 م | آخر تحديث : الأحد 19 نوفمبر 2017 - 11:05 م
أن تتحول الجامعات إلى بوتيكات والمدارس والمستشفيات إلى مراكز للربح السريع فهذا أمر لا يمكن أن يحمل مجتمعاتنا من واقعها الحالى إلى تنمية حقيقية فى البشر وليس نمو الحجر والمبانى وتشييد متاحف ومراكز ثقافية تبقى مشوهة فى محيط لا تعنيه الثقافة إلا كما يصف ذاك الثرى فى قصره الفخم الكتب على أرفف يملؤها الغبار وتغطيها العناكب.

***
استمعوا لروايات عدة لشخصيات عربية وباحثين وباحثات تركوا مراكزهم فى جامعات أجنبية ليلتحقوا بالمشروع «الحضارى» الثقافى الذى تسارعت نحوه بعض الدول ضمن فلسفة الأكبر والأعلى والأعظم والانضمام لجينيس ووو!!!! بعضهم يتحدث عن حكايات بعيدة جدا عن الرغبة الحقيقية فى نشر الثقافة والوعى وبناء جيل شاب متعلم ومنفتح على الثقافات والكون.. يقولون إن ثقافة القبيلة تزحف أكثر من أى وقت مضى وأنه مهما حاولوا من كسر تلك الحواجز التى تعتبر أن رئيس الجامعة والقسم والوحدة يتعين حسب اسم العائلة وليس الكفاءة العلمية، انتهت محاولاتهم بالفشل أو التهديد بقطع الرزق.. فهم ككل القادمين إلى أرض العسل والنفط هم فقط طبقة من العبيد لا غير ولا أكثر.. ولكل منهم سعر ربما يعلى أو ينخفض حسب الموقع والمنصب!!

***
جامعات ومراكز ثقافية محاطة بجدران العزلة وكراهية الآخر ورفض أى طائفة أو دين أو عرق أو لون أو طبقة.. حتى أصبحت أكثر مواقع لنشر التعصب فاكتست بالسواد، فيما كانت فى الماضى عنوانا للفرح والموسيقى والفن والحب العفيف تحت شجر الزيزفون أو نخيل لا يموت.

***
إحدى الباحثات فى علم الانثربولوجيا استدعيت للمساعدة فى تدريب الطالبات فى إحدى الجامعات «الأنثوية».. تحلت بحماس شديد قالت هذه فرصتى لأقوم بواجبى تجاه وطنى الكبير فهى من ذاك الجيل القديم الذى كان يردد «وطنى حبيبى وطنى الأكبر» وتسابقت عليها الجامعات الأمريكية.. حزمت أمتعتها وكثيرا من الذكريات من حيفا مرورا ببيروت وعواصم ومدن عدة، وانتقلت جسديا إلى هناك فيما بقيت روحها هنا حيث رائحة شجر الزيتون الساكن على ضفاف البحر.. بعد أشهر وأشهر من المحاولات حزمت أمتعتها ورحلت مرددة مع شديد الأسف والحسرة: «إن جامعات لا تحترم العلم والتطور لا يمكن أن تنتج معرفة وانفتاحا». 

***
غيرها كثيرات وكثيرون.. رجال ونساء حاولوا أن تستثمر الثروات فى بناء الإنسان الحقيقى الفاعل والمتفاعل مع بيئته والعالم.. كلهم عادوا بكثير من الخيبة وربما الحزن لأن الجامعات والمسارح والمراكز الثقافية لا تبنى فى صحراء قاحلة إلا من مظاهر حداثية سطحية جدا ولا يمكن لها أن تكون مركزا حضاريا وفكريا فى جو من الانغلاق والعتمة الدائمة والرقص بالقرب من المقابر.

***
أجيال وأجيال قادمة تصطف فى طوابير العاطلين حتى فى تلك المدن «الثرية» إلا أنه هل بإمكان مثل هكذا جامعات أن تخرج أجيال قادرة على مواكبة التطورات فى العالم وهل تستطيع أن تقوم ببناء حقيقى لمجتمعات منفتحه على الكون؟؟ أشك جدا وأتمنى أن أكون على خطأ ولكن التاريخ قد علمنا الكثير ومنها أن العلم ليس بحاجة إلى مبان فخمة فبعض الفصول الصغيرة خرَّجت أهم من أثروا البشرية بالفكر والعلم والحضارة.. وإن الجامعات ليست فقط أن تأتى بأسماء لجامعات مهمة فى مراكزها فتعطيك الاسم فقط وتقبض مقابل ذلك ملايين الدولارات التى تساهم فى بناء مراكز علمية عندها فى المركز ويتركون هذه الجامعات تخرج قطيعا خلف قطيع وهم يرددون «هذا ما يستحقونه هم وهذا ما يريدون»!!! الفن والثقافة والحضارة لا تستورد يا سادة ولا يمكن لها أن تتحول إلى حقيبة الشانيل أو حذاء ايف سان لوران أو حتى خطط التنمية المغلفة والتى تحمل دمغة ماكنزي!!! ما لا ينتج من الداخل وبناء على تراكمات الفكر العالمى لا يمكن أن تبنى مجتمعات إلا تلك شديدة التشوه التى نحن نعيشها اليوم مع كثير من الأسى.. وناقل الكفر ليس بكافر!!!

 

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات