«أوبك بلس» تخفض الإنتاج.. الأسباب وردود الفعل - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:48 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«أوبك بلس» تخفض الإنتاج.. الأسباب وردود الفعل

نشر فى : الأربعاء 12 أكتوبر 2022 - 8:05 م | آخر تحديث : الأربعاء 12 أكتوبر 2022 - 8:05 م

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى بتاريخ 11 أكتوبر تناول فيه التحديات التى تواجهها سوق الطاقة حاليا، مشيرا إلى الارتباط بين النفط والسياسة؛ فهناك مصالح مشتركة بين الجهات المنتجة والمستهلكة؛ مضيفا أن استقرار سوق النفط هو ما يهم مجموعة «أوبك بلس»... نعرض من المقال ما يلى.
لم يكن مستغربا ردود فعل الأسواق وواشنطن على قرار مجموعة «أوبك بلس» تخفيض الإنتاج لمليونى برميل يوميا؛ فقد كان القرار متوقعا، إذ بدأت ترتفع الأسعار الآجلة قبيل الاجتماع من 80 دولارا لتصل إلى 94 دولارا بُعَيد الاجتماع. كما زار الرئيس الأمريكى ورئيس الوزراء البريطانى السابق دول الخليج، مطالبيْن بزيادة الإنتاج؛ إما بسبب الانعكاسات الاقتصادية السلبية لحرب أوكرانيا على الاقتصاد العالمى، وإما لتخفيض الأسعار قبل الانتخابات التشريعية الأمريكية.
لماذا تخفيض الإنتاج الذى يؤدى إلى زيادة أسعار النفط الخام فى ظل التضخم العالمى؟ أجاب وزير الطاقة السعودى الأمير عبدالعزيز بن سلمان، فى تصريح له، بعد انتهاء الاجتماع، أن أسعار الغاز والفحم ارتفعت بنسب أكثر بكثير من النفط فى الفترة الأخيرة. وبالفعل انخفضت أسعار النفط، الشهر الماضى، من نحو 120 دولارا للبرميل إلى 80 دولارا، بينما ارتفعت أسعار الغاز والفحم.
تعانى سوق الطاقة حاليا ارتباكا كبيرا، فمن ناحية، استعجلت بعض الأقطار الصناعية تشريع القوانين لإيقاف شراء السيارات المستعملة للبنزين ابتداء من عام 2030، وسادت حملة عالمية تضخِم من إمكانيات الطاقات المستدامة حاليا لتوليد الكهرباء عوضا عن المنتجات البترولية. وتبينت سلبيات هذا التضخيم الإعلامى فى حالتين طارئتين: الجائحة، وتعويض أوروبا الوقود الروسى الذى حظرته أوروبا نفسها وردود فعل الكرملين، مما أدى إلى إغلاق السوق الأوروبية الضخمة أمام الإمدادات الروسية. ومن ثم، المحاولات الأوروبية للحصول على إمدادات بديلة، الأمر الذى أدى بدوره إلى تنافس حاد، لا سيما بين الأسواق الآسيوية والأوروبية على إمدادات الغاز المُسال المحدودة نسبيا، ورفع أسعار الغاز واللجوء إلى إعادة تشغيل مناجم الفحم المغلقة بسبب القوانين البيئية، كما محاولة العودة لتشغيل المفاعلات النووية المغلقة بسرعة، كما فى فرنسا، أو تبنِى اليابان تشييد مفاعلات جديدة بعد الابتعاد عن الطاقة النووية.
والتحديات التى تواجه أوروبا كثيرة ومُربكة للأسواق، إذ إن بريطانيا؛ الدولة المنتجة للبترول، تدرس إمكانية إغلاق الطاقة الكهربائية لساعات أو أيام عدة فى الأسبوع خلال فصل الشتاء؛ نظرا للارتباك فى قطاع الطاقة الأوروبى. كما أن الولايات المتحدة التى ارتفعت فيها أسعار وقود المواصلات لمعدلات قياسية، تستمر فى تصدير المنتجات البترولية لأوروبا، رغم الاعتراض الواسع للرأى العام الأمريكى على ذلك. وكذلك تصدر الشركات كميات ضخمة من الغاز المُسال الأمريكى لأوروبا؛ لتعويض الغاز الروسى.
لقد حصل ارتباك كبير فى الأسواق، مصدره تقليص الاستثمارات فى القطاع الهيدروكربونى، خلال السنوات الماضية، مما قلص الطاقة الإنتاجية الكامنة، بحيث إن معظم الدول النفطية تنتج بطاقاتها العليا. كما يعود سبب التغيير إلى الارتباك فى الأسواق الأوروبية التى حظرت إمدادات الطاقة الروسية عن نفسها وتهرع الآن للتزود بإمدادات بديلة قبل فصل الشتاء، الأمر الذى يزيد من معدلات الأسعار. من جهتها تحاول الشركات الروسية إيجاد بدائل عن الأسواق الأوروبية، رغم الحظر الأمريكى ــ الأوروبى.
تحاول واشنطن إقناع الدول المنتجة، خصوصا فى الخليج، بزيادة الإنتاج؛ لسببين، أولهما الانتخابات التشريعية للكونجرس الأمريكى فى الشهر المقبل، وأيضا لارتفاع معدلات التضخم العالمية بسبب حرب أوكرانيا ومحاولة الضغط على روسيا ماليا من خلال تخفيض الأسعار.
انتقدت إدارة الرئيس جو بايدن قرار مجموعة «أوبك بلس»، مدعية أنه «قصير النظر، فمن الضرورة القصوى المحافظة على إمدادات بترولية وافية».
وأضاف متحدث باسم البيت الأبيض «أنه من الواضح أن مجموعة أوبك بلس متكاتفة مع روسيا». حقيقة الأمر أنه لا يوجد شح فى الإمدادات النفطية لـ«أوبك بلس».
كما أن حقيقة الأمر هى أن لدى الولايات المتحدة؛ واحدة من أكبر ثلاث دول منتِجة للنفط، بجانب السعودية وروسيا، الإمكانيات لزيادة الإمدادات النفطية، إذا شعرت بأن هناك حاجة لذلك. فبإمكان الحكومة الأمريكية السحب من المخزون الاستراتيجى المتوفر لها، بالإضافة إلى تقليص صادرات النفط الخام. ومن ثم تتمكن واشنطن من تزويد السوق الداخلية بإمدادات أكثر وتقليص أسعار البنزين والديزل فى السوق الأمريكية.
أما المشكلة التى تواجه واشنطن فهى عدم تشييد مصافى تكرير جديدة منذ سنوات عدة؛ بسبب قوانين البيئة والغرامات المالية التى فُرضت على المصافى، مما ردع تشييد طاقة تكريرية إضافية، رغم استمرار ازدياد استهلاك وقود السيارات والكهرباء فى السوق الأمريكية سنويا، ولعدم توفر بدائل وافية من الطاقات المستدامة.
إن الإمدادات البترولية وافية ولم نسمع عن أية طوابير أمام محطات وقود السيارات لشح فى الإمدادات، كما لم نسمع عن شكاوى من الشركات لعدم تنفيذ عقودها الشرائية، فقد انخفض الطلب على النفط فى أكبر دولتين مستهلكتين؛ الصين والولايات المتحدة، بسبب الجائحة والإعصار.
هناك ارتباط عضوى بين النفط والسياسة منذ نشوء الصناعة النفطية قبل قرن، كما هناك مصالح مشتركة بين الجهات المنتجة والمستهلكة فى الوقت نفسه. وأخيرا هناك مصالح للمنتجين، وأخرى للمستهلكين، قد تلتقى أو تتباعد أحيانا. إن الذى يهم أقطار مجموعة «أوبك بلس» هو استقرار الأسواق فهو الدعم الأهم للصناعة النفطية.

التعليقات