الدبلوماسي في عين العاصفة - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:39 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدبلوماسي في عين العاصفة

نشر فى : الإثنين 24 أبريل 2023 - 9:25 م | آخر تحديث : الإثنين 24 أبريل 2023 - 9:25 م
قد يبدو الدبلوماسى هادئا، الابتسامة تعلو وجهه أمام الكاميرات عادة، فهو مجامل فى كلماته، رصين فى تصرفاته، مهندم فى ملبسه، لكنه ربما يغلى فى داخله، يركل ويصرخ، يلطخ زيه الرسمى بالأوساخ، يخرج من فمه أحط الألفاظ، قبل أن ينهار خلف الأبواب المغلقة، فضغوط المنصب، والمهام الموكلة إلى صاحبه تفوق الاحتمال، وتئن تحت وطأتها الجبال، خاصة إذا تعلقت تلك المهام بأرواح أشخاص، ومستقبل دول وشعوب مهددة بالنزاعات والحروب.
هذه الصورة التى لا يراها إلا نفر قليل من المحيطين بالدبلوماسى المحترف، هى جانب صغير من جوانب عدة ركزت عليها ثمانى حلقات من مسلسل «The Diplomat» الذى بثته منصة نتفلكس «Netflix» بدءًا من 20 أبريل الجارى، تحت عنوان «البعثة»، بطولة كيرى راسل، روفوس سيويل، وديفيد غياسى، من تأليف الكاتبة والمنتجة الأمريكية ديبورا كان.
فى قالب درامى مشوق، وسريع الإيقاع، يبدأ العمل باعتداء غامض على سفينة حربية بريطانية فى مياه الخليج العربى، وسرعان ما يتهم الجالس فى 10 دواننج ستريت حيث مقر رئيس الوزراء البريطانى وأجهزة استخباراته إيران، لتنطلق رحلة البحث عن انتقام لأرواح واحد وأربعين جنديا بريطانيا قضوا فى الهجوم، وسط ضغوط هائلة من أسر الضحايا والشارع البريطانى، ووسائل الإعلام المتعطشة للعناوين المثيرة!.
وفى مقابل الاتهام البريطانى، المبطن، لإيران بالوقوف وراء الهجوم، كان للحليف الأمريكى رأى آخر يطالب بـ «الصبر» لحين جمع المزيد من الأدلة على التورط الإيرانى، مع معلومات أولية تشير بأصابع اتهام أمريكية لروسيا بالضلوع فى الاعتداء الذى يضع منطقة الخليج العربى، بل والعالم، على فوهة نيران حامية لا تقل تدميرا عما يجرى من مواجهات بين الغرب وروسيا فوق الأراضى الأوكرانية.
أزمة دولية كبيرة، ستكون لها عواقب وخيمة، تخشى الولايات المتحدة من انزلاق الحليف البريطانى خصوصا، والغرب عموما، إليها، ولتفادى تداعيات الأحداث المتصاعدة، تصل كيت وايلر (الممثلة الأمريكية كيرى راسل) إلى لندن بدلا من الذهاب إلى أفغانستان الملتهبة، كسفيرة للولايات المتحدة فى المملكة المتحدة، لنزع فتيل الأزمة وإقامة تحالفات استراتيجية مع البريطانيين، بينما تواجه هى تحديات زواج مضطرب من زميلها الدبلوماسى والنجم السياسى هال وايلر (الممثل البريطانى روفوس سيويل).
«تختمر الحرب فى منطقة وتغلى فى منطقة أخرى»، وعلى الدبلوماسية الأمريكية، التراقص على وتر مشدود، لكبح جماح البريطانيين الذين يشعرون بالخذلان من الحليف عبر الأطلسى.
من تحت الطاولة تتواصل السفيرة الأمريكية مع نظيرها الروسى فى لندن فتكتشف أن الهجوم على السفينة البريطانية نفذته مجموعة مرتزقة على غرار مجموعة فاجنر الناشطة فى ليبيا، قبل أن يسرب لها الروس، كبادرة حسن نية، مكان اختباء قائد تلك المجموعة فى العاصمة الفرنسية باريس، لتتولى القوات البريطانية اعتقاله أو اغتياله، حفظا لماء الوجه!.
وبين واشنطن وباريس، مرورا بمقر الخارجية ورئاسة الوزراء البريطانية فى لندن تتنقل السفيرة الأمريكية، فوق مسرح ملىء بالمخاطر وحافل بالتوترات، التى تتوالد بمتوالية هندسية، نكتشف معها كيف تصنع الأزمات، أو تمنع، بألاعيب أجهزة الاستخبارات حينا، وحيل الدبلوماسيين فى أحيان أخرى، تعبيرا عن مصالح تسعى كل دولة إلى تأمينها، لتحقيق أهداف الساسة غالبا، وعلى حساب الشعوب عادة!
«البعثة» أو «The Diplomat»، مسلسل جدير أن يشاهده كل مهتم بما يجرى على رقعة الشطرنج الدولية من نزاعات وحروب، فهو إطلالة شبه واقعية على عالم يتغير ويموج بالدسائس والمؤامرات، كما أن أحداثه غير بعيدة عما يدور على أطراف أصابعنا وقرب حدود مصر الجنوبية فى اللحظة المعاشة، حيث تسارع الولايات المتحدة، والحلفاء الغربيون، الخطى لإجلاء رعاياها لتترك السودان وأهله لمصير محتوم من القتل والتدمير.
الآن.. وخلف الأبواب المغلقة ربما يصرخ دبلوماسيون، وقد ينهار بعضهم على غرار أبطال «البعثة الدبلوماسية»، وهم يحاولون القيام بمهامهم فى عين عاصفة هوجاء، وتحت وابل من النيران المشتعلة، ونوايا السياسيين غير المعلنة!.
التعليقات