نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب عبداللطيف الزبيدى، يقول فيه إن وصف وزير الخارجية الروسى لأعضاء البريكس ــ بعد إضافة 6 دول جديدة ــ بأنه أصبح كمنتخب كرة القدم، هو وصف له دلالة كبيرة، إذ ستتحلى هذه المنظمة بالروح الرياضية فى التعاون، وعند وقوع مشكلات ستعمد إلى حلها بشكل ودى، على عكس القوى الغربية التى لا تعرف اللعب النظيف بل لغة القوة والمصالح... نعرض من المقال ما يلى:
هل سمعت ما قاله وزير الخارجية الروسية، سيرغى لافروف، عن الدول الستّ التى انضمّت إلى بريكس؟ قال: «صرنا منتخب كرة قدم»، أحد عشر لاعبا. مقولته مرماها بعيد، ليست مجرد هز شباك، ولا محض ظمأ إلى تسجيل الأهداف وركلات الجزاء، وإن كانت المباريات لا تخلو من تلك الأمور وغيرها. لكن ما لا يُمحى من ذاكرة شعوب الجنوب، هو أن قوى الشمال، على مرّ القرون الاستعمارية الاستغلالية، لم تبرهن ولا حتى طرفة عين أو ما دون ارتداد الطرف، على أنها تعرف معانى اللعب النظيف، الروح الرياضية، نزاهة التحكيم، احترام قواعد اللعبة، باتت تؤمن إيمانا راسخا بأن موقعها فى الشمال امتيازٌ جغرافى سماوى، وعلى كعكته كرزات من «ذهبى الشعر غربى السمات».
أول ظهور للمنتخب، سيكون مع النفَس الأول من يناير 2024، وعند مطلع الفجر سيكون المنتخب قد اكتمل بانضمام دولة الإمارات، مصر، المملكة العربية السعودية، إيران، الأرجنتين وإثيوبيا. مبعث تفاؤل، فثلاث عربية، من أربع إسلامية. لكن، مهلا، فالبقية تأتى، آتية، ففى الاحتياط قائمة طويلة. بأحد عشر لاعبا جديدا، سيتشكل منتخبٌ ثانٍ، وتحلو المباريات النزيهة حقا، بروح رياضية حقا وسلمية حقا، لأنه حتى عند اختلاف وجهات النظر والمواقف والمصالح، ستُحلّ المشكلات وديا، من دون لجوء إلى القوة. ألم ينشرح صدر المنطقة حين تنفست العلاقات السعودية الإيرانية الصعداء، بينما شبّت النيران فى صدور تعيش على مصائب المنكوبين؟ من المنطلق البديهى أنه ليس من مصلحة المنتخب أن يكون بين أعضائه خلافات ونزاعات، فالأمل كبير فى حل سلمى عادل لقضية سد النهضة. هل يمكن أن تغفل بريكس الموسعة عن المشكلة ومصر وإثيوبيا فى المنتخب؟ الحل هو الحل. المصالح الأكبر دائما توجد حلولا أكبر. الإشارة المبشرة فى كلمة الزعيم الصينى شى جين بينج: «علينا تعزيز التعاون بيننا.. وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بالتنمية السلمية». الآمال عريضة، قال: «يجب العمل معا لتطوير سلاسل التوريد، وتعزيز الاقتصاد الرقمى، والتصنيع والصناعة الخضراء وتعزيز التجارة والتبادل المالى». لم يَنْس «التعاون فى قطاعات التعليم».
الخلاصة المقصودة من وراء هذا التمهيد، هى أن بريكس الموسعة، والتى ستزداد توسعا، إنما هى أكبر بما لا يقاس من أن تنحصر فى منظمة اقتصادية أو مالية، هى على عظمة ما يمثله المنتخب الأحد عشرى، شروق ثقافة طالما ورّدت أحلام الفلاسفة والمصلحين، أن تغدو لقوى الخير والسلام عضلات مفتولة تنعتق بها الشعوب من الظلم والنهب والاسترقاق، وتهبّ الطاقات الذاتية لتشيد التنمية لأوطانها، وتغرب غربان البين التى كانت تنعب على خرائب البلدان، ونوائب الشعوب.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: هل آن أوان إدراك المثقفين العرب، أن ما يشهدون اليوم مولدَه، إنما هو تحوّل ثقافى تاريخى، وبزوغ شمس الثقافة الاستراتيجية التنموية. هل أعدّوا لبناتهم؟