الغذاء.. سلاح محرم دوليا - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الغذاء.. سلاح محرم دوليا

نشر فى : الإثنين 11 مارس 2024 - 7:30 م | آخر تحديث : الإثنين 11 مارس 2024 - 7:30 م

نشرت صحيفة القدس الفلسطينية مقالا للكاتبة دلال صائب عريقات، تحدثت فيه عن الحماية التى يكفلها القانون الدولى للسكان المدنيين فى أوقات الصراع، لاسيما حقهم فى الغذاء. كما انتقدت الكاتبة أسلوب إنزال المساعدات على قطاع غزة، ورغم تقديرها لجهود الدول التى اتبعت هذه الطريقة، إلا أنها تقول إنه من الأولى إلزام إسرائيل بقواعد القانون الدولى... نعرض من المقال ما يلى:
إسرائيل تستخدم الغذاء كسلاح ضد السكان المدنيين من خلال منع إيصال أى إمدادات غذائية أو مساعدات إنسانية عمدا، مما أدى إلى تحويل انعدام الأمن الغذائى الحاد فى القطاع إلى مجاعة، مع وفاة الأطفال من الجوع وسوء التغذية. كما يتم استخدام المياه كسلاح، فتم قطع إمدادات المياه منذ أكتوبر 2023، مما أدى إلى تحويل أزمة المياه فى قطاع غزة تحت الحصار الإسرائيلى إلى كارثة إنسانية.
تسليح الحاجات الانسانية الأساسية محظور فى القانون الإنسانى الدولى، حيث تعتبر المياه والغذاء والدواء والطاقة من حقوق الإنسان الأساسية وفقا للإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة 1948. المادة 25 تنص على أن لكل فرد الحق فى مستوى معيشى ملائم للصحة والرفاهية، بما فى ذلك المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية.
الإعلان العالمى لحقوق الإنسان مهّد الطريق لأكثر من سبعين معاهدة لحقوق الإنسان، بما فى ذلك أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 البالغ عددها 159 والتى تحمى المدنيين فى مناطق القتال المسلح والأراضى المحتلة. ويفصل الجزء الثانى من الاتفاقية الحماية العامة للسكان من عواقب الحرب، ويحدد الحماية للنظام الصحى والمراكز الطبية ومقدمى الخدمات والمسعفين والممرضين والأطباء والمرضى، حيث يتمتعون جميعا بحماية واضحة فى أوقات الحرب. وتنص المادة 3 على أنه فى حالة النزاع المسلح غير ذى الطابع الدولى الذى يحدث فى إقليم أحد الأطراف المتعاقدة، يلتزم كل طرف فى النزاع بتطبيق أحكام الحماية والمعاملة الانسانية كحد أدنى تجاه الأشخاص الذين لا يتخذون أى طرف فعال فى الأعمال العدائية، بما فى ذلك الأفراد المسلحين الذين ألقوا أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الاصابة أو الاحتجاز دون أى تمييز. اتفاقية جنيف الرابعة المحددة للقانون الدولى الإنسانى وقت الحرب، أكدت فى المادة 55 على الحق بالإمدادات الغذائية والطبية للسكان، والمادة 147 تحدد الانتهاكات التى تنطوى على أى من الأفعال التالية، إذا ارتكبت ضد أشخاص أو ممتلكات تحميها هذه الاتفاقية: القتل العمد، أو التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما فى ذلك التجارب البيولوجية، أو التسبب عمدا فى معاناة شديدة، أو إصابة خطيرة للجسم أو الصحة، أو الترحيل أو النقل غير القانونى أو الحبس غير القانونى، أو حرمان شخص عمدا من حقوقه فى محاكمة عادلة، وأخذ الرهائن والتدمير والاستيلاء على الممتلكات. دولة الاحتلال تخالف كل هذه البنود دون رادع دون محاسبة!
ومن الجدير بالذكر أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات فورية، من جانب جميع الدول الأعضاء لإنهاء أعمال الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى غزة كما أفادت محكمة العدل الدولية. ويجب على جميع الدول أن تفى بالتزاماتها الأخلاقية والقانونية على النحو المنصوص عليه فى ميثاق الأمم المتحدة، وإعلان حقوق الإنسان 1948، واتفاقيات جنيف الرابعة 1949، واتفاقية حقوق الطفل 1989، واتفاقية الإبادة الجماعية 1949.
أما تبنى أسلوب الإنزالات البهلوانى لإنقاذ سكان غزة من المجاعة فهو استخفاف بالعقول وانعدام المسئولية الأخلاقية القانونية، واللجوء لميناء وممر مائى لتوفير المساعدات هو أقل حيلة أمام هذا النظام العالمى الذى يقف عاجزا لوقف المجاعة والإبادة، ومن الخطير أن يتم استخدام هذا الجسر كوسيلة لتسهيل التهجير الطوعى.
ونذكر أن توفير الغذاء والماء والإمدادات الطبية من قبل الأنظمة المختلفة لسكان غزة، هو مسئولية قانونية على أعضاء المنظومة الدولية. هذه الدول التى تعتمد الإنزال والآن تحضر لجسر مائى يشترط التنسيق مع الاحتلال وموافقته بالدرجة الأولى لاستخدام المجال الجوى والبحرى، كان الأجدر بها تذكير الحكومة الإسرائيلية بإنها تنتهك جميع قوانين الحرب، وإلزامها بفتح المعابر البرية لإدخال المساعدات الدولية، لتجنب المجاعة والموت الذى تعتمده دولة الاحتلال من خلال عدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية عبر المعبر.
العالم يتغاضى عن سياسة نيكرو (موت) موثقة، هدفها التخلص من المدنيات والمدنيين من خلال التجويع، وهذه جريمة ضد الانسانية.
يكتفى العالم بالانصياع للشروط الإسرائيلية دون اتخاذ التدابير اللازمة لفرض الحقائق على نتنياهو وحكومته حسب مقتضيات القانون الدولى الإنسانى.
قبول نتنياهو لاستخدام المجال الجوى هو إثبات لنيته فى إهانة الشعب الفلسطينى، والتعامل بفوقية مع المجتمع الدولى، ودليل على إفلاته من العقاب فى ظل التواطؤ والصمت عن كل هذه الجرائم والانتهاكات بحق الإنسانية فى القرن ٢١.
الغذاء حق محفوظ فى القانون الدولى الإنسانى واستخدامه كسلاح يوظف فى جريمة الإبادة محرم دوليا. نقدر قيام الدول بإيجاد حلول مبتكرة لتوفير المساعدات، ولكن القاعدة فى إنفاذ القانون ووضع إسرائيل عند التزاماتها الطبيعية حسب النظام الدولى أو توظيف الدبلوماسية الثنائية القسرية أو متعددة الأطراف باعتبارها منعزلة خارج هذه المنظومة الدولية بشكل صريح.

النص الأصلي

التعليقات