تودّ لو أن لديك استعدادا وشعورا من ذلك النوع الذى يمكنك من ارتياد كل الأمكنة، ولقاء مختلف الأشخاص الذين تعرفهم فى أى وقت، وتلبية كافّة الدعوات التى يتوجب عليك تلبيتها، لكنك لا تفعل لأنك لا تمتلك ذلك المزاج السحرى الذى يمكن ضبطه يدويا ليتناسب مع كل شخص وظرف ومكان ومناسبة!
ذلك المزاج أشبه بنعمة كبرى تمنحها الطبيعة للبعض، بينما يرثها آخرون من أبويهم، أو يتدربون عليها منذ الصغر، أو يجهدهم محيطهم ليتحلوا بها، بينما نسيت أنت هذا التدريب مع ما نسيته من تدريبات أخرى!
إن الطريقة التى نشعر بها، أو ردات فعلنا العاطفية تجاه الأحداث أو الأشخاص أو الأمكنة، هى ما يطلق عليه المزاج، وهذا لا خريطة محددة له، فأمزجتنا تتفاوت وتتغير وتتقلب، فرؤية شخص بعينه بالنسبة للبعض يمكنها أن تغير مزاجهم من النقيض إلى النقيض، والدخول إلى مكان محدد قد يقلب مزاجهم، وعندما ينهضون من نومهم يحتاجون جهدا جبارا لبدء محادثة صباحية طبيعية، وهذا فإن أمزجة البشر من علم ربى!
من أمثلة المزاج الغريبة التى لا يتفهمها البعض منا، وجود أشخاص لا يستقبلون العيد بالبهجة التى تبدو على الكثيرين، وهو أمر له أسبابه بلا شك، لذلك نجد معظم هؤلاء يقضون صباح العيد نياما؛ هروبا من لقاء الآخرين، أو تجنبا لأى حالة اكتئاب قد يسقطون فيها بسبب التباين الشعورى بينهم وبين الآخرين، وتحاشيا لأى نقاشات محتملة!
إن لكل مكان ولكل شخص «بوابته الداخلية» التى لا تُفتح إلا إذا كنت فى الحالة المناسبة لدخولها، وإن لم تكن، فكل شىء يبدو متكلفا، أو مملا، أو بحاجة لطاقة احتمال قصوى، وبلا شك فإن الوعى بهذا مهم، لأنه يجعلنا أكثر تفهما للآخرين حين يرفضون الدعوة، كما يجعلنا أكثر انسجاما مع أنفسنا حين نختار ألا نذهب إلى مكان ما «فقط لأن الوقت غير مناسب»، حتى إن بدا السبب غير عقلانى للوهلة الأولى بالنسبة للآخرين!
إن تغير المزاج أمر يحدث للجميع، ومن النادر أن يوجد شخص ثابت المزاج منضبط الشعور، لديه ردات الفعل نفسها والاستعداد العاطفى لأى أمر دون تأثر طوال الوقت، هذا أمر أقرب لصفة المخلوق الآلى أو الروبوت!
عائشة سلطان
جريدة البيان الإماراتية