حكومة مدبولى.. وعام «فيه الناس يعصرون» - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكومة مدبولى.. وعام «فيه الناس يعصرون»

نشر فى : الإثنين 11 يونيو 2018 - 9:10 م | آخر تحديث : الإثنين 11 يونيو 2018 - 9:10 م

بانتقال دفة قيادة الحكومة إلى الدكتور مصطفى مدبولى، نكون أمام المهندس الثالث الذى يتولى المنصب، بعد المهندسين شريف إسماعيل وإبراهيم محلب، وفى كل مرة يجرى الحديث عن دقة وانضباط المهندسين، وما يتمتعون به من قدرة على التخطيط والحركة معا، وأننا أمام أصحاب عقول يمكنها التعامل الجاد مع مشكلات وملفات تمس جوهر حياة المصريين وتحدياتهم اليومية فى تدبير لقمة عيشهم، ومسكنهم، وعلاجهم، وتعليم أولادهم.

وإذا كان عهد المهندس إبراهيم محلب تميز بالحركة الميدانية، والعمل خارج المكاتب، على عكس خلفه المهندس شريف إسماعيل، الذى كان يميل أكثر لتوجيه دفة السفينة عبر الاجتماعات الأسبوعية المنتظمة لمجلس الوزراء، فإن البعض يرى فى شخصية رئيس الوزراء الجديد الدكتور مصطفى مدبولى القدرة على الجمع بين العمل فى الميدان وخلف الجدران.
كما يعتقد بعض الصحفيين والكتاب أن النزول بسن من يتولى منصب رئيس الوزراء بأكثر من عشر سنوات، ( الدكتور مدبولى 52 عاما) سيمنح الوزارة حيوية، وقدرة على التعامل مع أجيال جديدة، ويفتح طريقا لتفهم قضايا الشباب، خاصة اولئك الذين أداروا ظهورهم للعمل العام، وفقدوا الحماس الذى فجرته ثورة 25 يناير، بعد أن تبددت آمالهم فى التواجد الطبيعى فى مفاصل وحشايا الدولة.

وفى تقديرى أن السعى لاستيعاب طاقة الشباب، وفتح المجال العام أمامهم، ليس التحدى الأهم أمام الوزارة الجديدة التى تحتاج فى المقام الأول إلى احتواء الشعب المصرى فى سواده الأعظم ممن دهستهم الحكومات المتعاقبة فى طريق تطبيقها لسياسات وخطط لم تنعكس حتى الآن فى توفير الحياة الكريمة التى يحلم بها المصريون، ويعدون بها مع كل تشكيل وزارى جديد.

فمنذ عهد الرئيس الراحل أنور السادت، الذى تحدث عن ضرورة تحمل السنوات العجاف اللاتى يعقبهن عام «فيه يغاث الناس وفيه يعصرون»، تتوالى السنوات العجاف على الناس، من حكومة إلى أخرى، فلم يروا غير «عصر جيوبهم»، أفلا يحق لهم السؤال: متى يعصرون؟!، وهل سيجدون ضوءا فى آخر نفق الغلاء الذى يكوى الجيوب؟!

مشاكل المصريين معروفة، وقتلت بحثا وتوصيفا، وما يحتاجونه هو اختراق حقيقى فى التعامل مع تلك المشكلات، التى لخصها شعار ثورة 25 يناير فى «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية»، وهو الشعار الذى وعدت جميع الحكومات المتعاقبة منذ الاطاحة بالرئيس الأسبق حسنى مبارك، وحتى اليوم، بتحويله إلى واقع ملموس، غير أن الواقع لم يتغير، إن لم يزداد الأمر صعوبة، وبالتالى فإن حكومة الدكتور مصطفى مدبولى أمام اختبار صعب، وهى ترث تركة ثقيلة تحتاج إلى صدق فى النوايا، وإخلاص فى العمل، وهمة فى العطاء، علَّ الناس يصلون إلى العام الذى «فيه يعصرون».

الدكتور مدبولى تولى قيادة الحكومة كقائم بالأعمال فترة علاج المهندس شريف إسماعيل فى الخارج، إلى جانب حقيبة الإسكان، بما رفع من أسهمه فى تبوؤ المنصب الجديد، وبالتالى هو لا يحتاج إلى فترة طويلة لفهم ما يجرى، وطبيعة التحديات التى تواجه حكومته، وهى فى الحقيقة التحديات التى تواجه المصريين جميعا فى لحظة تحول تاريخى محليا وإقليميا ودوليا، ومن هنا يتفاءل البعض بإمكانية إحداث الرجل نقلة فى التعامل مع تلك التحديات.

هذا التفاؤل ربما يرى البعض أنه مبالغ فيه، وسط مخاوف الناس من غلاء قادم فى أسعار الوقود الذى تحدثت عنه الحكومة السابقة ضمن تعهداتها مع صندوق النقد الدولى لتنفيذ برنامج «الإصلاح الاقتصادى»، الذى رافقه تعويم الجنيه، وما تلاه من رفع لأسعار الكهرباء والماء والخدمات أكثر من مرة.

وبعيدا عن التفاؤل أو التوجس من قرارات جديدة لرفع الأسعار، فإن المصريين لا يريدون من أى حكومة سوى الرأفة بهم، وإدراك أن قدرتهم على التحمل ليست مطلقة، وأن جيوبهم أوشكت أن تكون خاوية، وهو ما يجب أن يضعه الدكتور مدبولى فى الحسبان، مع جلوسه على مقعد نبى الله يوسف الصديق، لعل عام الغوث يرافق وزارته.

التعليقات