تعرية المتنازلين فى تيران وصنافير - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تعرية المتنازلين فى تيران وصنافير

نشر فى : الإثنين 16 يناير 2017 - 10:35 م | آخر تحديث : الخميس 19 يناير 2017 - 9:31 ص

«إن مصر ليست نقطة على خريطة الكون، أو خطوطا رسمها خطاط أو عالم جغرافى، وإنما هى بلد قديم خلقه الله من رحم الطبيعة، ويسرى على أرضها من الجنوب إلى الشمال نهر خالد مسرى الدم فى شرايين الجسد، وأن جيش مصر لم يكن أبدا جيش احتلال وما أخرجته مصر خارج حدودها إلا دفاعا عن أمنها وأمن أمتها» هذه كلمات القاضى الجليل المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا التى أكدت فى حكم تاريخى مصرية جزيرتى تيران وصنافير.

وطبقا للقاضى الجليل فإن «المحكمة قد وقر واستقر فى عقيدتها أن سيادة مصر على جزيرتى تيران وصنافير، مقطوع بها، وأن دخول الجزيرتين ضمن الأراضى المصرية أثر للسيادة المستقرة، وأن الحكومة لم تقدم ثمة وثيقة أو شيئا آخر يغير أو ينال من تلك السيادة المستقرة».

طبعا الحكم وحيثياته فتح التاريخ لهما أوسع صفحاته، وكان طبيعيا أن يستقبل التأكيد على مصرية تيران وصنافير بفرحة عارمة من الشارع المصرى، فقد عكس ما استقر فى وجدان المصريين جميعا بحقهم فى أرضهم على كامل حدودهم التى توارثوها أبا عن جد، ولا يمكن أن ينازعهم فيها كائنا من كان، أو يتنازل عن السيادة عن أية ذرة رمل فوق ترابها الوطنى أيا من كان، حتى فى أصعب الفترات وأدق المراحل التى قد تعتلى الجسد فيه العلل وبعض الأمراض.

خرج المصريون فى تظاهرات لإعلان رفضهم لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، واعتقل المئات فى القاهرة والمحافظات، غير أن عصا الأمن لم تكن قادرة على إخماد صوت الحق الذى لهج بمصرية الجزيرتين، ولم تفلح فضائيات الموالاة، ولا ألاعيب الحواة فى تشتيت البوصلة التى كانت تشير دوما باتجاه تيران وصنافير تأكيدا لسيادتنا عليهما، وتذكيرا للجميع أن المصرى لم يخلق للتنازل عن أى شبر من أرضه، مهما كانت الإغراءات.

عندما وجد دعاة سعودية الجزيرتين أن المسار القضائى ليس فى صالحهم، سارعوا إلى البرلمان فى حركة التفافية علها تلفت النظر بعيدا، وتحبط معنويات من تصدوا أمام ساحة القضاء وفى الإعلام والشارع للدفاع عن مصرية الجزيرتين، غير أن الحكم النهائى للمحكمة الإدارية العليا عرى المتسعودين، وفضح المتنازلين، ولم يعد أمامهم إلا طأطأة الرأس خجلا والتوارى عن العيون.

اليوم ماذا يقول من تطوعوا بالدفاع عن سعودية الجزيرتين أكثر من السعوديين أنفسهم، حتى تندر بعضهم على من قدموا فروض الولاء والطاعة، وتباروا فى تقديم ما اسموه وثائق وأوراقا قالوا إنها تنفى مصرية الجزيرتين؟ المؤكد أن هؤلاء فى مأزق حقيقى، وهم يتلقون حكما يعرى ويفضح موقفهم المتواطئ، وبعد أن ذرت الرياح أكاذيبهم وأباطيلهم التى عكفوا على ترويجها، ومحاولة تسويقها وسط البسطاء من أهلنا الذين شبوا على عشق التراب الوطنى، ويضحون بالغالى والنفيس دفاعا عنه.

وإلى القنوات الفضائية التى اختارت الصمت ساعة النطق بالحكم، وتجاهلت نقل ما كان يجرى داخل قاعة المحكمة، ووردود أفعال آلاف المصريين الذين احتشدوا خارج مبنى مجلس الدولة بشارع مراد بالدقى، لقد سقطت مصداقيتكم، بعد أن كبلت التعليمات الكلمات، وبالتالى لا تلومون إلا أنفسكم عندما تتحول المؤشرات بعيدا عن محطاتكم مهما أنفقتم عليها من ملايين الجنيهات، وحشدتم لها عشرات الوجوه، الجميل منها والقبيح.

وحدها قناة النيل للأخبار من قلب ماسبيرو، غردت لحظة النطق بالحكم، خارج السرب، ولم يخف المراسل ولا المذيعة فى الاستوديو فرحتهما بالحكم، ولأجد نفسى أشاركهما الفرحة ذاتها، رغم كل الغيوم والتحديات التى تحيط بنا هذه الأيام.

التعليقات