الثقافة فى عصر الذكاء الاصطناعى ضرورة ملحة وليست مجرد ترف فكرى كما يعتقدها البعض، فما يفعله الذكاء الاصطناعى اليوم أنه يعاد به تشكيل العالم فى مجالات متعددة مثل العمل والتعليم والترفيه والتواصل الاجتماعى ما يستدعى بناء ثقافة جديدة ومتوازنة تواكب هذا التطور التكنولوجى وتواجه تحدياته.
ورغم التقدم الكبير فى الذكاء الاصطناعى لا يزال الإنسان هو العنصر الأساسى فى بناء وتوجيه تكنولوجيا معتمدة على تعزيز قيم الإبداع، والتفكير النقدى، والقدرة على الابتكار، وهى قيم تظل حكرًا على الإنسان.
وتتضمن ثقافة الوعى التكنولوجى الجديدة قيم المسئولية الأخلاقية والفهم العميق لدور الإنسان فى هذا العالم المتغير وقدرته على التعامل مع هذه التقنيات بشكل عقلانى وإيجابى وفهم أسس الذكاء الاصطناعى وكيفية تأثيره فى حياتهم اليومية.
هذا الوعى لا يعنى فقط القدرة على استخدام التكنولوجيا بل يتعدى ذلك إلى فهم كيفية عملها، والأخطار المحتملة التى قد تنجم عن سوء استخدامها، والفرص التى يمكن أن تقدمها لتحسين جودة الحياة من خلال برامج تعليمية تتيح استيعاب المفاهيم التكنولوجية بشكل عميق وتعزز ثقافة المسؤولية الأخلاقية.
إن ما على الجميع فهمه أن التكنولوجيا ليست محايدة فى اتخاذ القرارات المؤثرة على البشر، بل تعكس قيم وأهداف من يصممها ويستخدمها لذا نحتاج إلى مزيد من الوعى والتركيز على تطوير ذكاء اصطناعى مسئول أخلاقيًا يحترم حقوق الأفراد ويعزز العدالة الاجتماعية ويمكّن الأفراد والمؤسسات من تقييم نتائج استخدامه على المجتمع فى ما يتعلق بالخصوصية، والتمييز، والشفافية، والمسئولية عن الأخطاء التى قد ترتكبها الأنظمة الذكية.
ويمكن للذكاء الاصطناعى المساعدة فى تحليل البيانات واتخاذ القرارات، لكنه لا يمكن أن يحل محل الخيال البشرى أو الحس الإنسانى، لذلك، يجب أن تكون الثقافة الجديدة متجذرة فى تعزيز هذا الدور الفريد للإنسان فى العصر الرقمى، وأن نسعى من أجل التكيف المستمر مع التغيرات السريعة التى تحدث فى العالم وبالتالى، يجب أن تتبنى الثقافة فى عصر الذكاء الاصطناعى مبدأ المرونة العقلية والقدرة على التعلم والتأقلم مع المستجدات.
إن الثقافة فى عصر الذكاء الاصطناعى مزيج من الفهم العميق للتكنولوجيا، والمسئولية الأخلاقية، وتعزيز الإبداع الإنسانى، والتعامل العقلانى مع التغيرات، والعمل على بناء علاقة متوازنة بين الإنسان والآلة. وهذه الثقافة ليست رفاهية بل ضرورة لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعى فى خدمة الإنسانية، وليس العكس.

باسمة يونس

جريدة الخليج الإماراتية