خطر محتمل - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 4:51 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطر محتمل

نشر فى : الإثنين 27 فبراير 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 فبراير 2012 - 8:00 ص

فى الأسبوع الماضى حدثتك عن شروط المدنية، وقلت لك إنها فى أحد جوانبها تعنى رقة المعاملة، ودعوتك لأن تنظر حولك، فى سجالات النخبة وبرامج التوك شو وتعليقات فيس بوك وحوارات السلاح الأبيض والمولوتوف فى الشوارع، لتكتشف بسهولة انزلاقنا الخطر نحو الهمجية.

 

فى الأسبوع ذاته جرت عدة حوادث لا تشير فقط إلى تراجع مدنيتنا، وإنما تهدد بتفتيت الدولة ذاتها، ربما بصورة أسرع مما تنبأت به المخططات الأمريكية والصهيونية.

 

فى المنيا وقع 4 قتلى وأصيب عشرات فى معارك طاحنة بين أهالى إطسا البلد وإطسا المحطة، بعد خناقة بين سائق ميكروباص وزبون، وفى أسوان اقتحم نوبيون المحكمة وهربوا ثلاثة مساجين من ذويهم أدينوا فى مواجهات مع صعايدة وهددوا بالانفصال إذا ألقى القبض على المتهمين، وقال متحدثهم الرسمى إنهم لن يسلموهم إلا بعد صدور حكم بتبرئتهم «ومحاسبة القاضى على الخطأ الجسيم الذى ارتكبه»!.

 

وفى قنا، عاش الناس أياما من الرعب بعد حروب شوارع بين قبيلتى الأشراف والحميدات،استخدمت فيها الأسلحة الآلية وأحرقت منازل ومحال تجارية، وبحسب التقرير الممتاز الذى كتبه زميلنا أحمد عدلى فى «الشروق»، فإن القبيلتين اشترتا أسلحة بثلاثة ملايين جنيه، تم جمعها قبل ساعات من المواجهات، وبحسب التقرير أيضا فإن القبيلتين لا يتزوجان من بعضهما، كما ان لكل قبيلة أسواقها الخاصة، أى أنهما لا يتبادلان البيع والشراء.

 

ولعلك تذكر أن أكبر تهديد لهيبة الدولة عقب إزاحة النظام السابق جاء من قنا، حين قطع الأهالى السكة الحديد وفصلوا شمال الصعيد عن جنوبه احتجاجا على تعيين محافظ قبطى،ولم تحل المشكلة إلا بعودة المحافظ الأسبق عادل لبيب بعدها بشهور عدة.

 

طبعا ليست هذه هى المرة الأولى التى تحدث فيها حوادث من هذا النوع، فقد صار التجرؤ على سلطات الدولة، التنفيذية والتشريعية والقضائية ضمن عاداتنا اليومية، بفضل إعلام تحريضى مدلّس يخلط الحابل بالنابل، ويغرقنا عمدا فى متاهات الفوضى، كما أن استخدام القوة لم يعد حكرا على الدولة وحدها، وهذه بداية خطرة لنشأة الميليشيات المسلحة على الطريقة اللبنانية،خصوصا مع كميات الأسلحة المهولة التى تم تهريبها إلى مصر مؤخرا عبر ليبيا، وأغلبها أسلحة ثقيلة ومتطورة.

 

قد يرى البعض فى حديث الانفصال والتقسيم مخاوف مبالغا فيها، لكننى أذكركم بأننا لم نكن نتصور قبل سنوات أن تصل العلاقة بين المسلمين والأقباط إلى ما وصلت إليه، وكنا نردد عن اقتناع «شعب واحد نسيج واحد»، الآن أرجوك ألّا تخدع نفسك وانظر ما صارت إليه الأحوال، فالأمور شديدة السوء قد لا تحدث فجأة، والمؤامرة لا يعوزها سوى نفس طويل من مخططيها، وتربة رخوة جاهزة لاستقبالها.

 

عندى مخاوف حقيقية من تفتيت الدولة المصرية فى ظل فراغ السلطة الذى نعيشه، وعمليات التخوين وسوء الظن المتبادل بين جميع الأطراف، وانشغالنا بالرئيس التوافقى والدستور التواطؤى ولحى ضباط الشرطة وشرعية الميدان والأذان فى البرلمان، وما لم نرتب أولوياتنا، وننتبه لمخاطر استدراجنا فى معارك تستنزف جهدنا وطاقاتنا بلا طائل، فإن الخطر سيداهمنا بأقرب مما نتصور.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات