أسست الأمم المتحدة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين «أونروا» فى عام 1949 وفوضتها بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئى فلسطين فى الضفة الغربية، وقطاع غزة، والأردن، ولبنان، وسوريا.
ووفقا لموقع أونروا فإنها، وعلى مدى 75 عاما، ساعدت لاجئى فلسطين على تحقيق كامل إمكاناتهم فى التنمية البشرية، من خلال الخدمات النوعية التى تقدمها فى مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والإغاثة والخدمات الاجتماعية، والحماية، والبنى التحتية وتحسين المخيمات، والتمويل الصغير بالإضافة إلى المساعدات الطارئة.
وتوظف «أونروا» أكثر من 30 ألف فلسطينى لخدمة الحاجات المدنية والإنسانية لـ5.9 مليون من الفلسطينيين اللاجئين فى الداخل والخارج، وبين هؤلاء نحو 2.3 مليون شخص فى قطاع غزة، وتعتمد فى تمويل أنشطتها على التبرعات الطوعية، وهو ما يجعل عملها فى مهب رياح السياسة المتغيرة.
وقعت «أونروا» على امتداد تاريخها لضغوط إسرائيلية عديدة، غير أن أكبر محنها ما تعرضت له فى يناير الماضى عقب اتهامات إسرائيلية بأن الوكالة الأممية التى تعمل فى المجال الإنسانى تضم بين موظفيها من يدعمون حركة حماس، وبالتالى «الإرهاب» ودفعت تلك الادعاءات الكاذبة الولايات المتحدة، و18 دولة والاتحاد الأوروبى إلى تعليق تمويلها لـ«أونروا»، قبل استئناف 10 دول مساعداتها، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وهولندا والنمسا وليتوانيا لم تفعل ذلك.
الاتهامات الإسرائيلية الخطيرة بحق أونروا دفعت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى تشكيل لجنة مستقلة برئاسة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا للتحقيق فى المزاعم الإسرائيلية، وبإجراء مراجعة شاملة حول حياد الوكالة.
وقبل أيام قدمت اللجنة المستقلة تقريرا نهائيا، أثبت كذب إسرائيل التى «أخفقت» وفق التقرير، فى تقديم أدلة تدعم اتهاماتها لوكالة «أونروا» بشأن توظيف أشخاص ينتمون إلى «جماعات إرهابية»، فضلاً عن التأكيد على أن لدى الوكالة أطرا قوية لضمان الامتثال لمبادئ الحياد الإنسانى.
كما أشار تقرير اللجنة المستقلة إلى أن إسرائيل لم ترد على رسائل من أونروا فى مارس الماضى، ومرة أخرى فى أبريل الحالى، تطلب فيها الأسماء والأدلة الداعمة التى من شأنها تمكينها من فتح تحقيق بشأن الادعاءات الإسرائيلية بأن مئات من موظفى الوكالة أعضاء فى المقاومة الفلسطينية.
وفى مؤتمر صحفى بمقر الأمم المتحدة، قالت كاترين كولونا، إن الأونروا تقوم بدور لا يمكن استبداله أو الاستغناء عنه فى المنطقة، مشيرة إلى أنه فى ظل غياب حل سياسى، تقدم الوكالة الأممية مساعدات إنسانية منقذة للحياة وخدمات أساسية للسكان، خاصة خلال هذا الوقت الحرج فى قطاع غزة، مؤكدة أن تقرير اللجنة المستقلة للمراجعة بمثابة شهادة التزام من الأمم المتحدة والمجتمع الدولى بالحفاظ على ولاية وكالة الأونروا.
البراءة الساطعة سطوع الشمس لأونروا، من التهم والأكاذيب الإسرائيلية لم تقابل حتى الآن من بعض الدول التى سارعت بمناصرة تل أبيب وعلقت أو أوقفت معوناتها، بالاعتراف العلنى بسقوطها فى هوة الانحياز الأعمى لإسرائيل، وخضوعها للابتزاز الصهيونى على حساب أرواح مئات الألوف ممن هم فى أمَس الحاجة للمساعدة فى قطاع غزة.
طبعا نحن لا نتحدث عن الولايات المتحدة التى طالما تعاملت مع أونروا بروح عدائية دعما لإسرائيل، لكن الكلام موجه للدول الأوروبية التى دعمت الأكاذيب الإسرائيلية، وهى اليوم، فضلا عن مطالبتها بتقديم اعتذار، مدعوة لمضاعفة مساعداتها لأونروا، حتى تواصل الوكالة لعب دورها فى التخفيف من حدة المأساة الفلسطينية، وخاصة فى قطاع غزة الذى دمرته إسرائيل عمدا بمباركة أمريكية.
الأكاذيب الإسرائيلية بحق أونروا لا يجب السكوت عليها، ولابد أن تلاحق فى ساحات العدالة الدولية، باعتبارها جريمة لا تقل عن جرائمها الأخرى التى ارتكبتها على مدى 75 عاما، وعلى الأمم المتحدة أن تدافع عن وكالتها الإنسانية، وأن يتم فضح إسرائيل فى كل محفل، والتنديد بما وصفه المفوض العام لـ «أونروا» فيليب لازارينى بالحملة «الخبيثة» ضد الوكالة الأممية.