يمضى رئيس الوزراء الإسرائيلى المكلف بنيامين نتنياهو فى خطوات تشكيل حكومة يمينية كاملة الأوصاف، تضم أكثر قادة الأحزاب تطرفا ممن يطالبون علنا وبلا مواربة بقتل كل فلسطينى باعتبار «الفلسطينى الجيد هو الفلسطينى الميت» وهو الشعار الذى كان يرفعه فى السابق عدد من المستوطنين المتطرفين الذين بات ممثلوهم الآن فى الطريق للإمساك بزمام القرار، ودع عنك «الضغوط المخادعة» من الولايات المتحدة وأطراف أممية للجم المتطرفين الصهاينة.
طبعا لا فرق بين يمين ويسار فى إسرائيل عندما يمسكون بدفة قيادة الحكومة الإسرائيلية فالجميع لديهم الأجندة ذاتها التى تقوم على مواصلة الاحتلال، وسلب الفلسطينيين حقوقهم إلى أبعد مدى، وربما ينشط بعض دعاة ما يسمى بالسلام فى بعض الأحيان، لكنها جماعات دورها تجميل وجه الصهيونية القبيح فى إطار سياسة توزيع الأدوار بين «الصهيونى القاتل» و «الصهيونى المتظاهر» لذر الرماد فى عيون الكاميرات التى تسجل دعوات لسلام كذوب.
يصرخ الفلسطينيون احتجاجا على عمليات القتل اليومية، والاقتحامات المتوالية للمسجد الأقصى، وتنكيل جنود الاحتلال بالمتظاهرين الفلسطينيين فى ساحة الحرم الإبراهيمى فى الخليل، وعندما يفتح جيش الاحتلال تحقيقا وهميا، يسارع الصهيونى المتطرف إيتمار بن غفير الذى سيتولى حقيبة الأمن القومى فى حكومة نتنياهو إلى انتقاد هذه الخطوة، وهو انتقاد اعتبره جيش الاحتلال تحريضا للجنود على عدم طاعة قادتهم، وهى تمثيلية الهدف منها التشويش على الواقعة الأصلية المتمثلة فى السلوك العدوانى لجنود الاحتلال ضد الفلسطينيين العزل.
ومع اقتراب انتهاء نتنياهو من تشكيل «الحكومة الأكثر تطرفا»، صعدت قوات الاحتلال فى الأيام الأخيرة من «دائرة القتل» بحق الشعب الفلسطينى، وقتلت بدم بارد نحو 10 فلسطينيين فى 72 ساعة فقط، بحسب بعثة الاتحاد الأوروبى فى فلسطين، والتى أشارت أيضا إلى أن عام 2022 هو الأكثر دموية منذ عام 2006، ولم تغفل البعثة التعبير عن «القلق» من «تصاعد مستوى العنف فى الضفة الغربية والقدس الشرقية»، وهو القلق الروتينى المعتاد.. لا أكثر.
وضمن سلسلة الإدانات اللفظية التى لا تقدم ولا تؤخر أيضا، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط تور وينسلاند، تعليقا على قتل جندى إسرائيلى شاب فلسطينى فى نابلس بإطلاق النار عليه من المسافة «صفر» بأن «حادث القتل أصابه بالهلع».
المبعوث الأممى سبقته الجامعة العربية فى شجب وإدانة التصعيد الإسرائيلى فى الضفة وقطاع غزة، حيث طالبت الجامعة فى بيان صدر قبل أيام المجتمع الدولى بالتدخل لحماية المدنيين الفلسطينيين!
وفى رام الله اتهم الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبو مازن» إسرائيل «بشن عدوان يومى وفى كل ساعة ضد الفلسطينيين وأرضهم ومقدساتهم»، فى وقت «يتمدد فيه الاستيطان الاستعمارى كالسرطان»، مؤكدا أن الفلسطينيين أمام هذا العدوان «لم ولن يرفعوا راية الاستسلام».
كلام أبو مازن تعودنا عليه مع كل تصعيد إسرائيلى، لكن ماذا يفعل الرجل، أمام تخاذل رسمى عربى يسمح للرئيس الإسرائيلى بالتجول فى عواصم عربية بالتزامن مع سقوط الشهداء الفلسطينيين واحدا تلو الآخر برصاص المحتل الإسرائيلى؟!
«السلام الإبراهيمى» ها هو يُؤتى أُكُلَه.. دم أحمر فلسطينى يراق برصاص قوات الاحتلال، وسجاد أحمر يفرش لقادة إسرائيل فى القصور العربية، وكله بما لا يخالف «الشريعة الأمريكية» التى رعت وباركت «سلاما مسموما» لم يجن من ورائه الفلسطينيون إلا سفك الدماء، وسرقة المزيد من أراضيهم.
لا تسأل عن حل الدولتين، ولا عن القدس، ولا تفكر فى عودة اللاجئين، فكلها أوهام تخرج من أفواه كاذبه، تراوغ وتناور، لإفساح المجال الأكبر لتثبيت أركان إسرائيل، ومنحها الجوائز الكبرى للانفراد بالمنطقة باعتبارها وكيل أعمال الغرب الأوروبى والأمريكى وبما يضمن استمرار تدفق ثروات باطن الأرض العربية إلى وجهتها المطلوبة.. تلك هى الخلاصة ومن يَدَّعِ غير ذلك فليأت ببرهان ودليل!