حسب علمى فإن فيلم «حياتى أنت» إخراج يوسف معلوف 1952 هو أول فيلم مصرى تدور أحداثه على لسان البطل الذى يحكى ما حدث له فى الماضى وحتى تزوج حبيبته إلهام، هذا النوع من الحكى هو أسلوب أدبى أقرب إلى الاعترافات يعنى فيه الحكاء أنه يعرف تفاصيل الحدوتة من وجهة نظره هو، أى أنه يجهل الجوانب الأخرى التى لم يشهدها، وعليه أن يصدق، أو لا يصدق ما يحكى له وما تحكى له من تفاصيل يقولها الآخرون حول نفس الحدوتة لأن لكل منهم وجهة نظره التى تتقابل أو يتم المواجهة فيما بينها، قد حاول بعض السينمائيين التغلب على هذا الأمر، فقام أندريه كياد بصنع فيلم باسم الحياة الزوجية حكى كل من الزوجين الوقائع بوجهة نظره هو وعلى المشاهد أن يحدد ماذا حدث بالضبط، أغلب الروايات التى تدور على لسان أبطالها تتسم بهذه السمات التى ذكرناها، وأبرزها على الإطلاق «رباعية الإسكندرية» للبريطانى لورانس داريل الذى جعل روايته تدور من خلال أربع وجهات نظر أو على لسان أربعة أشخاص، ولكن عندما تحولت هذه الرباعية إلى فيلم سينمائى 1969 كانت تحمل وجهة نظر واحدة من الأربعة، كما حدث هذا أيضا فى رباعية الرجل الذى فقد ظله لفتحى غانم التى تحولت أيضا إلى فيلم أخرجه كمال الشيخ يحمل وجهة نظر شخص واحد وهو المخرج، بالنسبة لفيلم حياتى أنت بطولة كمال الشناوى وشكرى سرحان وشادية، ومنى، فإن سمير هو الذى يحكى ماذا حدث له وكيف تعرف على إلهام، وكيف عمل عند والدها، وخلال أحداث الفيلم فإن سمير لا يكف عن أن يحكى لنا تفاصيل ليس فى حاجة إلى تفسير من خلال الحوار أو التمثيل، بما يعنى أنه يحكى الفواصل من وجهة نظره غير المحايدة، وهذا الأمر أرق بعض المخرجين الذين كانوا يجعلون أبطالهم يحكون تفاصيل القصص، وحسب علمى فإن يوسف عيسى الذى كتب الاسم قد كتب قصة أقرب إلى الروايات الفرنسية، وقد قام صلاح أبو سيف بالالتزام بأن تقوم التلميذة نادية لطفى بحكى ما يدور فى بيتها فى فيلم لا أنام الذى يحمل وجهة نظرها وحدها، فهى الوحيدة التى تعلم الحقيقة وتبلغها لنا، وهذا الفيلم والرواية مأخوذان عن رواية «صباح الخير أيتها الأحزان» تأليف فرنزواز ساجان التى تحولت إلى فيلم من إخراج أوطو بريمنجر الذى لم يجعل الأحداث تدور أبدا على لسان الابنة المراهقة.
وفى السينما الحديثة فإن داوود عبد السيد قدم هذا النوع من الكتابة السينمائية النادرة فى فيلمه «أرض الخوف»، والحقيقة أن يوسف عيسى صاحب الميول الأدبية قد كسى ما يكتبه بالجدية، وجعلنا نشعر أننا نقرأ رواية عن طريق الصورة، باعتبار أن يوسف معلوف كان اهتم فى المقام الأول بالسينما الكوميدية الخفيفة؛ حيث إن أغلب أفلامه تجمع بين الثلاثى إسماعيل يس، شادية، كمال الشناوى، ومنها: «فى الهوا سوا، مغامرات إسماعيل يس، الهوا مالوش دوا»، وإننى واثق أن أحدا لم يكتب عن هذا الفيلم بالمنظور الذى نقصده اليوم، فهو لا يعرض إلا قليلا على القنوات السينمائية، ويمكن التعرف على هذا الفيلم من مناظير أخرى مثل اشتراك هذا الثالوث الممثل معا فى أفلام أخرى كثيرة، أى أنهم كانوا يعملون معا فى المضمون وبعيدا عن هذا الفيلم فإن يوسف معلوف قد أخرج أفلاما كثيرة لشكرى سرحان أيضا لكمال الشناوى، ولأن حياتى أنت لم يأخذ حقه فإننى أدعوا القراء لمشاهدته بعين مختلفة إذا كانوا قد تابعوه فى مرات سابقة، ولا شك أن الأمر سيختلف كأننا نشاهد فيلما جديدا.