نشرت صحيفة البيان الإماراتية مقالا للكاتبة فاطمة المزروعى بتاريخ 16 أغسطس تناولت فيه كيفية إهدار الوقت من خلال التسويف أو التردد فى إنجاز المهام وصعوبة استرجاع الوقت الضائع.. نعرض من المقال ما يلى.
كم سمعنا تذمرا وشكاوى من قلة الوقت؟ كم مرة كان العذر لأى تقصير فى مهمة عمل أو فى إنجاز مشروع أو تعثر نجاح «الوقت» وأنه لم يسعفنا. كم مرة كان العذر لمن أخفق فى التفوق أو التميز، بأن الوقت لم يساعده؟. كثيرة هى الأعذار التى نستحضر فيها الوقت، وأنه هو السبب. لكن الأديب جاكسون براون، وضع قاعدة جميلة، فيها خير رد على كل من يسوق مثل هذه الكلمات، حيث قال: لا تقل أبدا إنك لا تملك الوقت الكافى، فإن جميع العظماء كان يومهم 24 ساعة، ولم يزد.
جميعنا أو معظمنا نتعرض لسرقة وقته، ورغم هذا قلة منا من يتنبه أنه يتعرض للسرقة، والمشكلة أن ما يتم سرقته منا على درجة عالية من الثمن، بل هو غالى القيمة، وإذا فقد فإن استعادته صعبة جدا، وفى بعض الحالات مستحيلة. وعندما أقول بأن معظمنا إذا لم نكن جميعنا قد سبق وتعرضنا لهذه السرقة، فلا أبالغ ولا أهول الموضوع، بل أضعه كما هو.
سرقة الوقت تتم عندما نؤجل قراراتنا المصيرية، أو نؤجل قراراتنا الهامة، لأى سبب وتحت أى ذريعة، فنحن فى الحقيقة كمن تعرض للسرقة، لكن الثمن الذى ندفعه أعظم من بضعة نقود فقدت، لأنها ضياع للوقت والجهد والأمل.
أسوق لكم مثالا عن واحد من أهم العوائق التى تمنع وتحد من التميز والإنجاز، وهو التسويف، أو التأجيل، أو التردد وعدم التوجه نحو المهمة والعمل بجد وإنجاز المطلوب بحماس، تحت حجج واهية لا أساس لها من الصحة، أو لا واقعية لها. وكما قالت الروائية الإنجليزية جورج إليوت: ليس هناك أى وقت متأخر لبداية تحقيق ما تريده، ابدأ من أى نقطة. والخلاصة، أن لكل مجتهد نصيبا.
انظر جيدا، يمينا ويسارا، ستجد أن معظم من هم بالقرب منك يتعرضون لسرقة التأجيل وبشكل يومى، فهم يؤجلون مشاريعهم، ويؤجلون مهامهم الوظيفية ولا ينجزونها فى وقتها، ويؤجلون قرارات تتعلق بصحتهم وحياتهم. وقديما قيل: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، لكننا فى هذا العصر نؤجل كل شىء، الأعمال والآمال والطموحات والحماس والعلم والمعرفة. والنتيجة أن الإنسان منا يفقد جوهر النجاح، ويفقد سبب الاندفاع نحو الأمام، فخسارتك لكل لحظة هى بمثابة وقت لا يمكن أن يعود أبدا.