مساء الجمعة تحدثت مع اثنين من كبار المسئولين فى مجلس الوزراء. وكانت حصيلة المكالمتين الآتى:
المسئول الأول يعتقد جازما أن الأمور تتجه كل يوم نحن الأفضل، وأن ما حدث فى كرداسة مؤشر جديد على التحسن. تساءل هذا المسئول الكبير، هل لاحظ المواطنون أن العملية كلها تمت من دون إصابة مواطن واحد وأن لواء الشرطة هو الذى استشهد، وبالتالى فإن صورة الشرطة العنيفة تتراجع طوال الوقت لمصلحة الشرطة التى تتعاون مع الشعب وتخدمه.
يعتقد هذا المسئول الحكومى المهم أن الدولة بدأت تستعيد كثيرا من صحتها وكثيرا من هيبتها.
فى تقدير هذا المسئول أنه رغم كل عناصر القلق والتوتر والشائعات فإن هناك عناصر قوة كثيرة فى المجتمع وبالتالى فإنه يعتقد أن أمام مصر فترة صعبة من عام إلى عام ونصف وبعدها ستبدأ الانطلاق، شرط الانتهاء من خريطة المستقبل وتحقيق الاستقرار الأمنى.
يضيف المسئول أن الأمر يشبه أن يكون لديك أسرة صغيرة وابنك طالب فى كلية الهندسة مثلا وحقق تفوقا محلوظا فى العامين الأولين، ثم أصابتك أزمة مالية، فهل ستكون متفائلا أو متشائما بمستقبل الطالب فى العامين الثالث والرابع؟!.
من وجهة نظره ونظرى فإن التفاؤل هو الحالة الأقرب. المسئول الثانى وبعد أن هنأته بقرار الحد الأدنى للأجور الصادر الأسبوع الماضى قلت له أشفق عليكم: كيف ومن أين ستأتون بالأموال كى تمولوا هذا البند؟.
قال الرجل فى عبارة مقتضبة، هناك موارد سنعلنها قريبا ولن تمثل أزمة كبيرة.. وهناك أخبار سارة سوف تعلن عنها الحكومة خلال أسابيع قليلة.
المسئولان الحكوميان اللذان تحدثت معهما مثقفان كبيران ومن النوع الواقعى ولم يعرف عنهما الإفراط فى التصريحات الوردية التخديرية، بل ربما كانا عمليين أكثر مما ينبغى، ولذلك شعرت بعد نهاية المكالمتين بأن هناك إمكانية حقيقية للنجاح، لكن بشرط تحقيق الاستقرار المجتمعى.
تحسن الاقتصاد لن يتحقق من دون وجود صيغة ما تنزع عوامل التوتر والقلق والإحباط، صيغة تسمح للإخوان وأنصارهم بوقف تصدير القلاقل للمجتمع أو الالتزام بمظاهرات سلمية فعلا لا تقطع طريقا أو توقف إنتاجا.
من حق الإخوان التظاهر السلمى طبقا للقانون أو حتى طبقا لمشروع القانون الذى وضعوه ولم يتم تمريره، لكن إصرارهم على مواجهة كل المجتمع، سيجعلهم يدفعون ثمنا باهظا هو زيادة عزلتهم الشعبية وتزايد عمليات التصدى لهم حتى لو كانت مظاهراتهم سلمية فعلا.
تحتاج الحكومة أيضا لما هو أبعد من الكلام والنوايا الحسنة، تحتاج إلى قرارات جريئة أخرى مثل قرار الحد الأدنى وقرار إلغاء الرسوم فى المدارس الحكومية.
المفترض أن تنشغل الحكومة والرئاسة وجميع أجهزة الدولة فى موضوع رئيسى: عنوانه البحث فى تطبيق أفكار خلاقة يتم ترجمتها إلى قرارات تصل رسالتها بسرعة إلى المواطنين خصوصا البسطاء منهم.
المواطن المصرى مثله مثل غيره سوف يساند الحكومة بقوة إذا شعر أن هذه الحكومة تمثله. وقتها سيفعل أى شىء إذا وصل إليه هذا الشعور.