مجلس الشيوخ وفلسفة الجدوى التشريعية - إيريني سعيد - بوابة الشروق
الأربعاء 30 يوليه 2025 11:24 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

مجلس الشيوخ وفلسفة الجدوى التشريعية

نشر فى : الثلاثاء 29 يوليه 2025 - 7:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 29 يوليه 2025 - 7:00 م

يصعب صياغة المشهد السياسى للدول، ومشتملات نُظمها الديمقراطية بعيدًا عن البرلمان بغرفتيه مجلسى النواب والشيوخ، وربما لولا بروز هذه النوعية من الأنماط التشريعية -تحديدًا الغرفة الثانية مجلس الشيوخ- بالعديد من الدول والتى تنتهج المعايير الديمقراطية، وعلى اختلاف أنواع نُظمها السياسية سواء فيدرالية كالولايات المتحدة أو كونفدرالية مثل ألمانيا، وفرنسا.. وغيرها، لاستمر التغييب تجاه جدوى هذه النوعية من المجالس التشريعية والكفيلة بالدفع تجاه الأطر الديمقراطية، والسلام المجتمعى وقيمه المتعلقة بالحقوق والحريات، أيضًا الواجبات العامة وحسبما جاء فى المادة 248 من الدستور.

غير أن إثارة بعض التساؤلات المتعلقة بمدى الجدوى التشريعية لمجلس الشيوخ، وطبيعة إسهاماته فى الحياة السياسية، مع حجم القيمة المضافة والمنوط به إحداثها، أيضا مدى القدرة على تجاوز اللبس والتداخل ما بين اختصاصاته ومجلس النواب، من شأنها المساهمة فى الوقوف على فلسفة اعتماد هذه النوعية من الغرف التشريعية فى النظام السياسى للبلاد، واعتماد فعاليتها فى تجويد الحياة التشريعية وإمكانية الدفع تجاه معاونة الأجهزة التنفيذية فى وضع السياسات العامة، مع الاتجاهات التقليدية والمتعلقة بالرقابة على هذه الأجهزة إلى جانب تمثيل حلقة الوصل ما بينها وبين الأفراد.

وربما قدرة هذه النوعية من المعاطاة التشريعية -إن جاز التعبير- يمكن قراءتها عبر التنويعة التمثيلية والتى تبرز فى تشكيلها، فإذا كان مجلس النواب يتم تشكيله عبر النسب ما بين الكثافة السكانية وعدد المرشحين لنفس الدائرة، أو حتى عبر عدد مقاعد مخصصة لفئات بعينها، فإن مجلس الشيوخ يستطيع إحداث تمثيلات من خلال اعتبارات مغايرة وخلفيات بعينها، يُراعى فى اختيارها معايير الخبرة والكفاءة والمقدرة على التشريع والرقابة أيضًا وبما يتسق مع كل جوانب الحياة سياسيًا، واقتصاديًا، ومجتمعيًا، هذا بالإضافة إلى القدرات الدبلوماسية من أجل الانفتاح على البرلمانات الدولية والإقليمية.

غير أن مواجهة المجتمعات للعديد من القضايا والإشكاليات، قد تدفع السلطة التشريعية إلى سرعة التعاطى عبر إصدار القرارات ومشروعات القوانين، سيما فى الإشكاليات المعقدة والتى تمس شرائح بعينها فى المجتمع، ما قد يحتمل معه ورود بعض الأخطاء فى النصوص أو التشريعات، وربما اللجوء إلى المحكمة الدستورية من أجل الفصل فى مدى شرعية ودستورية هذه القوانين، ومن ثم مزيد من التعقيد والوقت والجهد، وهنا تأتى أبرز الأدوار المفصلية للغرفة الثانية فى التجويد والمراجعة المفصلية للقوانين، أضف قدرة الشيوخ فى تحجيم النواب، وتوسيع الدائرة التمثيلية الديمقراطية، ما يدعم عدم تركز السلطة التشريعية واقتصارها على مجلس واحد أو غرفة بعينها.

الارتقاء بالحياة التشريعية وعبر هذه النوعية من الغرف التشريعية، لا يقتصر على مجرد التشكيل، بل فى القدرة على إجادة وصياغة التشريعات وبما يتسق مع نصوص الدستور، والأهم يخدم كل احتياجات الأفراد، مع خلق حالة من التوازن بينها وبين أولويات السياسة العامة للدولة وأهدافها، وفى ضوء مراقبة ومساءلة الأجهزة التنفيذية، ومن ثم خلق إطار من التنسيق والتعاون المشترك.

ولعل حالة الاستقرار والتى تتمتع بها الدولة وعلى كل المستويات سياسية، اقتصادية وحتى مجتمعية، وانعكاساتها على درجة رضا المواطن، مع مقدار الارتفاع النسبى فى مستويات المعيشة ومعايير جودة الحياة، أيضًا مدى اتساق مشروعات القوانين، والتى تقرها هذه النوعية من المجالس، مع أهداف التنمية المستدامة، من حيث محاربة الفقر والجوع وتحسين جودة الحياة، عُدت جميعها مؤشرات جادة على مدى فعاليتها وفلسفة وجودها كمطلب تشريعى مُلح.

 

 

إيريني سعيد كاتبة صحفية وباحثة أكاديمية فى العلوم السياسية
التعليقات