عيرتنى بالشيب - خولة مطر - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 3:27 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عيرتنى بالشيب

نشر فى : الأحد 14 يوليه 2024 - 6:30 م | آخر تحديث : الأحد 14 يوليه 2024 - 6:30 م


نتفهم أن هناك جيوشا إلكترونية تملأ فضاءات كل وسائل التواصل الاجتماعى وتنشر كثيرا من سمومها فهى كالجيوش المؤججة بالأسلحة «الذكية» وغيرها من أسلحة الإبادة، كلها جيوش لنفس الهدف، كثير من الموت على تنوعات الموت فهو ليس بمذاق ولون واحد.
ونعرف أنها تطارد بعض من لهم متابعين أو مهتمين أو حتى يثيروا الفضول. ونعرف أنها، أى الجيوش الإلكترونية، كالجيوش بالأسلحة البالستية عليها أن تلتزم شكلا من أشكال النظام أو المؤسساتية. إلا أن جيوشهم الإلكترونية تبدو فى الكثير من الأحيان غبية أو ربما «عبيطة» أو «هبلة» أو حتى لا تفهم الشعوب والفئات التى تخاطبها أو تستهدفها، فالكلمة أو التغريدة كالقذيفة لها هدف محدد وإذا لم تصب الهدف واستباحت كل من حوله فالبنسبة لهم هو أمر مفيد حتى لو سموه "أضرارا جانبية”» أو كولاتيرال دامج!!!!
• • •
الكل يغنى فى تغريداته على ليلاه وهذا ليس عيبا بل ربما هو صفة فقط ولكن أن تبقى تلك الجيوش الإلكترونية أو ذاك الجندى البائس فيها وهو يطارد كل من ينشر خبرا أو صورة لاعتصام هنا أو مسيرة هناك.. حينها ينهض كل المتربصين لهدف واحد لا ثانى له وهو الاستهزاء بالمسيرة أو الاعتصام وتصويرها على أنها تجمع فى «زقاق» لا يمر به أحد وربما يكون هو كذلك لأن ذلك ما سمحت به السلطات الرسمية أو أنه تجمع لفئة من «المسنين!!!» ويستمر ذاك الجندى الصغير جدا فى مطارداته واستفزازاته فى محاولة للقول إن كل ما تقومون به ضد المجزرة بل حرب الإبادة على الأطفال، ما هو سوى صرخة فى البرية لمجموعة من «العجزة!!» وتعجب أنت فيما كثير من ما يسميهم هذا الجندى البائس بالمسنين يملئون شوارع مدن أوروبية وأمريكية بل جامعات عريقة، رافعين الصوت منددين بالإبادة التى قاموا هم بدراستها بشكل معمق وتدريسها لطلابهم فى محاولة لما يعرف بالاستفادة من التاريخ وعدم تكراره..
• • •
يبقى ذاك الجندى الإلكترونى البائس يطارد ما يسميهم مجموعة من «العجزة!!» غير متابع لما يجرى فى العالم من إعادة الاعتبار لكبار السن الذين يقدمون رغم ضعف الجسد، كثيرا من الخدمات لمجتمعاتهم إما بنشر الوعى أو المساهمة فى تفسير الظواهر أو فى الوقوف مع الحق كجزء من مساهماتهم فى ترسيخ قيم الأخلاق فى عالم لم يعد للأخلاق والأعراف أية قيمة!!!
• • •
يعاير ذاك الجندى الإلكترونى البائس الذى لا يملك حتى حق تعريف نفسه، وتنتهى أهميته إذا ما فعل ذلك ككل الجبناء واللصوص والمختلسين وتجار المخدرات المختبئين فى أغبية المبانى أو بين مبانيها الفاخرة متنكرين بملابس العفة والنزاهة.. يعاير الشاب المتقد بمحبة أرضه الواقف عند حافة الكون وهو يردد للحق مطالبين كثر أما الظلم فليس له أتباع أو ربما بعض المرتزقة!!! يعايره بأنه مستمر فى الاعتصام أو تنظيم المسيرات للدفاع عن فلسطين وشعبها منذ أكثر من عشرة أشهر.. فماذا يقول غير أنك تعتصم فى شارع فرعى مغفر وهو يعرف تماما أنه ومن معه هم من منحوا التصريح محددين الشارع والمسار.. ثم يردد وكلكم مجموعة صغيرة من كبار السن.. بالطبع هو لا يسميهم إلا بتسميات تليق بجندى بائس يختبئ خلف شاشة واسم مستعارين.. ألم يصرخ ذاك التونسى قبل أكثر من أربعة عشر عاما «لقد هرمنا.. بن على هرب» ثم دوت صرخته فى بقاع الأرض من المحيط إلى الخليج عابرة النهر العظيم؟؟.
• • •
يذكرنى هذا البائس بقصيدة الخليفة العباسى المستنجد بالله يوسف بن محمد المقتفى (الخليفة العباسى الثالث والثلاثين فى ترتيب خلفاء بنى العباس وهو ولد فى بغداد عام 1124 وعرف بالعدل والذكاء والحزم) والتى تغنى بها واحد من أهم وأروع المبدعين العراقيين الفنان ناظم الغزالى فى الخمسينيات من القرن العشرين وهى تقول «عيرتنى بالشيب وهو وقار ليتها عيرت بما هو عار».
بعض الجنود الإلكترونيين أو ربما كلهم وكثير من كتاب العرب المتصهينين وغيرهم، هم كما الجنود فى جيش الإبادة الصهيونى لا يجدون مضرة فى الانحطاط إلى قاع البشرية حيث ستترك لهم مساحات فى كتب التاريخ الحق وليس المزور بأموال هنا وصواريخ هناك.

كاتبة بحرينية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات