نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب حسن مدن، تناول فيه نوعين للفجوات الرقمية، النوع الأول اختلاف كفاءة خدمات الإنترنت بسبب عوامل سياسية (سوء الأوضاع المعيشية، اندلاع الحروب، انقطاعات الكهرباء الطويلة)، أما النوع الثانى فلا علاقة بينه وبين السياسة وإنما فجوات بين الأجيال، فالأصغر سنا متفوقون فى استخدام الإنترنت، بينما الأكبر يواجهون صعوبة.. نعرض من المقال ما يلى:

الإنترنت يعم العالم كله، أو هكذا يفترض، لكن هل تغطى خدمته كافة بلدان ومناطق العالم بالكفاءة ذاتها، من حيث السرعة والجودة ووصولها إلى كل الناس على اختلاف مستويات معيشتهم؟ سؤال سبقت معالجته مرارا، فصعوبة الأوضاع المعيشية فى بلدان مختلفة تطال، فيما تطال، جودة خدمة الإنترنت، ويزداد الوضع تعقيدا حين تجد هذه البلدان نفسها فى حال حرب، أكانت خارجية أم أهلية، حيث تسوء خدمة الإنترنت أو تكاد تختفى، خاصة مع الانقطاعات الطويلة للكهرباء، ومثال قطاع غزة منذ أن بدأ العدوان الإسرائيلى عليه خير دليل، حيث نقرأ على حسابات سكان غزة على وسائل التواصل شكاوى دائمة من ذلك، ما يحول دون تواصلهم مع أحبتهم وأقربائهم سواء داخل القطاع أو خارجه.

حين اندلعت الحرب الروسية – الأوكرانية حظرت الشركات العملاقة: «ميتا» و«جوجل» و«أبل»، خدماتها ومنتجاتها فى روسيا، ما وضع على المحك مدى صدقية الصورة التى رسمتها هذه المنصات عن نفسها بوصفها شركات تكنولوجية محايدة، وإذا بها تظهر انحيازها السياسى، وتعاقب المستخدمين الروس بحرمانهم من الوصول إلى خدماتها، بما فى ذلك عدم السماح لهم بالنشر على منصة تيك توك، بل وظهرت دعوات لفصل روسيا عن شبكة الإنترنت العالمية بشكل تام.

يومها قال الرئيس التنفيذى لشركة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة ICANN المسئولة عن حوكمة الإنترنت والتى تتخذ لنفسها شعار«عالم واحد، إنترنت واحد»: «مهمتنا يجب ألا تمتد إلى اتخاذ إجراءات عقابية أو إصدار عقوبات أو تقييد وصول الخدمة إلى قطاعات بعينها، بغض النظر عن الاستفزازات التى تحصل». وبذلك تبقى شبكة الإنترنت وفية للغاية التى نجحت فيها بخلق عالم افتراضى يجمع البشر جميعا، بما هم عليه من تنوع فى الأعراق والأديان واللغات والقوميات، وكذلك من اختلاف فى الثقافات والمواقف السياسية.

هناك فجوة رقمية أخرى لا علاقة للسياسة بها على الإطلاق هى معطى موضوعى جدير بالوقوف عنده، ونعنى بها تلك الفجوة التى بين الأجيال فى استخدام الإنترنت، ففيما تتفوق الأجيال الجديدة فى سبل دخول فضاءات العالم الرقمى ومتاهاته، تبدو الأجيال الأكبر عاجزة عن مجاراتها، وبالتى تحرم من الاستفادة مما يوفره الفضاء الرقمى من خدمات، فكلما تقدمت أعمار الناس قلت مهاراتهم فى هذا المجال.

دراسة حديثة غايتها البحث فى دور الصداقة فى تحسين حياة كبار السن، دعت، ضمن ما دعت، إلى تقليص الفجوة الرقمية بين الأجيال، من خلال مساعدة كبار السن على تحسين مهاراتهم الرقمية، كى تسمح لهم التكنولوجيا بالاستفادة من مجموعة واسعة من المعلومات ومتابعة الأخبار، ومساعدتهم فى الارتباط أكثر بالعائلة والأصدقاء والعالم الأوسع، عبر مشاركة أشياء مع أصدقائهم، وتحقيق تحسينات فى نمط حياتهم.