«الترامبية» فى بعض ملامحها - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:44 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الترامبية» فى بعض ملامحها

نشر فى : الجمعة 11 أكتوبر 2019 - 11:20 م | آخر تحديث : الجمعة 11 أكتوبر 2019 - 11:20 م

نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب العراقى عبدالحسين شعبان جاء فيه؛
تتميز «الترامبية» بالتناقض والتخبط القائم على المنفعية والذرائعية، خصوصا بنفى حق الشعوب بتقرير مصيرها والمثال الأصرخ هو فلسطين.. يعتبر بعض الباحثين أن مصطلح «الترامبية» هو تعبير عن تيار فكرى آخذ بالتبلور منذ تولى الرئيس دونالد ترامب الإدارة فى البيت الأبيض، وهو ليس عابرا أو ظرفيا، وإنما هو امتداد موضوعى لتراكم طويل الأمد فى السياسة الأمريكية، فى حين يراها آخرون رد فعل سياسى طارئ ومؤقت ومرهون بوجود الرئيس ترامب على رأس السلطة فى الولايات المتحدة.
وثمة سؤال آخر يتمحور حول جوهر «الترامبية»، أهى وليدة التطورات الجديدة والشاملة فى الأوضاع الدولية، خصوصا بعد تراجع دور الولايات المتحدة عقب غزو أفغانستان 2001 واحتلال العراق 2003 وفشل سياساتها لمواجهة «الإرهاب الدولى»؟ أم هى محاولة شعبوية لرئيس امتهن التجارة وسعى لوضع السياسة فى خدمتها، لاسيما برفع أكثر الشعارات رنينا وصخبا متجاوزا ما هو مألوف من سياسات تقليدية اعتادت عليها واشنطن؟ وبعد ذلك فهل أصبح الوقت كافيا لتحديد الملامح الأساسية للترامبية سواء أكانت تيارا فكريا جديدا أم نهجا سياسيا ارتبط بالرئيس الخامس والأربعين وسجل ماركة تجارية باسمه؟ ثم ما هى خصائص الترامبية وسماتها داخل منحى السياسة الأمريكية وانعكاساتها عالميا، لاسيما مستقبل العلاقات الدولية؟ الأمران جديران بالدراسة والتأمل بغض النظر عن «المصطلح» وما يمكن أن يتضمنه من حمولة فكرية أو سياسية، إذ يبقى جزءا من ظاهرة نحاول التعرف إلى ملامحها الأساسية:
الملمح الأول: «البزنس» حيث يمثل جوهر الترامبية فكرا وممارسة، لأنها تقوم على فلسفة توظيف السياسة فى خدمة التجارة، وعلى الرغم من أن عددا من الرؤساء جاءوا من ذات المهنة، لكن ترامب أخضع السياسة للبزنس، وهو لم يتصرف أكثر من كونه «رجل أعمال» فى حين أنه رئيس أكبر دولة فى العالم، ومضى بسلوكه التجارى شوطا بعيدا حد التطرف بإخضاع السياسة والعلاقات الدولية لاعتباراته.
الملمح الثانى: إعادة القرار فى السياسة الخارجية إلى البيت الأبيض، بالدرجة الأساسية، وإضعاف ما سواه من مراكز مؤثرة، مثل وزارة الخارجية ووزارة الدفاع والمخابرات المركزية الأمريكية.
الملمح الثالث: إملاء الإرادة على الحلفاء طبقا لقاعدة امتثالهم له ومشاركتهم «الحيوية» فى تنفيذ القرار الأمريكى، سواء كان ذلك يتفق مع مصالحهم أو لا يتفق.
الملمح الرابع: التخلى عن قيم الثقافة الأمريكية للحقوق والحريات التى كانت واشنطن تتباهى بها تقليديا وأخذت تضيق ذرعا من انفتاحها، وخصوصا إزاء المهاجرين، فأغلقت الأبواب وحاولت بناء أسوار لمنع الهجرة.
الملمح الخامس: العزلة والانقسام والتفرد فى السياسة الخارجية، وازدادت واشنطن تدخلا بشكل مباشر فى اختيار قيادات المنظمات الدولية، فترجح كفة هذا وتحول دون وصول ذاك فى تصرفات فجة ومنفرة للدبلوماسية الدولية.
وأخذ المجتمع الدولى ينظر بعين عدم الثقة للسياسة الأمريكية وقراراتها المنفردة فى ما يتعلق بالانسحاب من عدد من المنظمات والمعاهدات الدولية من بينها، اتفاقية باريس للمناخ والانسحاب من اليونيسكو، والاتفاق بشأن الملف النووى الإيرانى، وتجميد المبالغ المخصصة للأونروا، والانسحاب من معاهدة نزع السلاح النووى مع روسيا.
الملمح السادس: زعزعة التوازن الدولى بخلق الفوضى، لاسيما بتشجيع الهويات الفرعية وتفتيت الدول والبلدان وفرض الحصارات وإضعاف الثقة بميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولى والاتفاقيات والمعاهدات الدولية بما يزعزع أركان النظام الدولى ويشيع جوا من التوتر وعدم الاستقرار، بما فيه منع أى تقاربات أو تحالفات سواء تخص الأصدقاء أو الخصوم، ولعل الموقف من البريكست والاتحاد الأوروبى، ناهيك عن الموقف من الصين وروسيا خير مثال على ذلك.
الملمح السابع: الرهان على التهديد بالقوة حتى وإن لم تستخدمها، حين تلجأ فى الكثير من الأحيان إلى الضغوط الاقتصادية للتأثير فى سياسات الدول، العدوة والصديقة لابتزازها، من خلال هيمنة الشركات الكبرى والسيطرة على الموارد وفرض العقوبات الاقتصادية: روسيا والصين وتركيا وإيران وكوريا وسوريا وقبل ذلك العراق، متجاهلة مصالح الشعوب وما ينجم من ردود فعل بسبب ذلك.
الملمح الثامن: التناقض والتخبط القائم على المنفعية والذرائعية، خصوصا بنفى حق الشعوب بتقرير مصيرها والمثال الأصرخ هو فلسطين؛ حيث تنكرت الترامبية لسياسات الرؤساء السابقين بمن فيهم: أوباما وجورج دبليو بوش وكلينتون، فقامت بنقل سفارتها إلى القدس، وأعلنت عن «إسرائيلية» الجولان السورية «بحكم الأمر الواقع»، وفى الحالين ثمة تعارض صارخ مع قرارات مجلس الأمن وما يسمى بـ«الشرعية الدولية».

الخليج ــ الإمارات

التعليقات