فى عام 1955 قام المخرج إبراهيم عمارة بعمل فيلمين، عبارة عن نسخة واحدة طبق الأصل أراد بهما الاستفادة من ظهور مطربين جديدين متشابهين إلى حد كبير فى الصوت والأداء والموهبة، الفيلم الأول هو لحن الوفاء والفيلم الثانى هو ربيع الحب، والفيلمان اشترك فى البطولة الرئيسية هما: كل من شادية أمام عبدالحليم حافظ، ثم أمال حسنى حيث أدت دور الحبيبة لمطرب شاب فى بداية حياته مقبل على الحياة وسط منافسة من طرف آخر من العائلة الفيلم الأول حول حياة موسيقار كبير يتبنى شابا منذ صغره ورباه لكى يصبح موسيقيا مشهورا ويقع الشاب فى غرام زميلته فى الفرقة الغنائية وبمرور الوقت يقع الموسيقار الكبير فى حب نفس الفتاة، وفى الفيلم الثانى فإن التنافس على الفتاة الجميلة يتم بين شقيقين أحداهما كمال حسنى والآخر شكرى سرحان.
بدا إبراهيم عمارة كأنه قام تقسيم نفس القصة على فيلمين، ليس فقط من حيث تشابه الموضوع ولكن أيضا تشابه الأغانى والثنائيات الغنائية والمواقف العاطفية، ومن ناحية القصة فإن على واحد من أطراف المشاعر العاطفية أن يضحى بعواطفه من أجل إعادة الثنائى الذى يجد نفسه فى حالة حب، فالملحن الكبير رجل صدم فى بداية حياته عاطفيا حينما خانته امرأته وقرر أن يترك مدينة الإسكندرية ويذهب إلى القاهرة ويبدأ حياته وينشئ فرقة موسيقية استطاع من خلالها أن يحقق حلمه وتعرف على حبيبته التى صارت مطربة الفرقة، وشيئا فشيئا تسرب الحب إلى قلب الرجل العجوز وصدم عندما عرف أنها تحب جلال فكان الصدمة الثانية أقوى من الأولى وترك الفرقة وعاش على هامش الحياة إلى أن أقنعه صديق إلى أن التضحية هى الكنز الثمين لاستعادة طعم الحياة، نفس الحكاية فى الفيلم الآخر فهناك شقيقان لنفس الأب تعيش بينهما ابنة عمهما ويقع الاثنان فى حبها دون أن يدرى الآخر بمشاعر أخيه حتى إذا تأزمت الأمور وجبت التضحية.
أجواء الفيلمين تدور فى بيت فنان ينتمى إلى الطبقة الراقية، بما يعنى أن الشابين يعيشان بلا مشاكل اجتماعية وأن من النبل على أحدهما أن يرضى بالتضحية.
من الناحية الغنائية فإن عبدالحليم حافظ اشتهر فى هذا الفيلم بمجموعة من الأغنيات الفردية مثل «احتار خيالى»، و«لا تلومنى»، أما كمال حسنى فقد اشتهر بأغنيته الفردية «غالى عليه» التى لا تزال هى الأغنية الوحيدة التى «الفردية» التى يعرفها الناس، أما الدويتو الذى غناه عبدالحليم حافظ مع شادية فى إحدى الحدائق فإنه مستنسخ تماما من الدويتو الذى غناه كل من شادية وكمال حسنى فى إحدى الحدائق أيضا بنفس المعانى حيث يدور حول حبيبين يستحسن كل منهما الآخر على البوح بالحب يقول كمال حسنى «لو سملتك قلبى واديتك مفتاحه هل تقدر على حبى ودموعى وأفراحه»، أما عبدالحليم حافظ فإنه يسأل حبيبته قائلا: «تعالى أقولك، ها تقول إيه.. وساكت ليه» إلى أن يبوح كل منهما للآخر ويقول: «ما خلاص قولنا لبعض عليه».
بكل جرأة أقدم إبراهيم عمارة على هذه المغامرة، وبكل سذاجة وتقرب شاهد الناس الفيلمين وانشغل فيما بعد بمعركة صغيرة للغاية كان مفادها مجموعة من المكائد ابعدت كمال حسنى عن الغناء وعاد إلى وظيفته فى أحد البنوك وقد قادتنى المصادفة لمقابلة كمال حسنى بعد سنوات طويلة من الاعتزال والعودة، رأيته رجلا تجاوز الستين بالغ الأناقة لا يخفى شعره الأبيض ويقول لى:
كويس قوى أنك قرأت الفيلمين من وجهة النظر هذه ولكن أنا لن أتكلم عن أشياء جاهدت كثيرا أن أنساها.
ملحوظة نفس الكلام حكاه لى ذات يوم محمد رشدى وهو يحدثنى بالتفاصيل عن محاولات عبدالحليم حافظ للقيام بالغناء بعض الأغنيات التى خصصت له وعلى رأس موال أدهم الشرقاوى 1964 تاريخ موجود فى ذاكرة البعض فقط.