عبدالغفار شكر.. «الراهب» - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:43 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عبدالغفار شكر.. «الراهب»

نشر فى : الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 8:50 م | آخر تحديث : الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 8:50 م

 

محطة

«الوطنى حتى النخاع، والراهب فى حب الوطن، والزاهد فى محراب الحياة، صاحب المبدأ الذى لم يتكسب من عمله السياسى، تلمح نزعته الاشتراكية الصادقة بامتياز، فهو الحالم بغد أفضل للفقراء والمهمشين، والمحارب من أجل عدالة اجتماعية حقة، وهو المتسامح المتواضع، والصدق الذى يمشى على قدمين» تلك بعض من صفات أيقونة اليسار المصرى عبدالغفار شكر فى عيون تلاميذه ومحبيه، وعارفى فضله على أجيال متعاقبة من السياسيين المصريين الذين تتلمذوا على يديه منذ ستينيات القرن العشرين وحتى رحيله قبل يومين إلى دار البقاء.
اختار شكر منذ وقت مبكر فى حياته درب التثقيف السياسى طريقا للعطاء، وهو المجال الذى برع فيه داخل منظمة الشباب الاشتراكى التى تولى منصب مساعد أمينها العام، قبل أن يؤسس ويرأس مكتب التثقيف فى الاتحاد الاشتراكى، ثم رئاسة المكتب الفنى للتثقيف فى اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى من 1969 وحتى 1971، كما كان محاضرا فى المعهد العالى للدراسات الاشتراكية.
لم يتبوأ شكر، المولود عام 1936 فى قرية تيرة بمحافظة الدقهلية، مناصب تنفيذية، وهو السياسى المحنك الجدير بكل منصب، لكنه فضل البقاء بعيدا عن الأضواء، مجتهدا فى تقديم ألمع نجوم السياسة والعمل العام، الذين أصبح منهم الوزير والبرلمانى الناجح، وخرج من بينهم صحفيون وإعلاميون كان من حسن طالعهم أن تتلمذوا على يد معلم قدير صقل مواهبهم، وأرشدهم إلى الطريق القويم فى العمل الوطنى الذى ظل مخلصا له حتى النفس الأخير، ولعل دوره فى المجال الحقوقى خير شاهد على عطائه عندما تولى منصب نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان.
أسهم الراحل الكبير فى عديد التجارب السياسية، فكان عضوا فى المكتب السياسى لحزب التجمع، ووكيلا لمؤسسى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى الذى قاد تحالف «الثورة مستمرة» فى الانتخابات البرلمانية (2011 ــ 2012)، لكن الرجل ظل مخلصا لفكرة نشر الوعى حيث تركزت اهتماماته على قضايا التطور الديمقراطى والمجتمع المدنى، ومن كتبه المنشورة: التحالفات السياسية فى مصر 1976 ــ 1993، فى التنظيم والتثقيف، القطاع الأهلى ودوره فى بناء الديمقراطية، تجديد الحركة التقدمية المصرية.
وفى حوار صحفى طويل، امتد لساعات، وواكب الأحداث السياسية فى مطلع عام 2012، بدا الأستاذ شكر فى حديثه معى مهموما بالأسباب الجوهرية التى أدت إلى تراجع دور اليسار المصرى فى العمل السياسى، معترفا بوجود «أزمة» تعود جذورها إلى حقبة السبعينيات من القرن الماضى التى تعرض فيها اليسار المصرى لحملة شرسة بعد الانتفاضة الشعبية فى 18 و19 يناير 1977، حيث تعمد نظام السادات إلصاق تهم ظالمة باليسار وتصويره على أنه «عميل ومنحل وملحد».
نقطة أخرى، وكونه الرجل الذى يجمع ولا يفرق أبدى الأستاذ شكر نظرة موضوعية فى تقييمه لدور عدد من رجال الأعمال الذين أبدوا استعدادهم لمساندة حكومة الدكتور كمال الجنزورى لتقليل العجز فى الموازنة العامة، «ففكرة العداء المطلق بين الاشتراكى والرأسمالى» لم تكن واردة لديه، لكنه فى الحوار ذاته أبدى أسفه لتآكل الطبقة الوسطى التى اعتبرها «مخزن القيم، وصانعة الرأى العام».
على المستوى الشخصى جمعتنى بالأستاذ عبدالغفار شكر، قبل نهاية التسعينيات من القرن العشرين وأوائل الألفية الثالثة، سنوات عمل طويلة فى صحيفة «صوت العرب»، حيث كان يكتب لها بانتظام مقالات تتميز بالعمق التحليلى، والرؤية الموضوعية للأحداث السياسية المحلية والدولية، وهى فترة اعتبرها «السنوات الذهبية» فى حياتى، حيث شرفت بالحصول على جرعات تثقيف مكثفة عبر حوارات ممتدة مع حفيد عمدة تيرة، ومعلم الأجيال الذى اختار الدفاع عن الفقراء، والذود عن حقوقهم.
رحم الله الأستاذ عبدالغفار شكر، وخالص العزاء لأسرته الكريمة.

التعليقات