الحلف الإيرانى ــ الصينى.. سبب للقلق - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:35 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحلف الإيرانى ــ الصينى.. سبب للقلق

نشر فى : الثلاثاء 30 مارس 2021 - 7:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 30 مارس 2021 - 7:10 م

بينما يتمرغ الانتباه العام فى وحل بركة السياسة الداخلية، ينمو تهديد استراتيجى لإسرائيل يمكن أن يأخذ أبعادا وجودية. إذا جرى تطوير الإمكانية الكاملة التى ينطوى عليها التحالف الإيرانى ــ الصينى، يمكن أن يجد الشرق الأوسط نفسه مجددا فى مواجهة حرب باردة بين الدول العظمى بصورة تهدد إسرائيل. لقد شكّل عبدالناصر مثل هذا التهديد عندما ساعده الدعم السوفييتى لسياسته الراديكالية على فرض هيمنة إقليمية وتهديد إسرائيل لأكثر من عقد من الزمن؛ المحاولة الأمريكية للتصالح مع الرئيس المصرى فاقمت الوضع الذى انفجر فى صيف 1967. حاليا، المساعدة الصينية للنظام الراديكالى فى طهران يمكن أن تدعم إيران فى محاولتها لفرض هيمنتها على المنطقة، ضمن إطار تطور حرب باردة من نوع آخر بين الولايات المتحدة والصين. هذا الدعم الصينى مع تساهل إدارة بايدن على طريقة أوباما، يمكن أن يدفع قدما بمثل هذه الهيمنة التى ستشكل تحديا استراتيجيا لإسرائيل بأحجام لم نعرفها منذ حرب أكتوبر 1973.

فى السنوات الأخيرة تخوض إسرائيل حربا تزداد تصاعدا مع إيران، فى محاولة لمنعها بالقوة من بناء بنية عسكرية كثيفة حول حدودها. هذا هو مغزى عمليات القصف الواسعة التى تُنسب إلى إسرائيل فى سورية وغرب العراق. تدرك إيران أن إسرائيل فقط قادرة على لجم تطلعاتها إلى الهيمنة، وتُعد هذه البنية التحتية لردع إسرائيل، بواسطة تهديد كبير لتجمعاتها السكانية. أيضا أغلبية الأنظمة العربية تدرك أن إسرائيل قوية وحازمة بما فيه الكفاية لكبح نظام آيات الله. الولايات المتحدة أكثر أهمية، لكنها أقل حزما وصدقية. وقد فزعت هذه الأنظمة من تساهل الإدارة الأمريكية فى أيام أوباما، وتشجعت مؤقتا فى أيام ترامب، وتتخوف من عودة التساهل فى أيام بايدن. هذا هو مغزى «اتفاقات أبراهام»، الذى استبدل إلى حد بعيد «النزاع الإسرائيلى ــ العربى» فى صيغته المعروفة بائتلاف إسرائيلى ــ عربى ضد إيران وأردوغان، الأمر الذى يعبّر عن شكوك حيال الإدارة الجديدة فى واشنطن.

واجهت السياسة الحازمة فى أيام ترامب التحدى الإيرانى بصورة شاملة: لم تركز على التهديد النووى بل على خطر الهيمنة الإقليمية التى سترفع إيران الراديكالية إلى مصاف دولة تتجاوز حدود الشرق الأوسط، وتضمن حماية نووية لاستفزازاتها التقليدية واستفزازات وكلائها. رد محدود من نوع الاتفاق النووى سنة 2015 عزز فعلا مكانة إيران، لم يواجه مثل هذا التحدى المعقد. من أجل مواجهة هذا التهديد يجب العمل على ضرب إيران، فى الأساس على الصعيد الاقتصادى، وردعها عن المواجهة من خلال ضمان تأييد أمريكى للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران. فى أيام إدارة ترامب تجنبت إيران الرد بشدة على آلاف العمليات السرية والعلنية لإسرائيل. وعندما نفّذ الإيرانيون هجومهم الاستفزازى الكبير ضد صناعة النفط فى السعودية، انتقم ترامب باغتيال سليمانى، ولم تجرؤ إيران على الرد بالحجم الملائم على العملية المؤلمة والمهينة. 

فى هذه الأيام يبرز من جديد المزيج المعروف منذ أيام أيزنهاور: تدخّل اقتصادى وعسكرى عميق من القوة العظمى المنافِسة للولايات المتحدة ورد متساهل من واشنطن. وزير الخارجية الصينى وقّع فى طهران اتفاقا استراتيجيا لمدة 25 عاما وفق الصيغة التى تبلورت خلال زيارة الرئيس شى جين بينغ فى سنة 2016، والتى كان هدفها مضاعفة التجارة بين الدولتين بنحو عشر مرات، بحيث تصل إلى 600 مليار دولار خلال عشر سنوات. يعطى الاتفاق الأفضلية للصين للاستثمار فى إيران ــ فى البنى التحتية والمصارف ووسائل الاتصال. كما جرى ذكر تدريبات عسكرية مشتركة وتعاون فى الصناعة العسكرية. ومن المتوقع أن تزود إيران الصين بكميات كبيرة من النفط والغاز لوقت طويل بأسعار منخفضة نسبيا.

مثل هذا الاتفاق يحيّد إلى حد كبير رافعة الضغط الاقتصادى الأمريكى، ويعزز الموقف التفاوضى الإيرانى، وينذر بتجدد مساعى الهيمنة الإيرانية على المنطقة. وتيرة تحقيق هذه الهيمنة وخصائصها مرتبطة إلى حد حاسم بالعلاقات الأمريكية ــ الصينية. ما جرى هو ورقة مقايضة صينية مهمة فى الساحة العالمية كانت معلقة فى أيام ترامب وما لبثت أن ظهرت فى مواجهة بايدن. التداعيات على إسرائيل ستكون دراماتيكية.

التعليقات