‎سؤال الساعة: ‎كيف نؤمن الاتصالات؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 9 يوليه 2025 4:17 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من أفضل فريق عربي في دور المجموعات بمونديال الأندية؟

‎سؤال الساعة: ‎كيف نؤمن الاتصالات؟!

نشر فى : الثلاثاء 8 يوليه 2025 - 9:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 8 يوليه 2025 - 9:05 م

‎يشتعل حريق فى غرفة بسنترال رمسيس فتصاب قطاعات كثيرة فى البلاد بالشلل شبه التام.

‎ما حدث عصر الإثنين الماضى جرس إنذار مهم لكل أجهزة الدولة ولكل المواطنين بأخذ الحيطة والحذر والاستعداد حتى لا يتكرر  هذا الحادث المؤسف.

‎ويمكن أن نمد الخيط إلى آخره ونسأل: ألا يمكن أن يفكر أعداؤنا فى مثل هذا النوع من الهجمات كما فعلوا عمليا فى لبنان وغزة وإيران؟!

‎ما حدث طبقا لبيان الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات هو اندلاع حريق فى غرفة الأجهزة بالدور السابع من المبنى الرئيسى الذى يقع فى منطقة الإسعاف بشارع رمسيس، وتسبب الحريق فى تلف بعض الكابلات الرئيسية والخوادم الحيوية. الجهاز قال إنه جار حصر الأضرار واستعادة الخدمات المتعطلة بصورة تدريجية. 

‎التكهنات المبدئية أن الحريق يمكن أن يكون ناتجا عن ماس كهربائى، وأدى لمصرع ٤ أشخاص وإصابة 33 آخرين بحالات اختناق.

‎ولمن لا يعرف فإن سنترال رمسيس الواقع فى حى الأزبكية تم افتتاحه عام 1927 تحت اسم «دار التليفونات الجديدة» ويعتبر الآن مركزا رئيسيا لتجميع وتوزيع خدمات الاتصالات المحلية والدولية، ويربط الكابلات الأرضية والبحرية التى تغذى الإنترنت والهاتف الأرضى فى عدد كبير من مناطق الجمهورية، وبالتالى فالسنترال يعتبر أحد أعمدة البنية التحتية للاتصالات فى مصر، وهو ما يفسر أن عددا كبيرا من المصريين اشتكى طوال مساء الإثنين وحتى كتابة هذه السطور فى العاشرة من صباح الثلاثاء من ضعف أو انقطاع الشبكة خاصة فى خدمات الهاتف المحمول والخطوط الأرضية. 

‎أظن أن معظمنا فكر وسأل نفسه وسأل آخرين عقب الحادث سؤالا مهما وهو: ماذا سيحدث إذا تكرر هذا الحادث، وكيف صارت حياتنا مرتبطة بالاتصالات والهواتف المحمولة والإنترنت، وهل يمكن أن نتخيل وضعا نعود فيه إلى عصر ما قبل الإنترنت والموبايلات؟!

‎ربما بعض كبار السن والمتضررين من انفجار ثورة المعلومات والتكنولوجيا سيجيبون عن السؤال بنعم، ويتمنون أن يعودوا إلى عصر ما قبل الإنترنت، لكن الأجيال الجديدة التى ولدت ابتداء من عام 1990 لا يمكن أن تتخيل الحياة من دون الإنترنت هى ولدت لتجد هناك الموبايل والإنترنت وبالتالى صار ذلك جزءا أساسيا من حياتها.

‎لكن ما حدث يوم الإثنين يجعلنا نسأل مرة أخرى عن خطورة أن تكون معظم حياتنا متعلقة فى كابل أو سلك أو فيشة واحدة، تنقطع فى حادث أو حريق، أو يخربها مخرب وعدو، فتصاب بالشلل شبه الكامل.

وبالتالى فالسؤال الجوهرى: أين الشبكات البديلة والاحتياطية «الباك اب»، وهل هناك تقصير من شركات معينة فى الإنفاق على هذا الباك اب وبالتالى زادت الخسائر؟

‎بعد الحادث فإن معظم الاتصالات بين الناس قد توقفت، والإنترنت انقطع من مناطق كثيرة وعدد كبير من خدمات البنوك توقف تماما خصوصا ماكينات السحب الآلى الموجودة خارج البنوك، وقد رأيت ذلك بنفسى، حيث مررت على أكثر من ماكينة  فى منطقة جاردن سيتى والمنيرة والسيدة زينب ولم أتمكن من سحب النقود. وبالطبع فقد سمعت قصصا مماثلة كثيرة من زملاء وأصدقاء ومعارف عما حدث لهم. 

‎كنت أتناقش مع أحد الأصدقاء، وقلت له: الحمد لله أننى لا أستخدم بطاقات الائتمان إلا فى أضيق الحدود، فاتهمنى بأننى أعيش فى العصر الحجرى. هو قال لى إن عددا كبيرا من الشباب لم يعد يحمل النقود ولا  يحمل بطاقات وكروت الائتمان والكريديت، بل يضعها على الموبايل.

‎أعود إلى السؤال الجوهرى وهو: كيف نؤمن شبكات الاتصالات فى مصر، وإذا ثبت أن الحادث الأخير ناتج عن ماس كهربائى، فكيف نستعد لأى محاولات إرهابية أو عدوانية من الأعداء، الذين صاروا كثيرين فى الداخل والخارج، فى السر والعلن، وبعضهم لم يعد يخفى نواياه العدوانية ضد المنطقة بأكملها، بل يريد إعادة رسمها لتتناسب مع مقاساته ومعاييره وخرافاته.

‎وزارة الاتصالات وأجهزتها المختلفة خصوصا الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات بذلوا جهدا كبيرا فى السنوات الماضية وحققوا طفرات ضخمة فى هذا القطاع. لكن حادث سنترال رمسيس يكشف عن أننا نحتاج إلى إعادة النظر فى كل ما يتعلق بتأمين وصيانة الاتصالات فى مصر من الألف إلى الياء، ليس فقط من الماس الكهربائى، ولكن من التربص المعادى لنا.

‎علينا أن نفهم أولا ما الذى حدث وكيف حدث ومن المقصر وكيف ستتم محاسبته حتى نعالج الخلل.

‎ ورب ضارة نافعة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي