«وحيد كالتاريخ» - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:59 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«وحيد كالتاريخ»

نشر فى : الأحد 7 مايو 2023 - 8:30 م | آخر تحديث : الأحد 7 مايو 2023 - 8:30 م
نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب حسن مدن، عرض فيه مقتطفات من القصة القصيرة للكاتب التركى صلاح الدين دميرتاش ضمن مجموعته القصصية «سحر»، ليوضح المغزى من هذه القصة وهو أن الانشغال بكسب المال والصعود لأعلى المراتب يجعلك وحيدا فى الحياة مفتقدا للذة الحياة الاجتماعية... نعرض من المقال ما يلى.
زوجان شابان يديران شركة للأعمال الإنشائية فى المدينة التى اختارا العيش فيها، كونها تضجّ بالأعمال التى نجحا فى نيل جزء لا بأس به من كعكتها لنفسهما. كانت الزوجة الشابة وحيدة والديها اللذين يعيشان فى مدينة بعيدة. لم تكن البنت كثيرة الكلام مع والدها الذى كان بطبيعته متحفظا فى الحديث مع كل من هم حوله، فيما كانت الأم هى الأقرب لها، قبل أن تموت ويبقى الأب وحيدا، حيث انتقل للعيش فى منطقة أخرى يقضى فيها سنوات تقاعده وما تبقى من حياته.
الزوجان الشابان هما بطلا قصة قصيرة للكاتب التركى صلاح الدين دميرتاش، حوتها مجموعته القصصية «سحر» التى ترجمتها إلى العربية ريم داوود، المترجمة المعروفة بجودة وحسن اختيار ما تترجم من أدب، حيث صدرت لها عدة ترجمات لافتة.
عاش الزوجان حياة مستقرة وسعيدة، يقضيان أيام العمل منهمكين فى إدارة شركتهما، ويقضيان نهاية الأسبوع مع أصدقائهما. الزوج قارئ ممتاز، وقد شاركته الزوجة الشغف نفسه، حتى أتى يوم وقعت فيه يده على رواية هى باكورة إنتاج كاتبها وعنوانها لافت: «وحيد كالتاريخ».
حين أنهى الزوجان قراءة الرواية انتابتهما حالة من الدهشة، لأنهما وجدا فيها تلخيصا لمعنى الإحساس بالوحدة حتى لو كنت محاطا بكثيرين، كأن الرواية نبهتهما إلى ما هما عليه دون أن يلتفتا للأمر، حيث تزايدت رغبتهما المشتركة فى كسب مزيد من المال، وبتعبير الزوجة: «تحوّلنا إلى آلات.. كأن هذه الرواية كتبت لنا خصيصا»، أما الزوج فقال لها، ما معناه، بعد قراءة هذه الرواية: أفكر فى جدوى ما نفعله، صحيح نحن نعمل بجدية وباستمرار لكن ما المقابل عدا المال؟ كلما صعدت للأعلى تزايدت الوحدة.
فى غمرة ما أثارته الرواية فى نفسهما، يأتى الزوجة اتصال ينبئها بأن والدها يحتضر. يسارع الزوجان بالسفر إلى حيث يقيم الأب لمباشرة تشييعه إلى مثواه الأخير. حين تفقدت الزوجة غرفة والدها أبصرت عديدا من الدفاتر كتلك التى كانت تستخدمها فى المدرسة ومجموعة من أقلام الرصاص. تصفحت الدفاتر، واحدا بعد الآخر، وإذا بها تكتشف أن والدها قام بنسخ رواية «وحيد كالتاريخ» كاملة فى مجموع هذه الدفاتر.
بعد أن انصرف المشيعون، اقترب أحدهم مقدّما نفسه للزوجة الشابة: أنا صديق والدك، وحين أعطاها بطاقة التعريف خاصته، ذهلت حين قرأت اسمه: إنه اسم كاتب الرواية نفسها، ولم تكمل عبارات الإعجاب بروايته، ليفاجئها بالقول: إنها ليست روايتى، لقد أخذت كل كلمة من دفاتر أبيك، الذى أصرّ على ألا ينشرها باسمه.
التعليقات