المشهد الصحفى - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:56 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المشهد الصحفى

نشر فى : الثلاثاء 26 مارس 2019 - 1:40 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 26 مارس 2019 - 1:40 ص

يسعى الصحفى طوال عمره إلى الحصول على أكبر مساحة حرية تمكنه من التنفس مهنيا والإبداع فكريا، وتقديم أفضل خدمة لمجتمع اختاره للعب دور أساسى فى التنوير وإعلام الناس بما يجرى فى مجتمعهم من أحداث تشكل تأثيرا مباشرا وغير مباشر على حياتهم اليومية ومستقبل أوطانهم.

هذا السعى المشروع للحرية يصطدم عادة برغبة الحكومات فى كل زمان ومكان، فى حجب ما يدور خلف الكواليس، ومحاولة تقديم صورة واحدة لمجريات الأحداث تخدم وجهة نظرها باعتبارها الأفضل والأصلح للناس، وبما يجور على حق الجمهور فى معرفة ما يحدث من مختلف الزوايا، عملا بحرية الرأى والتعبير التى تنص عليها الدساتير جميعها.

«صحفى يريد كل الحرية، وقيود تعوق حركته» هذا باختصار جوهر المشكلة، وهو التفسير المنطقى لحالة الانزعاج والغضب التى انتابت الجماعة الصحفية فى الأيام الأخيرة بصدور لائحة الجزاءات التى خرجت عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بما تضمنته من مواد تشكل قيودا حقيقية على حرية الرأى والتعبير، فى ظل مناخ يعلم القاصى والدانى إلى أى مدى يعانى فيه الصحفيون من صعوبات للوصول إلى مصادر معلوماتهم، حتى باتت صحفنا أقرب للنشرات المتشابهة.

لن أخوض فى ما تضمنته لائحة جزاءات المجلس الأعلى للإعلام من مواد تتعارض مع ما نص عليه الدستور من حقوق تكفل حرية الرأى والتعبير، ولن أتناول التوسع الكبير فى نصوص تمنح المجلس حق الحجب والمنع وتوقيع الغرامات الكبيرة على الصحف والمواقع الإلكترونية، فقد تناول العديد من الكتاب هذا الأمر، لكن اللافت أن سيف الحجب والغرامة طال الموقع الإلكترونى وصحيفة المشهد الأسبوعية التى يرأس تحريرها زميلنا مجدى شندى، فى اليوم التالى لصدور تلك اللائحة مباشرة.

شندى الذى لجأ إلى مسار التظلم أمام المجلس الأعلى للإعلام، والطعن أمام محكمة القضاء الإدارى على قرار حجب موقعه 6 أشهر، وتغريم صحيفته الورقية 50 ألف جنيه، يقول إن أحدا لم يحدد له المواد الصحفية التى كانت سببا فى القرار، ولم يسبق أن وجه إليه المجلس، أو أى جهة، تنبيها أو انذارا، أو خطابا يبدى فيه مرسله ملاحظات على ما يبثه الموقع أو تنشره الصحيفة، مع تأكيده على التزام الموقع والصحيفة بالقوانين واللوائح المنظمة للعمل الصحفى والاحتكام إلى القواعد المهنية المتعارف عليها.

رئيس تحرير «المشهد»، وردا على تصريح لرئيس المجلس الأعلى للإعلام، الأستاذ مكرم محمد أحمد، ذكر فيه أن الموقع الالكترونى غير مرخص، قال شندى إن «المشهد» كانت «أول صحيفة تدرج فى نشاطها الصحافة الإلكترونية منذ عام 2015، وقبل إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم للإعلام»، وإنه «بعد إقرار القانون 180 لسنة 2018، استجاب لدعوة المجلس للتقدم بأوراق ترخيص جديدة رغم أن الموقع مرخص بالفعل، ورغم عدم صدور اللائحة التنفيذية حتى الآن، وقدم فعليا كل الأوراق المطلوبة».

اختار شندى الطريق القانونى للدفاع عن صحيفته، بالتنسيق مع نقابة الصحفيين والجماعة الصحفية، كما يقول، وهذا حقه، غير أن الأثر السلبى لما حدث مع «المشهد» ستكون له تداعيات خطيرة على العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية المصرية، باعتبار «المشهد» تمثل رأس الذئب الطائر، والرسالة المطلوب تعليقها على جدران غرف الأخبار فى وسائل الإعلام المصرية المختلفة، لتذكير الجميع بأن «المشهد الصحفى» قبل لائحة عقوبات الأعلى للإعلام لن يكون بعد صدورها!

وقبل أن تلجأ «المشهد» إلى المسار القانونى، للتعبير عن رفض جزاءات الأعلى للإعلام، قال نقيب الصحفيين الجديد الزميل ضياء رشوان إن النقابة ستسلك الطريق نفسه فى الاعتراض على اللائحة، التى تعد من وجهة نظر العديد من الصحفيين المحك العملى والاختبار الحقيقى لقدرة النقيب ومجلس النقابة على الدفاع عن حرية الرأى والتعبير، وتجنيب الصحافة المحنة الكبرى التى تمر بها.

الأيدى المرتعشة لن تصنع إعلاما جيدا، والتوسع فى الملاحقة والحجب، والتوقيف، والمنع من النشر، ستكون له أوخم العواقب على حرية الرأى والتعبير ومهنة الصحافة والمجتمع ذاته، فلا تقدم لمجتمع تغلق نوافذه وأبوابه بـ«ضبة ومفتاح» لوائح جائرة.

التعليقات