** أبتعد دائما عن المبالغات، وعن وصف كل انتصار فى مباراة بأنه تاريخى، حتى إننا لم نترك شيئا للتاريخ ليسجله. لكننا أمام حدث رياضى تاريخى مصرى، وهو الفوز بميداليتين فضيتين فى بطولة العالم للجمباز للناشئين. الميداليتان فى الجمباز الإيقاعى حققتهما فريدة بهنسى فى منافسات الصولجان ولينا حليقة فى منافسات الشريط، وهما أول ميدالتين للجمباز المصرى منذ عام 1903 وفى تاريخ بطولات اللعبة.

** وفازت «فريدة بهنسى» بالميدالية الفضية بمنافسات الصولجان عقب تحقيقها 25.550 نقطة، وفازت لينا حليقة بالميدالية الفضية فى منافسات «الشريط» وجمعت 25.850 نقطة. ويذكر أن البطولة أقيمت بالعاصمة البلغارية صوفيا خلال الفترة (18 - 22) يونيو الجارى، وذلك بمشاركة 167 لاعبة من 68 دولة وسط حدث كروى شعبى عالمى آخر خطف الأنظار وهو بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم فى أمريكا.

** الجمباز بمختلف أجهزته ومسابقاته رياضة صعبة ومعقدة ودقيقة، وتتجلى فى تلك الرياضة القدرة الحركية البشرية، من تناغم فى الأداء وتتابعه، وبما فيها من إبداع وابتكار حركى وبدنى ممتع، ويقال أن الجمباز هو أساس كل اللعبات، ويُعلّم ممارسيه كيفية الحركة والقفز واللّف والتأرجح وغيرها من حركات الجسم المرنة، وتُسهم هذه الرياضة بشكلٍ فريد فى تحسين اللياقة العامة للجسم، والتنسيق والقوة والقدرة على التوازن وخفة الحركة وسرعتها. وقد سجل التاريخ إنجازات عديدة للاعبين وللاعبات فى الألعاب الأوليمبية ، وأهمهم الرومانية نادية كومانشى الحائزة على الدرجة النهائية هى أول لاعبة تحصل على الدرجة الكاملة فى الأولمبياد. وكان ذلك فى مونتريال 1976، وفازت بثلاث ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية. كما حصلت على لقب أفضل رياضية فى العالم فى 1975. وتم اختيارها شخصية العام الرياضى من هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى عام 1976».

** والواقع أن هناك رياضات شديدة الصعوبة فى قواعدها وحركاتها وفى ممارستها وفى تدريبها ولذلك تصنف بأنها رياضات أوليمبية عظيمة، وهى ألعاب القوى، والجمباز والسباحة، وأضيف إليها الترويض فى الفروسية، لما يحتويه من إبداع تدريبى فى علاقة الفارس بالفرس. وللجمباز مدراس تدريبية رائدة وكانت المنافسة قديما بين رومانيا والاتحاد السوفيتى وألمانيا الشرقية، حتى دخلت دول الغرب وأمريكا فى المنافسة. أو يذكر أن الجزائرية كايليا نمور هى أول لاعبة تفوز بميدالية ذهبية عربية فى الألعاب الأوليمبية فى باريس 2024.

** هذا الإنجاز الذى حققته لاعبات منتخب مصر للجمباز الإيقاعى جاء نتيجة بالتأكيد نتيجة جهود هائلة وتخطيط علمى، ومشروع وضعه اتحاد الجمباز المصرى، بالتعاون مع عشرات الأندية المصرية ووزارة الشباب والرياضة، وسوف أعتبر إنجاز الفتاتين الرائعتين فريدة بهنسى ولينا حليقة ضمن أفضل الإنجازات الرياضية المصرية على مدى مائة عام نظرا لصعوبة هذه الرياضة. ومما لاشك فيه أن الأسرة كان لها دور كبير فى صناعة تلك البطولة، حيث أدرك جيدا مدى اهتمام الأسر المصرية برياضة الجمباز حتى إن صالات اللاعبة فى مختلف الأندية تعانى من تكدس وازدحام.

** .. الميداليتان يمكن وصفهما بـ: «معجزة صوفيا».. على وزن معجزة بيرن فى بطولة كأس العالم لكرة القدم فى ألمانيا عام 1954.
ومعجزة بيرن معروفة ففى 4 يوليو احتضن ملعب «وانكدورف» فى بيرن السويسرية، نهائى كأس العالم الذى أقيم وسط أمطار غزيرة فى حضور جماهيرى تجاوز الـ62 ألف متفرج. بين ألمانيا الغربية والمجر، ويومها دخل الفريق المجرى المباراة كمرشح بقوة للفوز بعدما اقتنص ذهبية أولمبياد هلسنكى قبل عامين، وتجاوزت بجانب عدم تلقى الفريق أى خسارة فى 31 مباراة رسمية بعد الانتصار 6/3 على إنجلترا القوية فى ويمبلى.. تقدمت المجر 2/صفر بعد 8 دقائق عبر بوشكاش وزولتان سزيبور، وسجل الهدف الأول لألمانيا ماكس مورلوك الفارق بعد دقيقتين ثم سجل هيلموت ران نجم المنتخب الألمانى العدف الثانى، وسجل هدف الفوز قبل النهاية بـ6 دقائق، بتصويبة أرضية شهيرة، لينهى سلسلة اللا خسارة المجرية وينهى آمال رفاق بوشكاش فى حمل كأس العالم.. ووصفت وكالات الأنباء والصحف العالمية وكتب التاريخ هذا الانتصار بأنه «معجزة بيرن»؟