عصا ترامب التي لا تسحر أطراف الصراعات العالمية! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الأربعاء 8 يناير 2025 8:48 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عصا ترامب التي لا تسحر أطراف الصراعات العالمية!

نشر فى : الثلاثاء 7 يناير 2025 - 6:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 7 يناير 2025 - 6:40 م

مع اقتراب دونالد ترامب من العودة إلى البيت الأبيض بعد أسابيع قليلة، تتجه الأنظار إلى سياساته الخارجية المثيرة للجدل. بينما يروّج أنصاره لمقاربته باعتبارها «عصا سحرية» قادرة على حل الأزمات العالمية، يشكك كثيرون فى قدرتها على تقديم حلول جذرية ومستدامة. من الحرب الروسية ــ الأوكرانية إلى الصراع الفلسطينى ــ الإسرائيلى، ومن التوتر الإيرانى ــ الإسرائيلى إلى التنافس مع الصين وتهديد الاقتصاد الأوروبى، تتسم مقاربة ترامب بميلها إلى الصفقات السريعة (بحكم غريزة رجل الأعمال) والحلول المؤقتة، ما يثير قلق مراكز الفكر العالمية Think Tanks، التى تحذر من مخاطر هذه الاستراتيجية على النظام الدولى.
وعد ترامب بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية «خلال 24 ساعة» عبر التفاوض مع بوتين وزيلينسكى. وفقًا لتقرير معهد كارنيجى للسلام الدولى، هذا الطرح يعتمد على «تسوية متسرعة» قد تشمل اعترافًا أمريكيًا بسيطرة روسيا على بعض الأراضى الأوكرانية مقابل وقف إطلاق النار. مثل هذه التسوية، إذا ما حدثت، ستترك أوكرانيا ضعيفة أمام تهديدات مستقبلية وتعزز موقف روسيًا فى أوروبا الشرقية.
مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) يحذر من أن تقارب ترامب مع روسيا قد يضر بتماسك حلف الناتو؛ حيث يؤدى تخفيف الدعم العسكرى الأمريكى لأوكرانيا إلى تراجع الثقة بين الحلفاء الأوروبيين. هذا السيناريو قد يُفسح المجال أمام موسكو لاستغلال الفجوات الأمنية، مما يزيد من زعزعة استقرار المنطقة.
• • •
فى الشرق الأوسط، تشير تقارير معهد بروكينجز إلى أن إدارة ترامب الثانية ستواصل تركيزها على توسيع «اتفاقيات أبراهام»، لكنها ستتجاهل معالجة جوهر الصراع الفلسطينى الإسرائيلى. ترامب، الذى وصف هذه الاتفاقيات بأنها «إنجاز تاريخى»، لم يتطرق خلال ولايته الأولى إلى القضايا الجوهرية مثل حل الدولتين أو حقوق الفلسطينيين.
التجاهل المستمر لهذه القضايا، بحسب بروكينجز، قد يؤدى إلى تصعيد الإحباط الفلسطينى وزيادة احتمالية اندلاع انتفاضات جديدة. كما أن الاستمرار فى دعم السياسات الإسرائيلية المتشددة دون ضغط لتحقيق تسوية عادلة يعمِّق الانقسامات فى المنطقة ويقوِّض فرص السلام طويل الأمد.
خلال ولايته الأولى، انسحب ترامب من الاتفاق النووى الإيرانى، مما أدى إلى تصعيد التوترات بين واشنطن وطهران. وفقًا لتقارير مؤسسة راند (RAND)، فإن إدارة ترامب الثانية قد تتبنى موقفًا أكثر عدوانية تجاه إيران، مع زيادة الدعم العسكرى لإسرائيل وتنفيذ عمليات استباقية ضد البنية التحتية النووية الإيرانية.
• • •
التنافس مع الصين يعد محورًا رئيسيًّا فى سياسات ترامب. تشير تقارير معهد تشاتام هاوس إلى أن إدارة ترامب قد تعيد فرض قيود تجارية صارمة على بكين، مما يزيد من توتر العلاقات بين أكبر اقتصادين فى العالم. ترامب، الذى يفضل التحالفات الاقتصادية الثنائية، قد يعزل الولايات المتحدة عن المؤسسات متعددة الأطراف، ما يضعف قدرتها على مواجهة النفوذ الصينى عالميًا.
من جهة أخرى، يحذر خبراء من أن التصعيد التجارى مع الصين قد يؤدى إلى اضطرابات فى سلاسل التوريد العالمية، مما يضر بالاقتصاد العالمى بأسره، بما فى ذلك حلفاء الولايات المتحدة فى أوروبا وآسيا.
ترامب لم يخفِ خلال حملته استياءه من العجز التجارى مع أوروبا، مهددًا بفرض رسوم جمركية على واردات السيارات الأوروبية. وفقًا لتقارير مركز بروجل (Bruegel)، فإن مثل هذه السياسات قد تدفع أوروبا إلى تعزيز استقلالها الاقتصادى من خلال شراكات جديدة مع الصين وروسيا، مما يضعف العلاقات التقليدية عبر الأطلسى.
أما فيما يخص حلف الناتو، فإن ضغوط ترامب لزيادة الإنفاق الدفاعى من قبل الدول الأعضاء قد تؤدى إلى خلافات داخلية، خاصة إذا شعر الحلفاء الأوروبيون بأن الولايات المتحدة تنسحب تدريجيًّا من التزاماتها الأمنية.
• • •
بينما يروِّج ترامب لحلول سريعة وصفقات مباشرة، تشير التحليلات إلى أن هذه المقاربة تفتقر إلى رؤية استراتيجية طويلة الأمد، معهد كارنيجى يحذر من أن التركيز على المصالح قصيرة الأجل قد يؤدى إلى تفاقم الأزمات بدلاً من حلها. العالم اليوم بحاجة إلى قيادة تعتمد على التعاون والشمولية لتحقيق الاستقرار، وهو ما قد يكون غائبًا فى سياسات ترامب المقبلة.
ختامًا، تبدو «عصا ترامب» بعيدة عن السحر المطلوب للتعامل مع تعقيدات الصراعات العالمية؛ حيث إن الحلول السطحية والصفقات الأحادية قد تؤدى إلى نتائج عكسية تزيد من تعقيد المشهد الدولى.

التعليقات