نشرت جريدة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب محمد عارف... نعرض منه ما يلى:
«إذا أراد أى شخص شجاعة فليأت وليشتر بعضها. لا يزال لدى فائض من الشجاعة أستطيع بيعه». يقول مثل صينى عمره نحو ثلاثة آلاف عام، كذلك شجاعة الصين فى مواجهة وباء «كورونا»، يمكن أن تقدمها الآن لكوريا الجنوبية وإيطاليا وإيران وغيرها من بلدان تواجه خطر انتشار الوباء الذى دحرته الصين، وأعلنت قبل أيام بعثة منظمة الصحة العالمية فى بكين تراجع الوباء، وهو ما كانت تؤكده منذ الأسبوع الماضى الحكومة المحلية فى «يوهان» التى اندلع فيها، وكان علماء معهدها التابع للأكاديمية الصينية للعلوم قد اكتشفوا الفيروس مطلع الشهر الحالى خلال 72 ساعة من العمل المتواصل، وعرفوا تسلسل حمضه النووى. وبعد أسبوع سلمت الصينُ «منظمة الصحة العالمية» الشريط الجينى للفيروس.
وكشفت الأبحاث أن مقاومة النساء لفيروس كورونا أقوى من الرجال الذين هم الجنس الضعيف فى الإصابة به، حيث إن نسبة وفيات الرجال المصابين بالفيروس الذى يسبب التهاب الجهاز التنفسى تبلغ نحو 3% فيما نسبة الوفيات بين النساء المصابات نحو 2%، حسب «دائرة صحة النساء» فى «معهد الصحة الوطنى الأمريكى». وقد حدث ذلك أيضا مع وباء «إنفلونزا الجِمال» الذى أصاب بعض بلدان المنطقة عام 2012، وفى وباء الإنفلونزا الاعتيادية عام 2018. والسبب ليس فقط ارتفاع نسبة المدخنين بين الذكور مقارنة بالإناث، بل لتكوين النساء البيولوجى، الأكثر مقاومة للفيروس الجديد. ومعجزة مناعة النساء، تعزز أفضلية البقاء للذرية التى تتشرب أجساما مضادة من رضاعة حليب الأم، ويساعدها ذلك فى مقاومة الأمراض عندما تكون أبدانها فى طور النمو.
وأظهر الوباء قدرة الصين الخارقة على التعبئة، حيث عادت إلى الظهور مصطلحات الحرب الشعبية، وخلت من الناس شوارع مدن يسكنها الملايين. وذكر تقرير مراسل «نيويورك تايمز» فى شنغهاى أن رجال الأعمال الذين كانوا سابقا يتركون السياسة للحزب الشيوعى، طالما الحكومة تتيح لهم تكوين الثروات، قاموا بخطوة غير مألوفة حين انتقدوا مبالغة الحملات ضد الفيروس، والتى أثرت على سير الأعمال. وساهمت الحكومة من جانبها فى إذكاء النقاش العام حول الجروح التى سببتها الإجراءات الصحية المتشددة، والتى بلغ تأثيرها شركات عالمية. والأرقام الدالة فى هذا الصدد نشرتها مجلة الأعمال الأمريكية «فوربس» حيث قارنت تعادل عملاق التجارة عبر الإنترنت «أمازون» التى تُسمى «حانوت كل شىء»، مع نظيرتها ومنافستها الصينية «على بابا»، والمفارقة أن معظم البضاعة التى يتاجر بها كلاهما صُنعت فى الصين!
ولمن يريد أن يعرف الصين فليبحث عنها فى العالم، وإذا أراد أن يعرف العالم فليبحث عنه فى الصين، وكلاهما اليوم، الصين والعالم، جديد وشجاع. وفى عز اندلاع وباء كورونا أعلن الرئيس الأمريكى تراجعه عن قرار فرض الحظر على تصدير المحركات النفاثة التى تنتجها «جنرال إلكتريك» إلى الصين، وأقرَّ بأنه كان متشددا جدا مع «هواوى» إلا أنه «يريد للشركات الأمريكية أن تكون قادرة على بيع جميع هذه التكنولوجيا المدهشة». وقرار ترامب ليس شخصيا فحسب، بل نتيجة لضغط أكبر الشركات الأمريكية، مثل «آبل» و«جنرال موتورز» و«آديداس» و«آمازون».
لكن ألم ير العالم «الروبوتات» تخدم فى مستشفيات الصين المرضى المصابين بكورونا؟ وكمشهد من أفلام الخيال العلمى، يطرق الروبوت باب غرفة المريض ويناديه باسمه، ويخبره بالدُرج الذى يحمل له صحون طعامه. وعندما نتابع فضائيات الصين وصحفها الإلكترونية، المتوافرة بجميع اللغات العالمية، بما فيها العربية، نجد أشكالا عدة من الروبوتات تقيس فى الشوارع والمحطات درجات حرارة مئات آلاف الناس خلال مرورهم السريع، وتُعقِمُ العربات وملايين الطرود البريدية.