تساقط أوراق التوت الأوروبية فى غزة - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:45 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تساقط أوراق التوت الأوروبية فى غزة

نشر فى : الإثنين 16 أكتوبر 2023 - 6:30 م | آخر تحديث : الإثنين 16 أكتوبر 2023 - 6:53 م

هل هو بداية تراجع فى المواقف، أم تجميل لوجه قبيح أظهره الأوروبيون والأمريكيون بتشجيعهم السافر لإسرائيل للانتقام عقب هزيمتها المذلة على يد المقاومة الفلسطينية صبيحة السابع من أكتوبر 2023؟!
فبعد تصريحات احتوت على التأييد غير المشروط لتل أبيب، ودعمها بكل «شكل ولون»، بدأت الأصوات الأوروبية الرسمية تخفف من لهجتها قليلا، وظهرت كلمات من نوع «الرد العادل» وضرورة احترام إسرائيل للقانون الدولى والقانون الإنسانى فى الحروب.
انتظر الغرب حتى دمرت إسرائيل مئات المنازل على رءوس عشرات آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء، ومقتل نحو 3 آلاف مدنى، قبل أن نسمع من الاتحاد الأوروبى بضع كلمات عجاف عن ضرورة منع المزيد من التصعيد، وتجنب «التصعيد الإقليمى»، وتذكر الاتحاد الذى يضم 27 دولة، «التأكيد على أهمية توفير مساعدة إنسانية عاجلة» لسكان قطاع عزة، واستعداده «لمواصلة دعم المدنيين الذين هم بأمسّ الحاجة لذلك (...)، بالتنسيق مع شركائنا».
موقف الاتحاد الأوروبى الذى منعت العديد من دوله التظاهرات المنددة بقتل الفلسطينيين، وحصارهم وتجويعهم، تصدره تحميل مسئولية ما جرى على عاتق المقاومة الفلسطينية وحركة حماس، وتجاهل سنوات العذاب الطويلة التى عانى خلالها الفلسطينيون على مدى تجاوز الـ 75 عاما، من آلاف عمليات القتل والتنكيل وذبح المدنيين، فقط انحاز الاتحاد الأوروبى للقاتل على حساب الضحية، وذرا للرماد فى العيون يعرض تقديم بضع لقيمات للضحايا المحاصرين!!.
سقطت ورقة التوت الدبلوماسية، والغلالة الحريرية التى كانت تخفى عورة الأوروبيين فى السنوات الماضية، وها هى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تعلن لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن أوروبا تقف «إلى جانب» إسرائيل التى تملك «حق الدفاع عن نفسها» وهو ذات الموقف الذى عبرت عنه وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا التى زارت إسرائيل ضمن جولة فى المنطقة.
كولونا وعقب الإدانات التى خرجت عن المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان للقصف الوحشى للسكان المدنيين فى غزة، وتهجيرهم قسرا، وهو ما يندرج تحت جرائم الحرب والإبادة الجماعية فى القانون الدولى، طالبت الإسرائيليين بالرد «بحزم» وذبح الفلسطينيين ولكن بصورة عادلة، تحترم «القانون الإنسانى وحماية المدنيين من سكان غزة».
قيم الثورة الفرنسية التى دعت لـ «الحرية والمساواة» تتحول على يد الحكومة الفرنسية الآن إلى حرية المحتل فى قتل الأبرياء، والتنكيل بالضعفاء وتقديم المعلومات الاستخباراتية الفرنسية للإسرائيليين!
الموقف الألمانى ربما لن يختلف كثيرا عن الفرنسى، فإلى جانب الانحياز الواضح لتل أبيب، طالبت وزيرة الخارجية الألمانية التى جاءت إلى المنطقة على استحياء، وزارت القاهرة فيما يشبه الصمت، إسرائيل بأن تولى «أكبر قدر من المراعاة» للوضع الإنسانى فى غزة وكفى الألمان شر إغضاب تل أبيب!.
طبعا لن نتحدث عن البريطانيين أصحاب الجريمة الكبرى بحق الفلسطينيين منذ وعد بلفور عام 1917، ومناصرة الإسرائيليين فى كل المحطات والمواقف، بل ومباركتهم فى العديد من الحروب لقتل الفلسطينيين العزل، وتهجيرهم وتشتيتهم فى بلدان العالم المختلفة، بل وخوض الحرب عام 1956 ضد مصر بمشاركة فرنسا وإسرائيل، وهى الحرب التى انتهت بقطع «ذيل الأسد البريطانى» الذى يتسول الآن لقمة عيشه عقب مغادرة الاتحاد الأوروبى.
وأخيرا نأتى إلى وزير الخارجية الأمريكى الذى بدأت زيارته للمنطقة من إسرائيل ليكشف عن يهوديته التى جعلت منه وزيرا للخارجية الإسرائيلية وليس للولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن يسمع فى العديد من العواصم العربية ما لا يرضيه، وخاصة فى القاهرة، التى ألقمته حجرا على لسان الرئيس السيسى بشأن المعاملة الحسنة لليهود من العرب والمسلمين على مر التاريخ وسوء معاملتهم فى أوروبا، وما تفعله إسرائيل من عقاب جماعى للفلسطينيين، فطأطأ أنتونى بلينكن الرأس، وبدأ يتحدث عن «العمل معًا لحل الأزمة وحماية المدنيين».
بلينكن الذى ظن أنه جاء ليملى على العرب ما يمكن أن يمرره من صفقات القرن أو «القرون» لتهجير سكان غزة إلى دول عربية، وهو ما قوبل برفض حاسم، وحازم، أصيب بخيبة أمل أعقبها تحذيرات من رئيسه جو بايدن إسرائيل من خطورة احتلال القطاع الفلسطينى؛ لأنه سيكون «خطأ كبيرا»، لأنه يعلم جيدا ما ينتظر قوات الاحتلال من جحيم.

التعليقات