تعاصر الدول عدة من التحديات، يصعب معها استقامة مسارات التنمية، ما يتطلب حتمية جهوزية الحكومات واستعداداتها السريعة للتعاطى الجاد مع احتياجات المجتمعات وكل ما يُخدم على أمنها أو يسهم بالدفع ناحية استقرارها، كون أن الحكومة تعد من بين الأجهزة التنفيذية للدول والمسئولة مسئولية مباشرة، أو يمكن القول المنوط بها التعاملات وثيقة الصلة بما يحسن وعلى نحو مباشر جودة حياة الأفراد.
تضطلع الحكومات بمهام محورية تتطلب منها حتمية الارتكان لمجموعة من المرتكزات تحكم توجهاتها وسياسات عملها فى المقدمة تأهيل هذه الحكومات وبما يتيح لها الجهوزية والكفاءة والأهم القدرة على التكيف ومواكبة احتياجات المواطنين المتغيرة نظرا للظروف والأحداث، وهنا تجدر الإشارة إلى حتمية اتباع سياسات التحوط والتنبؤ بالمخاطر وتداعياتها لتفاديها أو على الأقل تخفيف تأثيراتها.
غير أن تطبيق مفاهيم الحوكمة الرشيدة وانتهاج الأساليب المتقدمة ونظم الحكومات المفتوحة على غرار الحكومات الغربية، جميعها كفيلة بتأهيل الحكومات وجعلها مواكبة للتغيرات كافة.
مع الوضع فى الاعتبار السياسات والمحددات أعلاه، نتحرك من الجانب الأكاديمى إلى الجانب العملى، وهنا وجب ليس فقط تفعيل هذه المحددات النظرية، لكن وجب معها الاستعانة بتجارب الدول، ليس فقط فى كيفية تناول الإشكاليات والتعاطى معها، لكن الأهم فى معرفة مدى تأثير انتهاج محددات الشفافية والانفتاح والأهم المساءلة، كأسس بديهية فى خلق حالة من الرضا لدى المواطن ومن ثم القبول بالحكومة والمساهمة فى إتمام إنجازاتها.
لعل تفعيل مبدأ المساءلة وما يترتب عليه من إقالات سريعة حتى قبيل التقصى، حال الإخفاقات أو وقوع الأخطاء الجسيمة، كون أن هذه النوعية من الإقالات تأتى فى إطار الاستراتيجية المحددة والمركزة والتى تستهدف تنويع الخبرات والاستعانة بالتجارب المختلفة، بغض النظر كونها جزاء أو عقابا لمسئول، تم الاستعانة به من الأساس لتجويد حياة والارتقاء بها، ولم يكن منه سوى أن أهدرها!
الحديث عن الحكومات المتقدمة لا يستقيم إلا مع تسليط الضوء على الجهاز التشريعى والكفيل بمعاونة هذه الحكومات، والأهم أيضا مراقبتها الجادة عبر تفعيل آليات المراقبة سواء طلبات الإحاطة أو الاستجوابات مع متابعة تلقى التفسيرات والدوافع، عبر جلسات استماع محكمة ومنضبطة بعيدا عن المهاترات والتصيد، وإلا ستتحول إلى دردشة ومكلمة دون أية إنجازات، سيما أن هذه الحكومات المتقدمة، تعد ضمن أُطر الدول الديمقراطية أو تلك التى تملك مؤشرات على انتهاج الديمقراطية، كأن تعرف هذه الدول الطريق ناحية سيادة الدستور، التعددية السياسية، حرية الصحافة والإعلام، نمو واضح للمجتمع المدنى ومنظماته وغيرها من المقاييس المتعارف عليها، فإن مثل هذه النوعية من الحكومات تضطلع أيضا بمهام دستورية حددها لها الدستور كالتالى؛ معاونة رئيس البلاد فى وضع السياسات العامة للدولة والإشراف على تنفيذها، المحافظة على أمن البلاد، حماية الحقوق ومصالح المواطنين، توجيه أعمال الوزارات والجهات والهيئات العامة، إعداد مشروعات القوانين وإصدار القرارات، أيضا إعداد مشروع الخطة العامة والموازنة، وربما الحكومة المؤهلة هنا، من تملك توظيف مهامها باختلافات تنويعاتها سواء دستورية، سياسية والأهم اقتصادية ومجتمعية، من أجل التخديم على استقرار المجتمع ودعم أفراده.