قد تكون عملية اغتيال سمير القنطار فى سوريا نموذجا للاستراتيجية الجديدة للجيش الإسرائيلى التى نشرها قبل بضعة أشهر رئيس أركانه غادى إيزنكوت والتى تهدف إلى إعادة بناء هذا الجيش وتعزيز قوة الردع الإسرائيلية.
منذ مجىء إيزنكوت وهو يعمل على تدريب قواته على مواجهة خطر نشوب نزاع عسكرى مع «حزب الله» على الحدود مع لبنان، أو جولة عنف جديدة مع حركة «حماس» فى قطاع غزة، أو «حزب الله» والحرس الثورى الإيرانى فتح جبهة جديدة فى الجولان، واحتمال اقتراب تنظيم داعش من الحدود.
ويمكن القول إن آخر مواجهة عسكرية بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلى كانت عندما هاجم الحزب دورية إسرائيلية فى مزارع شبعا ردا على اغتيال جهاد مغنية وقادة عسكريين من الحزب ومن إيران والتى أدت إلى مقتل جنديين إسرائيليين. يومها مارست إسرائيل ضبط النفس واعتبرت أن ما جرى يدخل فى إطار توازن الردع، ولا ضرورة تاليا لأن يؤدى ما حصل إلى مواجهة واسعة النطاق.
اختيار إسرائيل سمير القنطار هدفا للتصفية يرمى إلى أكثر من هدف قديم وجديد. فهو للتأكيد أن إسرائيل لن تتساهل أبدا مع أى مسعى يبذله «حزب الله» لإيجاد بناء بنية تحتية عسكرية له فى هضبة الجولان بدعم من الإيرانيين. والهدف الجديد هو التشديد على أن إسرائيل لاتزال قادرة على الوصول إلى أهدافها فى قلب دمشق، ولا يغير فى شىء وجود منظومات صاروخية روسية دفاعية جديدة ولا الوجود العسكرى الروسى فى سوريا.
والأكيد أن تصفية سمير القنطار تهدف أيضا إلى استفزاز «حزب الله» ودفعه إلى الرد واستغلال ذلك ذريعة لتوجيه ضربة موجعة إليه. وتجمع التحليلات الإسرائيلية للاغتيال على أن القنطار لم يكن شخصية أساسية داخل الحزب مثل جهاد مغنية مثلا، وتاليا فإن الضرر معنوى وليس عسكريا. كما ترجح التقديرات الإسرائيلية أن التهديدات التى أطلقها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله هى شكلية وأن الحزب لن يخاطر بالانجرار إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق مع إسرائيل وقت يخوض حربا شرسة دفاعا عن نظام بشار الأسد.
من خلال متابعة ردود الفعل الإسرائيلية بعد الاغتيال، يرجح أن إسرائيل لا تريد حربا مع «حزب الله»، وهى كما يقول غيورا أيلاند لا تسعى من خلال عمليتها إلى اضعاف نظام الأسد، وهى مع التسوية الروسية فى سوريا. كل ذلك يجعل الاغتيال تفصيلا داخل صورة شديدة التعقيد، فلا إسرائيل ولا غيرها من القوى الإقليمية والدولية ترغب فى مواجهة عسكرية جديدة فى المنطقة.
النهار ــ لبنان
رندة حيدر