أحمد الزيادى.. فى وداع ناشر كبير - إيهاب الملاح - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 5:50 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أحمد الزيادى.. فى وداع ناشر كبير

نشر فى : الجمعة 27 أكتوبر 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : الجمعة 27 أكتوبر 2017 - 9:10 م
بقلوب مؤمنة بقضاء الله، ودَّعت أسرة النشر المصرية والعربية، الأسبوع الماضى، واحدا من شيوخها وروادها الكبار، الأستاذ أحمد الزيادى، أحد آباء مهنة النشر والطباعة ليس فى مصر وحدها بل فى العالم العربى كله.

الأستاذ أحمد الزيادى، نائب رئيس مجلس إدارة دار الشروق الأسبق، ربما لا يعرف اسمه على نطاق واسع الجمهورُ العريض المتصل بحركة تداول الكتاب بيعا وشراء، قراءة واستهلاكا، لكن من المستحيل أن يكون واحد ممن اتصلوا بصناعة نشر الكتب وطباعتها وتوزيعها، طيلة نصف القرن الماضى، لم يعرف اسم الأستاذ الكبير الذى قضى جُل عمره بطلا من أبطال كتيبة دار ومطابع الشروق، وركنا ركينا من أركانها الزاهرة، وأحد أعمدتها الأصيلة الراسخة، وهو أيضا من الأوائل الذين عاصروا المرحوم المؤسس محمد المعلم وعملوا معه وتحت رئاسته منذ تأسيسه لدار الشروق عام 1968.

أحمد الزيادى، نعاه رفيق عمره وصديق دربه، المهندس إبراهيم المعلم، عميد دار الشروق ورئيس مجلس إدارة مؤسساتها وشركاتها بحروف تقطر محبة وحزنا وتسليما بقضاء الله، كتب: «بقلوب يعتصرها الألم ونفوس راضية بقضاء الله نودع زميلا من زملاء العمر وركنا من أركان أسرة دار ومطابع الشروق، ورفيقا فى رحلة النشر والثقافة والوعى.. أخى الأصغر الحبيب. الأستاذ أحمد إبراهيم الزيادى مدير النشر المرموق ومساعد رئيس مجلس الإدارة لسنوات وسنوات ومدير مجلة الكتب وجهات نظر، قبل أن يقرر التقاعد ويعمل مستشارا ثم يؤسس مع ابنه الروحى داره المستقلة. لم يكن أحمد فقط مثقفًا حقيقيا وناشرًا متمرسًا بل كان أيضًا ذا فطرةٍ نقية وحسًا أصيلا سليمًا بالدور الوطنى والقومى والإنسانى. رحمه الله رحمة واسعة وأَسْبَغ عليه من نور رضوانه وأدخله فسيح جنانه».

لأكثر من ثلاثين سنة، غرق الزيادى حتى النخاع فى تفاصيل ودهاليز هذه المهنة ــ التى للأسف الشديد لا يعلم عنها ولا عن عالمها الكثير ــ مهنة صناعة الكتب وطباعتها وتوزيعها التى تعرف اختصارا بـ «مهنة النشر». خاض الزيادى رحلته فى هذه الصناعة العظيمة من أصغر دور فيها حتى ارتقى بمجهوده وإخلاصه ودأبه وحبه الشديد للمهنة أرفع المناصب وأجلَّها فى مؤسسة الشروق، وخاصة فى فترة انطلاقها وانتشارها الواسع وتربعها على عرش الصدارة بين دور النشر المصرية والعربية على السواء، وكذلك حضورها المتوهج الباهر ضمن أهم وأرقى دور النشر العالمية الكبرى.

لسنوات طويلة، عمل الزيادى مديرًا للنشر فى دار الشروق، ومساعدًا لرئيس مجلس الإدارة، ونائبا له، وعضو مجلس إدارة منتدب، كان خلالها أحد بل أبرز عوامل نجاح المؤسسة مع فريق العمل القائم عليها، توفر له من الوعى والخبرة والممارسة ما أتاح له أن يكون دون مجاملة ولا مبالغة أهم وأنجح مدير نشر فى مصر والعالم العربى، كان ذا شخصية مميزة واسعة الأفق جميلة السلوك، يتمتع بمهارات تواصلية فائقة الرقى، اكتسب ثقة واحترام كبار الكتاب والمبدعين والمؤلفين، وارتبط معهم بصداقات قوية ومتينة (وهى الأساس الإنسانى اللازم والقاعدة العريضة التى تتأسس عليها صناعة النشر بأكملها)، وأظنه فى هذا كان تلميذا مخلصا وأمينا لأستاذه الرائد المؤسس محمد المعلم.

فضلا على ذلك، كان الزيادى يحظى باحترام ومحبة كل أعضاء فريق العمل داخل دار الشروق، من أصغر عامل حتى مديرى الصف الأول والمساعدين المعاونين، يعامل الجميع بحب وتقدير، لا يبخل على أحد بعلمه ومعرفته، يقدره الجميع، يحترمونه ويجلونه ويبذلون أقصى ما فى وسعهم لتنفيذ المهام المكلفين بها على أكمل وجه. 

فى السنوات الخمس الأخيرة، قرر الزيادى التقاعد والتخفف من أعباء العمل الشاقة، وكان له ما أراد، فاكتفى بمساهمته فى تأسيس وعضوية مجلس إدارة دار نشر واعدة، تاركا لجيل جديد متحمس مواصلة العمل وإكمال المسيرة.

رحم الله الأستاذ والمعلم القدير أحمد الزيادى، أحد آباء مهنة النشر فى مصر والعالم العربى، وأسكنه فسيح جناته، وألهم آله وذويه ومحبيه وتلاميذه الصبر والسلوان.