** فى عام 1994 نظمت أمريكا واحدة من أنجح بطولات كأس العالم لكرة القدم فى الفترة من 17 يونيو إلى 17 يوليو، فشهدت البطولة أرقامًا قياسية منها الحضور الجماهيرى، وتنافس فيها 24 منتخبًا، وبلغ الحضور الجماهيري فى مجموعة 3.6 مليون متفرج تابعوا 52 مباراة. أقيمت فى 9 مدن أمريكية. واليوم تواجه كأس العالم للأندية التى تستضيفها الولايات المتحدة انتقادات صحفية أوروبية عنيفة، لدرجة أن بعض النقاد والخبراء حكموا على مونديال 2026 بالفشل الذريع، فيما وصفوه: زمن كرة القدم فى عهد ترامب وإنفانتينو رئيس دولة عظمى يسأل بلا مناسبة لاعبى يوفنتوس: هل تقبلون امراة لاعبة فى فريقكم وبجواره رئيس جمهورية كرة القدم يهز رأسه طربًا؟!
** كيف ستقام كأس العالم المقبلة وفى ظروف مناخية قاسية، أمطار وعواصف وحرارة ورطوبة، ومطاردات للمهاجرين الذين كانوا وراء نجاح بطولة 1994؟ كيف ستُقام بطولة كأس العالم المقبلة فى ثلاث دول، بينها مساحات، وتتطلب رحلات جوية عديدة،، لمتابعة 80 مباراة، بمشاركة 48 منتخبًا؟ هل يمكن التضحية بمشاهدة كأس العالم لتلك الأسباب؟ هل من الأفضل تجنب كأس العالم الأمريكية التى ستقام الصيف المقبل برعاية ترامب وإنفانتينو؟ قد تكون الإجابة، بناءً على توجهك السياسى ومشاعرك تجاه رجلين يقفان على رأس حدث عالمى مهم، ينظمه اثنان من أكثر نجوم السينما غرورًا فى العالم؟!
** لم يكن هذا النقد موجودًا من جانب الصحافة الأوروبية فى 1994 على الرغم من أن الظروف المناخية هى نفسها القائمة فى كأس العالم للأندية، وربما لم تلغَ أو تؤجل مباريات أيامها، بسبب عواصف رعدية طارئة. لكن من الواضح أن كاس العالم للأندية على الطريقة الأمريكية لم تحظَ بإعجاب الفرق الأوروبية، ومن ذلك طريقة تقديم الفرق قبل المباريات، على أرض الملعب بشكل فردى، مثل السباحين قبل نهائيات الأولمبياد. فى مباراة أولسان ضد ماميلودى صنداونز، كان من الأفضل أن يُقدّموا الجماهير. من يحتاج هذا؟ من يريد هذا؟ لماذا يضطر اللاعب الأول إلى الانتظار لبضع دقائق فى انتظار اللاعب الثانى والعشرين؟
** لأكثر من قرن، ظل النظام أو الروتين، أو قواعد كرة القدم ورسائلها أن يخرج الفريقان جنبًا إلى جنب. ولطالما كان هذا جزءًا من طقوس كرة القدم فى المباريات الرسمية أو الودية وفى المنافسات القوية الساخنة أو المنافسات البسيطة، فاللعبة قامت على أنها بين فريقين، وهذه هى المنافسة: فريق ضد فريق. لكن يبدو أن فيفا تأثر بالمجتمع الأمريكى الذى نجح دون شك وصنع دولة عظمى قامت على تعظيم دور الفرد، إلا أن هذا لا يمثل رسالة كرة القدم، وللأسف سعى فيفا ورئيسه إلى جذب الحضور الجماهيرى وتحفيز الاهتمام، بالتركيز على اللاعب الفرد، ولهذا السبب كان هناك كل هذا الحديث، ومعظمه من إنفانتينو، حول إمكانية حصول كريستيانو رونالدو على عقد قصير الأجل مع أحد الفرق المتأهلة، وتم التلاعب بتقسيم التصفيات لضمان وجود إنتر ميامى بقيادة ليونيل ميسى.
** الاحتفاء بكرة القدم ليس جديدًا، لكنه يتزايد، وعندما عاد بول بوجبا إلى مانشستر يونايتد فى عام 2016، وبدلًا من الحديث عن الدورى الإنجليزى الممتاز أو التتويج بكأس أوروبا، قال إنه يحلم بالفوز بجائزة الكرة الذهبية، وكان الأمر صادمًا، فى ذلك الوقت، بل بدا غريبًا عند الإنجليز وعند جماهير يونايتد فكيف يُعلى لاعب من مصالحه الشخصية فوق مجد نجاح الفريق. لكن يبدو أن هذا أصبح أمرًا طبيعيًا مع اتساع دوائر كرة القدم فى العالم، وتراكم الأموال أمام اللاعبين، ولذلك عندما رحل نيمار عن برشلونة إلى باريس سان جيرمان وضع الكرة الذهبية سببًا وهدفًا فلم يحصل عليه، وهو أحد أسباب ترينت ألكسندر إلى ريال مدريد حيث ذكر الكرة الذهبية كحافز؟
** هذا الموسم قدم باريس سان جيرمان درسًا ومثالًا يستحق المتابعة والبحث والتفكير لدى إدارات الأندية. حيث تعاقدوا مع نجوم دون تفكير يُذكر فى كيفية لعبهم معًا. ورغم أن مواردهم الهائلة أهّلتهم للفوز بالدورى الفرنسى، مرات ومرات فإنهم كانوا يتعثرون فى أوروبا. ثم تغير النهج، وتغيرت الفسلفة فلم يُنفق باريس سان جيرمان المال على نيمار وميسى، بل على لاعبين فى طريقهم للصعود، ولا يزالون متعطشين للنجاح، ويمكنهم اللعب معًا. وكانت النتيجة دورى أبطال أوروبا، وعلى الرغم من هزيمتهم أمام بوتافوجوالبرازيلى فإن ذلك لا يقلل أبدًا من تجربتهم فى دورى أبطال أوروبا. لكن يبدو أن فلورنتينو بيريز لا يزال متمسكًا برؤيته الجامحة لكرة القدم، مُصرًا على ضم كيليان مبابى إلى تشكيلة تضم بالفعل فينيسيوس جونيور ورودريجو، ما أدى إلى اختلال التوازن وتراجع فى الأداء.