نشر موقع «Truthdig» مقالا للكاتب Robert Reich يوضح فيه كيف أن للشركات الرأسمالية الكبرى التى شاركت فى دافوس يدا فى المشكلات التى يعانى منها العالم، وكيف نجح ترامب فى التوفيق بين تلبية مطالبهم والحفاظ على دعم الطبقة العاملة له، ونعرض منه ما يلى:
بينما يناقش مجلس الشيوخ مستقبل دونالد ترامب، اجتمع المدراء التنفيذيون لأكبر الشركات العالمية والممولون والسياسيون فى دافوس، سويسرا، لدفاعهم السنوى عن الرأسمالية العالمية.
الحدثَيْن متصلان، ترامب متهم بإساءة استخدام سلطته. ويتعرض نخبة الرأسمالية فى دافوس للاتهام بسبب إساءة استخدامهم سلطاتهم أيضًا مثل: تأجيج عدم المساواة، وتشجيع الفساد، وإهمالهم لتغير المناخ.
إن المدراء التنفيذيين لأكبر الشركات العالمية يجنون أموالا أكثر وبمضاعفات أكبر من رواتب عمالهم مقارنة بأى وقت مضى فى التاريخ. وتقدر ثروة أغنى 26 شخصًا على وجه الأرض بما يصل إلى ما يمتلكه 3.8 مليار شخص والذين يشكلون الفئة الأكثر فقرا من سكان الكوكب.
الثروة المركزة على هذا النحو تولد الفساد. فى جميع أنحاء العالم، يستخدم أصحاب الثروة المال لإغراء السياسيين مقابل الحصول على امتيازات تزيد من حجم ثرواتهم بالإضافة إلى اختلاسهم بعض الموارد والأموال من آخرين.
الفساد يجعل من المستحيل رفع الأجور الضئيلة، ومحاربة تغير المناخ أو أى مشكلة أخرى تواجه الغالبية العظمى من سكان العالم والتى قد تتطلب بعض التضحية من قبل الأغنياء.
يتصاعد الغضب الشعبى ضد أصحاب الشركات الكبرى الرأسمالية الذين ينظر إليهم على أنهم جشعون وفاسدون وغير مبالين بمحنة معظم الناس الذين يكافحون من أجل الحصول على أى شىء. يتضح ذلك من الانتفاضات فى تشيلى وإسبانيا والإكوادور ولبنان وبوليفيا. والاحتجاجات البيئية فى المملكة المتحدة وألمانيا والنمسا وفرنسا ونيوزيلندا وسياسة كره الأجانب فى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبرازيل والمجر.
يأتى دعم ترامب إلى حد كبير من الطبقة العاملة فى أمريكا التى لم ترتفع أجورها منذ عقود، والتى أصبحت معرضة لخسارة وظائفها فى أى وقت وأصبحت الأموال الكبيرة متحكمة فى صوتها السياسى.
على الرغم من أن ترامب قد أعطى الشركات و«وول ستريت» كل ما أرادوا فى حين تجاهل مؤيديه، إلا أنه أقنع هؤلاء المؤيدين بأنه إلى جانبهم عن طريق توجيه غضبهم إلى الأجانب والمهاجرين والأقليات والبيروقراطيين «الدولة العميقة».
لذلك يبدو من المناسب أن يكون موضوع اجتماع دافوس لهذا العام هو «رأسمالية أصحاب المصلحة»، حيث تركز على فكرة أن الشركات تتحمل مسئولية تجاه عمالها ومجتمعاتها والبيئة وكذلك تجاه مساهميها.
وركزت الخطابات هناك على الفوائد «طويلة الأجل» لـ«رأسمالية أصحاب المصلحة» وكانت باختصار: العمال السعداء أكثر إنتاجية. ويمكن للطبقة المتوسطة المتنامية شراء المزيد من السلع والخدمات. وبدأ تغير المناخ يحدث حزمة من الكوارث البيئية وزيادة كلفة التأمين، لذلك يجب إيقافه.
كل هذا صحيح، لكن الرؤساء التنفيذيين المجتمعين كانوا يعلمون أنهم سيصبحون أكثر ثراءً من خلال زيادة قيم الأسهم على المدى القصير عن طريق إعادة شراء حصصهم من الأسهم، وخفض الأجور، ومحاربة النقابات، ومقاومة اللوائح البيئية، وشراء السياسيين مقابل التخفيضات الضريبية والإعانات.
كانت هذه هى استراتيجيتهم لمدة ثلاثة عقود، وهى على وشك أن تزداد سوءًا. حيث وجد ثلاثة باحثين ــ دانييل غرينفالد فى معهد سلون لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومارتن ليتاو من بيركلى وسيدنى لودفيجسون فى جامعة نيويورك ــ أنه من 1952 إلى 1988، كان النمو الاقتصادى يمثل 92٪ من الارتفاع فى قيم الأسهم. لكن منذ عام 1989، جاءت معظم الزيادة من «الإيجارات المعاد تخصيصها إلى المساهمين وبعيدا عن تعويض العمال».
ما يعنيه هذا هو أنه من أجل أن يزداد أداء سوق الأسهم بشكل جيد فى السنوات المقبلة، إما أن النمو الاقتصادى يجب أن يتسارع بشكل ملحوظ (وهذا لن يحدث)، أو سيتعين على الرؤساء التنفيذيين أن يستحوذوا على المزيد من مكاسب النمو من العمال.
سوف يتطلب هذا المزيد من الضغط لخفض الأجور، ومزيد من المكاسب للسياسيين من أجل تخفيض الضرائب والإعانات والمزيد من التراجع فى تنفيذ اللوائح البيئية. كل ذلك بالتأكيد سوف يزيد من السخط الشعبى.
لم يرد ذكر أى شىء من هذا فى دافوس، ولا عن القوة السياسية والاقتصادية المتزايدة لهذه النخب والقوة المتناقصة للعمال العاديين والمواطنين فى جميع أنحاء العالم.
لم يتحقق شىء فى جبال الألب السويسرية لأن الاستياء العالمى المتنامى لم يؤثر حتى الآن على الشركات والمؤسسات المالية التى يتجمع قادتها لتهنئة أنفسهم على ثروتهم وتأثيرهم وتبرعاتهم.
فى غضون ذلك، من المرجح أن يُبرئ مجلس الشيوخ ترامب، فالأغلبية من الجمهوريين وهم جبناء وليس لديهم مبادئ لدرجة أنهم سيتجاهلون أفعاله غير الدستورية الواضحة.
تحدث ترامب فى دافوس مخاطبا قادة الاقتصاد العالمى متفاخرا بسوق الأوراق المالية، حيث يتعرض للإكراه من قبل أصحاب الشركات الكبرى كالعادة. لكن شيئا واحدا لم يقله ترامب فى دافوس وهو أن إساءة استخدام السلطة ستؤدى فى النهاية إلى تدمير الرأسمالية والديمقراطية والكوكب.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:من هنا